سجلت تقارير صحية صادرة من مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، ارتفاع عدد حالات الإصابة بوبائي السل والكوليرا خلال العام الماضي، وسط مخاوف من تصاعد حالات الإصابة وتجاهل متعمد من قبل السلطات الصحية المختطفة من قبل الميليشيات المدعومة من إيران.
وأوضح تقرير صحي صادر عن البرنامج الوطني لمكافحة السل والأمراض المعدية في صنعاء، أن فرق الترصد الوبائي تمكنت خلال العام الماضي فقط من تسجيل نحو 10 آلاف و500 حالة مصابة بمرض السل في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثي. لافتا إلى أن هناك تصاعدل مخيفا بالمرض مقارنة مع العام 2014 الذي سجل نحو 8 آلاف حالة على مستوى كافة المحافظات اليمنية.
ووفقاًُ للتقرير فإن معدل الإصابة بمرض السل في مناطقهم يقدر بـ48 حالة جديدة لكل مائة ألف من السكان. مشيرا إلى أن عدد الوفيات بمرض السل يتصاعد من معدل 6 أشخاص لكل 100 ألف شخص إلى 9 أشخاص لكل 100 ألف شخص من السكان.
وكشفت مصادر عاملة في البرنامج الوطني لمكافحة السل بصنعاء، أن البرنامج عجز عن تقديم الخدمات الطبية والتشخيصية والعلاجية لنحو 40 ألف مريض بالسل نتيجة لضعف الدعم ونهبه من قبل قيادات حوثية مسيطرة على وزارة الصحة. مشيرة إلى أن تعطيل خدمات البرنامج ونهب المساعدات المقدمة من منظمات دولية وأممية فاقم من معاناة المرضى ودفعت بنحو 3600 إلى النزوح والفرار من جحيم المعاناة إلى خارج مناطق سيطرة الحوثيين من أجل الحصول على خدمات علاجية عاجلة. ناهيك عن نزوح الكثيرين من الحالات المصابة والتي أدت إلى انتشار المرض وتطور المقاومة للأدوية.
وأشارت المصادر إلى أن 2720 مريضل بالسل حرموا من التشخيص والعلاج بأدوية الخط الثاني، في حين تم معالجة 36 ألفاً و470 حالة بأدوية الخط الأول الفترة 2020- 2022م.
من جانبها أعلنت منظمة الصحة العالمية، قبل أيام، تسجيل أكثر من ألف حالة إصابة بمرض الكوليرا في اليمن منذ بداية العام الجديد 2023م.
وأوضحت المنظمة التابعة للأمم المتحدة في تقرير حديث لها حول تفشي الكوليرا في 23 بلداً حول العالم، أنها تلقت بلاغات بوجود 1724 من حالات الكوليرا الإيجابية المشتبه بها والمؤكدة بالمختبر في اليمن، وذلك خلال الفترة من 1 يناير وحتى الـ12 من مارس 2023.
وأشارت المنظمة الأممية أنه تم الإبلاغ عن 3 حالات وفاة، خلال نفس الفترة، مؤكدة أن معدل الإصابة بالمرض يصل إلى 6 حالات من بين 100 ألف شخص.
وحذرت المنظمة من إمكانية زيادة أعداد المصابين بهذا المرض في الأشهر القادمة، خاصة في البلدان التي تواجه أزمات إنسانية معقدة وآثار تغير المناخ مع نظم صحية هشة، ومن بينها اليمن.
ويواجه القطاع الصحي الخاضع لسيطرة الحوثي في المناطق غير المحررة أوضاعا صعبة، جراء انهيار المنظومة الصحية بسبب تدمير البنية التحتية ونهب الميزانيات والدعم المخصص للمرافق والمنشآت الصحية. وكذا عرقلة الميليشيات الحوثية لحملات الوقاية والتطعيم ضد أمراض خطيرة، بينها كورونا والدفتيريا وشلل الأطفال والحصبة.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية، أن أكثر من 20 مليون شخص في اليمن باتوا يحتاجون إلى مساعدات صحية عاجلة، داعية المجتمع الدولي لدعم القطاع الطبي المتدهور في اليمن.
وقالت المنظمة في بيان لها، إنه “لا يزال النظام الصحي في البلاد قاصرًا عن تلبية احتياجات السكان، مع وجود 54٪ من المرافق الصحية تعمل بكامل طاقتها فقط، في حين أن 46٪ منها تعمل جزئيًا أو خارج الخدمة كليًا”. مضيفة: “لا يمكن للعالم أن يستمر في تجاهل اليمن، ندعو إلى دعم دولي موسع ومستدام للأنظمة الصحية والعاملين الصحيين الشجعان في الخطوط الأمامية”.
ونقل البيان عن المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط الدكتور أحمد المنظري، قوله: “لقد شاهدت بنفسي معاناة ومرض وموت المدنيين الأبرياء المحاصرين في هذه الأزمة عندما زرت البلاد”. مضيفا: “هدفنا النهائي هو بناء مستقبل أكثر أمانًا وصحة لجميع اليمنيين، ومع ذلك، لا يمكن تحقيق الصحة بدون سلام”، مشدداً: “السلام ممكن وهو الحل الوحيد، لكنه يحتاج إلى التزام الجميع”.
وأشار البيان إلى أن المرافق الصحية المنهكة بالكاد توفر الخدمات الأساسية لأنها تكافح مع نقص الموظفين والأموال والكهرباء والأدوية والإمدادات والمعدات الطبية. مناشدا المانحين تقديم 392 مليون دولار أمريكي للوصول إلى 12.9 مليون شخص بالمساعدات الصحية الأساسية في عام 2023.