د. سعيد الجريري
سقطرى عنوان السيادة الوطنية “وجهة نظر شمالية” يروّج لها للأسف كثير من الزملاء والزميلات ممن يحترقون جداً (!!!) على ما يسمونها السيادة الوطنية في أرخبيل سقطرى أكثر من تحمسهم لتخليص عاصمتهم صنعاء من جماعة كهف مران الفاتحها على النجدي لإيران، ولا يهمهم أن يكون للسقاطرة حرية وكرامة على جزيرتهم المنسية في أعماق المحيط، التي ظلت طوال 30 عاماً “ضيعة بحرية” يعيث فيها فساداً أتباع نظام رئيسهم عفاش وعائلته و ورعان ابن أخيه يحيى صالح، و أعوان مستشاره عبدالكريم الإرياني واستثماراته السياحية الطفيلية، بينما لا يجد مواطنو سقطرى المثخنون بالمعاناة والتهميش على أرضهم دواءً ولا ماءً ولا تعليماً ولا كهرباء ولا خدمات، ولا حياة آدمية، ولا شيء عن يمينهم أوشمالهم سوى جند “المحتل” الفظ القادم من الشمال وبعض ممن اضطرتهم الحاجة والفاقة إلى موالاته.
سلموا “الشيخ صادق” ويحاربون في “الشيخ سالم”
وجهة النظر هذه، من فرط تكرارها صدّقها مروجوها، وهم يعلمون زيفها وتهافتها، لذا فهم لا يرون أي جنوبي أو سقطري ثائر على زمنهم الأخجف سوى مرتزقة يخوضون معركة بالنيابة، من حيث يجدر بهم أن يوالوا شرعية مجرميهم، كعلي محسن، التي عاثت في الأرض فساداً وقتلاً ونهباً منذ 94 ، بدعاوى وطنية زائفة، وهي تلك الشرعية نفسها التي أشبعها الحوثي القادم من كهف مران، مرمطة وملاطيم و ركلاً ودعساً في عقر عاصمتها، وسلمته هي، بلا أدنى مقاومة تذكر ، قصر الرئاسة، ومجلس النواب، ومجلس الوزراء، والبنك المركزي، والأمن المركزي، والقومي، والسياسي، والحرس الجمهوري العائلي، والفرقة الأولى مدرع، والإذاعة والتلفزيون،وصحيفتي الثورة و 26 سبتمبر، وجامعتي صنعاء، والإيمان، والكلية الحربية، وكلية الشرطة، والمعهد العالي للقضاء، ومقبرة خزيمة، وباب اليمن، ووادي ظهر ، ودار الحجر ، وميدان السبعين، وجامع الصالح، و التحرير، والحصبة، و الدائري، وجولة كنتاكي، وحارة الرقاص، وقبائل الطوق، والشيخ صادق نفسه الذي لاذ بالنساء لحمايته ……….وهي – الشرعية- اليوم تفتعل معركة خاسرة جنوباً في “الشيخ سالم” على أمل أن تعيد احتلال “الشيخ عثمان” و”الشيخ إسحاق”وعدن العاصمة الجنوبية العصية!
المتحول سياسياً رمزاً للسيادة الوطنية!
وجهة النظر هذه، لا تريد أن تعترف أن الجنوب قد غيّّر فعلاً المعادلة العسكرية، ولم تعد هدفاً يسعى إليه، وأن جيلاً فتياً يشكل الآن ألوية قواته المسلحة الجنوبية ( التي يسمونها مليشيات مدعومة إماراتياً )، بعد أن كانت الهيمنة العسكرية المطلقة هناك يمنية شمالية، وكان الجنوبيون ينامون، على أرضهم، ويصحون على وقع أقدام جنود أغراب أعداء بكل ما للكلمة من معنى، لا وظيفة لهم سوى القمع والنهب والتهريب والترهيب والملاحقة وإطلاق الرصاص الحي على كل ذي رأي أو محتج. ليس هذا سراً، فمنذ 2007 والهدف الجنوبي المعلن هو إعادة الدولة والسيادة والحرية والقرار والأرض التي استلبتها عصابة 7 يوليو والمتواطئون معها من الجنوبيين، كالرئيس الدمية المتوافق عليه شمالاً، لا لعبقريته، وإنما لكي يرهن لهم الجنوب سياسياً، أو كالمتحول سياسياً أحمد بن دغر الذي يرونه الآن رجل السيادة والوطنية، وهو من كان ذراع عفاش الأيمن، ومعه كتفاً بكتف، وفماً بأذن، في ميدان السبعين، إبان قمع تظاهرات (شباب فبراير) ومن انضم إليهم من مجاميع (حيا بهم حيا بهم)، في الساحات، يا سبحان الله!
انتحال مسميات جنوبية للتضليل
لأصحاب وجهة النظر تلك، أقول: لا تقلقوا على سقطرى فهي تتحرر من زمن هيمنة صنعاء، ويتنفس مواطنوها الآن نسائم الحرية والانتماء، ولا خوف على بيئتها الطبيعية النادرة التي تتباكون عليها، فليس على الأرض من هو أكثر عبثاً بالأرض والإنسان والهواء والهوية ممن لم يذد عن عاصمته، ويحارب الآن في المكان الخطأ بالسلاح أو بالمقالات والتغريدات كتغريدة الإخونجي عبدالله صعتر أدناه التي تشبه مقالات أكبر يساري منهم، لأغراض لا صلة لها بالوطنيات ولا الوعظيات الثورية التي يسخر منها أطفال سقطرى والجنوب من أقاصى المهرة شرقاً إلى أقاصي جزيرة ميون غرباً.
ومن عجب أن يروجوا لمثل هذه الرؤية في مواقع وقنوات تنتحل المسمى الجنوبي للتضليل الإعلامي، لتمرير محتوى شمالي ضد كل ما هو جنوبي حر غير دائر في فلك تلك (الوطنية) الزائفة، واصفة الجنوبي بالأداة اللاوطنية الرخيصة (!!!)، كموقع (المهرة بوست) الذي من أبرز كتابه ياسين التميمي وكمال البعداني، وما أدراك ما ياسين وما البعداني! أو (قناة المهرية) التي يديرها من تركيا مختار الرحبي أحد (ورعان) شرعية بقايا عفاش التي لم يُخلق مثلها في البلاد.
انتظروا القيامة لتستأنف اليمنية رحلاتها
من يخبر أولئك الزملاء والزميلات، من أجل ما تبقى من ود، أن وحدة 1990 إياها قد شبعت موتاً في الجنوب، وانفضّ مجلس العزاء وطيّرت الرياح كل الخيام، ولن تبعث إلا يوم القيامة ليستعيد العميد يحيى صالح أراضيه على شواطئها، وتستأنف “اليمنية” رحلاتها لنقل أفواج عبدالكريم الإرياني السياحية وأشياء أخرى؟
اتحادية لكن مع دلافين حديبو
صنعاء تتعفن منذ 2014 تحت إبط سيد كهف مران السلالي الإمامي الذي لا صلة له بالجمهورية والدولة المدنية القديمة والحديثة، ويعبث بها كما يشاء، فهل هم جادون في تحريرها منه والدفاع عن أي مشروع لمستقبل أجيالهم، أم أن الجنوب (أو سقطرى) هي الجمهورية والوحدة والديمقراطية والدولة المدنية الحديثة واليمن الاتحادي لكن مع الدلافين في بحر حديبو؟!