مقال/ محمد حقص
جميعنا نعلم بأن هناك مؤسسة تعليميا مختصة بالفئة ذوي الإعاقة الذهنية، لكن لا ندري كيف يتم عملها وما أهميتها وما الدور المجتمعي الذي تقدمه هذه المؤسسة، إلى أن فرضة علينا اليوم زيارة عمل، برفقة مدير عام مدينة المكلا العميد حسين هاشم الحامد، ومدير عام مكتب وزارة الأوقاف الشيخ أحمد السعدي ومدير عام مكتب الشؤون الاجتماعية الأستاذة أوسان باحسين، لنتفاجأ بحجم الجهود الغير متوقعة والمغيّبة الذي يبذلها الكادر هناك.
تعد مؤسسة حضرموت للتوحد، الواقعة بمدينة المكلا، مؤسسة خيرية غير ربحية تهتم برعاية وتدريب وتأهيل وتعليم الأطفال من ذوي الإعاقات الذهنية وتشمل في تأهيلها أهالي وأمهات ذوي الأطفال المستهدفين، حيث تأسست في عام 2012م بجهوداً ذاتية بسيطة، شملت في بداياتها رعاية 50 طفلا من ذوي الإعاقات (التوحد – الدوان – الضمور – صعوبة التعليم).
عند زيارتنا اليوم تفاجئنا بجهودا عظيمة، يبدلها الكادر التدريبي والتعليمي هناك، وكيف كانت بداية البعض منهم، حيث أن أبرز الكوادر هناك لديهم أبناء من هذه الفئة، عملو بشكل تطوعي في بداياتهم، مقابل قبول أبنائهم في المؤسسة، نظرا لشحة الامكانيات، وعدم وجود كوادر تدريبية وفصول تعليمية، إلى أن توسعت الجهود اليوم ليصبح عدد الأطفال داخل المؤسسة 210 طفل، وبقاء العشرات أن لم يكن المئات من الأطفال قيد الانتظار.
ما أحزنني في هذه الزيارة هي الأمكانيات الشحيحة، والمباني الضيقة والفصول القليلة، حيث يتم قسم الصف إلى قسمين ليشمل أكبر عدد من الأقسام المتخصصة، لدرجة استغلال حتى درج الصعود كفصود للتدريب..!
ناهيك عن وجود أكثر من 100 طفل قيد الانتظار في قسم التوحد، لايوجد لهم خانات تعليمية بالمؤسسة، بالإضافة إلى العديد أيضا في قائمة الانتظار لقسم الضمور، وقسم متلازمة دوان وكذلك قسم صعوبات التعليم من ينتظر الفرصة لإلحاق أبنائهم بهذه المؤسسة ولكن لا توجد الإمكانية.
هناك فئة مجتمعية لا تنال حقوقها المطلوبة، وسيكون من الاجرام أن نهمّش جيلاً معينا من الطفولة، وأن لم يتم تمكين الأطفال من ذوي الإعاقة للقيام بدورهم الفعال، ودمجهم في المجتمع، وتوفير لهم التدريب والتعليم المطلوب، من خلال برامج التأهيل المتكاملة والدعم الأكاديمي والدمج المجتمعي، في هذه الفترة التي حددتها المؤسسة من سن (10-3).. فكيف سيكون مصير هذه الفئة مستقبلا.؟؟
المؤسسة اليوم مرتكزة في الأساس على جهود فردية وخاصة، وجهات ممولة، قد لاتكون مستدامة، لكن يكمن لها الفضل الكبير بعد الله سبحانه وتعالى، في الخروج بمنجزات لا نبالغ إذا وصفناها بالجبارة، مع هذه الامكانيات الضئيلة، حيث تخرج من هذه المؤسسة منذ نشأتها 30 طالب وتم دمجهم مع الأطفال في المدارس العامة، وتجهيز 7 آخرين سيتم تخريجهم في الأيام القادمة، وبذلك يعود الفضل بعد الله في ذلك إلى الجهود الذي يبدلها الكادر الإداري والتدريبي في المؤسسة وكذلك الجهات الخاصة الداعمة، والتي اعتمدت كذلك العديد من المشاريع التي تصب في عملية الرفع من وتيرة الجهد ومواصلة الإنجاز.
وفي الأخير أحيي طاقم العمل وكلي فخر بهذه الكوكبة من الإداريين والمدربين والمعلمين لما رأيناه اليوم من أعمال تشرح لها الصدور، وتثلج لها القلوب، فإذا أردنا أن ننعت أحدا بالوطن فهؤلاء هم الوطن، وبهكذا جهود يكبر الأمل، ويعم الوأم، دمتم فخراً لنا وأن نسيكم كل الوطن فلن ننسا لكم عمل.