محليات

التغيرات المناخية تزيد من مخاطر الصراع في البلاد

على الرغم من أن شح المياه في اليمن يعد مشكلة معقدة لها أسباب متعددة، إلا أن تغير المناخ أدى – ولا يزال – إلى تفاقم المشكلة؛ بل وساهم أيضاً في شح الغذاء بدرجة شديدة وفي المجاعة التي شهدتها جميع أنحاء البلاد. وفق ما أكده تقرير دولي حديث عن تغير المناخ والصراع في اليمن.
وحذر التقرير الصادر عن مركز «مدنيون في ظل الصراع» من أنه وبالإضافة إلى التهديد الذي تشكله التغيرات المناخية على قدرة اليمنيين على الوصول إلى المياه والغذاء، فإنها تهدد أيضاً بتفاقم النزاع وإثارة نزاعات مستقبلية بسبب التنافس على الموارد والهجرة، وهي تهديدات حذر منها الأمين العام للأمم المتحدة في عام 2020.
ووفق المركز فإن العلماء يناقشون التهديد الذي يشكله تغير المناخ في اليمن منذ عقود. بوصفها واحداً من أكثر البلدان فقراً بالمياه في العالم، ولأن هذا البلد معرض لخطر الجفاف التام، مما سيترك سكانه البالغ عددهم 30 مليون نسمة دون مياه، حيث نشر البنك الدولي عام 2020 ورقة توقع فيها استنفاد احتياطيات المياه الجوفية في اليمن بين عامي 2030 و2040، وفي نفس العام، نشرت مؤسسة القرن تقريراً جاء فيه أنه حتى مع احتدام الحرب، فإن «الأزمة البيئية في اليمن هي أكبر خطر على مستقبلها».
وحسب التقرير فإن تغير المناخ، إلى جانب الضرر الذي ألحقه النزاع المسلح الحالي في اليمن فإنه أثر على البيئة والموارد الحيوية وساهم في شح الموارد والهجرة القسرية في جميع أنحاء البلاد. كما أدت هذه الآثار بدورها، إلى زيادة تهديدات الحماية والتوترات بين مختلف المجتمعات على الموارد واندلاع العنف والنزاعات المحلية. وقال إنه في ظل عدم وجود حلول مستدامة وطويلة الأمد للتخفيف من آثار كل من تغير المناخ وتدمير البيئة، يواجه سكان اليمن مخاطر كبيرة في المضي قدماً، سواء في قدرتهم على الحصول على الموارد اللازمة للبقاء على قيد الحياة، أو في احتمال استمرار النزاع في المستقبل على شح الموارد المتزايد.
وذكر التقرير أن السنوات الثماني الأخيرة ضاعفت من النزاع من آثار تغير المناخ على الأراضي والمياه والغذاء من خلال تدهور الخدمات الحكومية الأساسية والهجمات المباشرة على الأراضي الزراعية ومصادر المياه وزرع الألغام الأرضية عبر مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية وكذلك بالقرب من مصادر المياه وداخلها.
سوء إدارة الموارد
ونبه التقرير إلى أن سوء إدارة الموارد ظل يمثل مشكلة لعقود عديدة في اليمن، حيث بدأ قبل اندلاع النزاع بوقت طويل، غير أنه تفاقم بسبب النزاع. أدى انهيار المؤسسات الحكومية بسبب عدم دفع الرواتب منذ بداية الحرب – بالإضافة إلى الآثار الأوسع للحرب – إلى إغلاق العديد من الكيانات الحكومية تماماً، أو العمل بالحد الأدنى من الموارد.
من جهتها أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن اليمن يواجه أكبر أزمة إنسانية في جميع أنحاء العالم، حيث يعتمد أكثر من 80 في المائة من سكانه على المساعدات الإنسانية. وإنها تتعاون مع الحكومة النمساوية لتأمين وصول اليمن إلى مياه الشرب والغذاء والصرف الصحي، فضلاً عن توفير الرعاية الصحية للنازحين داخلياً. على الرغم من المخاطر الأمنية الكبيرة وصعوبة أداء هذا العمل، تواصل المنظمة تقديم الدعم الإنساني وتقديم الإغاثة الطارئة الحيوية.
آثار
وقالت إن أزمة المناخ تركت آثاراً واضحة في اليمن وشرق أفريقيا، وساهمت في حدوث كوارث إنسانية. فالطقس الجاف وسنوات من الجفاف المستمر والهجرة الريفية والحروب الناجمة عن ندرة الموارد تؤدي إلى آلاف القتلى، والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والجوع.
وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تخصيص 4 ملايين يورو لليمن لتقديم مساعدات طارئة لتغطية الاحتياجات الأساسية للنازحين داخلياً واللاجئين بالقرب من وطنهم. إذ إن هذه المنطقة وقعت منذ سنوات في دوامة هبوط لا تنتهي أبداً، والوضع الإنساني مأساوي بنفس القدر، كما أن الحرب في أوكرانيا تؤدي إلى تفاقم هذا الوضع القاسي.

إلى الأعلى