نداء حضرموت ـ الشرق الاوسط
في الوقت الذي تواصل فيه الميليشيات الحوثية إخفاء الحقائق المتعلقة بعدد الإصابات والوفيات جراء تفشي «كوفيد – 19» المستجد لا تزال الأمراض الوبائية وعلى رأسها مرض «الجرب» تشكل تهديدا حقيقيا لحياة اليمنيين، خصوصا مع استمرار نقل العدوى عبر مقاتلين في الجماعة عادوا من جبهات عدة إلى منازلهم وقراهم.
وفي هذا السياق كشفت مصادر طبية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن تفش واسع لـ«الجرب» في معظم الجبهات الحوثية، وتحدثت عن إصابة المئات إن لم يكونوا بالآلاف بينهم قيادات، ونتيجة لارتفاع أعداد المصابين تسبب ذلك في فرار أعداد كبيرة من مقاتلي الجماعة خلال الفترة القليلة الماضية.
على الصعيد نفسه اعترفت مصادر طبية خاضعة للجماعة في صنعاء أن عدوى الجرب استفحلت بشكل واسع في أوساط أسر ومقاتلي الميليشيات، لجهة أنه مرض معد ويسهل انتقاله من شخص لآخر عن طريق التلامس الجلدي أو بشكل غير مباشر عن طريق مشاركة الملابس والفرش وغيرها من الأمتعة المستخدمة من قبل المصاب.
وبهدف التخفيف من حدة توسع الإصابات بهذه العدوى بمناطق سيطرة الحوثيين، دعت المصادر الطبية كافة الأسر المغرر بها والتي خضعت سابقا لابتزازات الجماعة ورفدتها بمقاتلين من أبنائها إلى ضرورة اتخاذ وسائل وخطوات وقائية حال عودة ذويهم من جبهات القتال.
وشدد المصادر الطبية على أهمية أن تقوم الأسر بإخضاع العائدين من الجبهات للاغتسال جيدا بالماء والصابون وغسل كافة الأغراض من ملابس وفرش وغيرها بالماء الساخن وإعطائهم أدوية ومراهم لعلاج المرض قبل دخولهم للمنزل أو ملامستهم واستخدام أغراضهم، إلى جانب عرض كافة الأمتعة الخاصة بهم في أشعة الشمس لثلاثة أيام متتالية لقتل طفيل الجرب وبويضاته بصورة نهائية.
إلى ذلك أفاد مصدر طبي بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن «الجرب» لا يزال في توسع كبير في مناطق عدة تحت سيطرة الميليشيات الانقلابية، معبرا عن مخاوفه من أن يفتك هذا المرض وغيره من الأوبئة الأخرى بالآلاف من الأسر اليمنية خصوصا الأطفال والنساء.
وكشف المصدر عن أن القرى والمناطق التي اجتاحها مؤخرا مرض «الجرب» تقع في نطاق محافظات كل من: عمران، وحجة، وصنعاء، والعاصمة (مدينة صنعاء)، وذمار، وصعدة، مشيرا إلى أن السبب هو فرار المقاتلين الحوثيين المصابين به من الجبهات إلى منازلهم وقراهم.
واعتبر المصدر الطبي أن إصابة الكثير من المقاتلين الحوثيين بتلك العدوى يعود إلى مكوثهم الطويل في أماكن لا تتوافر فيها أدنى مقومات النظافة الشخصية والصحية.
وتتصدر محافظتا عمران وحجة المناطق التي تفشى فيها المرض، باعتبارهما تمثلان المخزون البشري الأكثر انخداعا بالفكر والمشروع الحوثي الطائفي نتيجة تقديمهم للآلاف من المقاتلين جلهم من الأطفال، تليهما محافظات صنعاء وصعدة وذمار.
وكانت منظمات دولية تعمل في المجال الإنساني اكتشفت بأوقات سابقة إصابات عدة بالجرب بمناطق يمنية. وأكدت منظمة «أطباء بلا حدود» قبل أعوام قليلة انتشار عدوى الجرب بمحافظة عمران رغم الجهود المبذولة لمواجهته. وأشارت حينها إلى أن حالات الجرب التي عالجتها بمناطق متفرقة من عمران كانت مرتفعة جدا. وقالت إن عدد المصابين بمناطق متفرقة من عمران وصلت خلال الخمسة الأشهر الأولى من العام 2016 إلى أكثر من 3 آلاف إصابة.
وكما سعت الميليشيات سابقا لإخفاء المعلومات الحقيقية لمصابي ووفيات فيروس «كورونا» بمناطق سيطرتها، تواصل ذات الجماعة اليوم اتباع نفس الأسلوب في التكتم وعدم الكشف عن الأعداد الحقيقية للمصابين بعدة أمراض وأوبئة فتاكة وخطيرة بهدف التهرب من مسؤولية مكافحتها والقضاء عليها.
وباستثناء ما تبثه على استحياء إذاعات الجماعة من برامج تحت اسم «الطب الوقائي»، والموجهة فقط صوب أسر مقاتليها دون غيرهم، حثت برامج الميليشيات عناصرها وأتباعها على اتباع خطوات قالت إنها احترازية تجنبهم الإصابة بالعدوى.
ومع توالي التحذيرات المحلية من استمرار انتشار الجرب وغيره من الأوبئة بمناطق الحوثيين، كشف ناشطون بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن أن عدوى «الجرب» عادت من جديد لتجتاح عددا من السجون التي تديرها الجماعة الحوثية بمناطق سيطرتها.
وبحسب ما أفاد به الناشطون، فإن السجناء طالبوا الجماعة بالتحرك لإنقاذ المئات منهم جراء تفشي الجرب في أوساطهم نتيجة عدم نظافة السجون وانعدام الرعاية الصحية لهم.
ويعد «الجرب» مرضا معديا وينتقل بسهولة عن طريق الاتصال المباشر بجلد الشخص المصاب لفترة طويلة، في حين يؤكد أخصائيون في «أطباء بلا حدود» أن علاج الجرب يتطلب مرحلتين، الأولى يتم فيها تقديم العلاج للمريض والأشخاص المحيطين به، والمرحلة الثانية هي تنظيف الملابس، والفرش الخاصة بالمريض والأشخاص المحيطين به، بماء تزيد درجة حرارته على 60 درجة مئوية، وتعريض الملابس للشمس لمدة 72 ساعة.
وعلى مدار سنوات الانقلاب الحوثية، عمدت الجماعة إلى قطع جميع الخدمات الصحية سواء الخدمات الأساسية أو الثانوية، مكتفية بنهب مقدرات الدولة ومواردها وتسخيرها لخدمة المجهود الحربي وزيادة أرصدة الجماعة وقياداتها.
وتؤكد تقارير محلية ودولية أن انتهاكات وجرائم الميليشيات أحدثت خلال الفترة الماضية انهيارا كبيرا في المنظومة الصحية والاعتداء المسلح على المستشفيات والتسلط على كل المساعدات الطبية والدوائية ومنع دخول المستلزمات الطبية والأدوية المنقذة للحياة خصوصاً لذوي الأمراض المزمنة، ما أسفر عن حرمان ملايين السكان من الرعاية الصحية الأساسية والإنسانية والغذائية.