بقلم / د.سعيد الجريري
كانت هناك شرعية تحتكر تمثيل الجنوب في أي مشاورات، فتختار أسماء متماهية مع مشروعها السياسي. حدث هذا في جنيف والكويت وستوكهولم، وكان الطرف المقابل للشرعية هو الحوثي.
منذ الآن لن تستطيع الشرعية المتآكلة أن تزيف مشروع الإرادة الشعبية الجنوبية الذي كانت تفتي عنه وهو غائب، عبر “متعهدين حسب الطلب”. منذ الآن، سيكون لمشروع لإرادة الشعبية ممثلوه، وبيدهم ملف مختلف منذ 94.
لقد خسرت تلك الشرعية الشمال كله تقريباً، ولم يبق لها من شرعيتها سوى نسبة 50% جلها من الجنوب. الفارق أن من يمثل المشروع السياسي الجنوبي يقف على الأرض، ولديه حاضنة شعبية، وقوة لا يستهان بها على الأرض، بينما شماليو الشرعية لا أرض تقلهم في الشمال والجنوب ولا سماء، ومهما يراهنوا على أن رفاقهم في ال 50% جنوباً، فإنهم لن يدركوا عنب صعدة ولا حنضل سيئون، وسيظلون غرباء، أو ضيوفاً ثقلاء، ينظر إليهم الشارع الجنوبي كجزء من تصفية تركة الرجل المريض، ولن يجدوا في نهاية المطاف من خيار سوى تسوية أمورهم علانية مع الحوثي، إن أرادوا وطناً يستقرون فيه ويحكمون. أما الجنوب فلن يكون وطناً بديلاً لهم، ولن يعاد إلى أي صيغة محلوم بها من صيغ إصلاح مسار وحدة شعبت موتاً، وكُفنت بالدماء والكراهيات المتبادلة.
هل ندرك المأزق الذي آلت إليه شرعية ضلت الطريق إلى عاصمتها خمس سنوات، وألقت بثقل تآمرها السياسي والعسكري والإعلامي على عاصمة أخرى كانت على الضد من إنتاج تلك الشرعية نفسها عام 2012؟
إذا شُكلت حكومة مثلاً بالمناصفة إياها، فهي حاملة في ذاتها أسباب تنافرها وصراعها، ولسوف تكون هناك جولات مواجهة سياسياً، وربما عسكرياً، لكن مع فارق أن الجنوب كان يخوض جولاته السابقة بلا شرعية، متمرداً، انقلابياً، وهو الآن يمتلك أكثر من نصف الشرعية، و على أرضه، مقابل شرعية بأقل من 50% بلا أرض ولا سماء.
هناك فرق، بالقراءة السياسية للمشهد، لكن ينبغي أن يستنفر الجنوب طاقاته ولا سيما الشعبية، ويرفع يقظته لاكتشاف محاولات الاختراق، لأن ما تبقى لخصوم مشروع الاستقلال هو استعمال أساليب العصابات، بعد أن أضاعوا بحماقاتهم عاصمتهم صنعاء، ثم النزل المؤقت (بمسمى عاصمة مؤقتة) في عدن، وليس لديهم خيارات مريحة، على أي حال.