محليات

التصعيد جنوباً .. انتقام حوثي لرفض الانتقالي تقديم التنازلات لتمديد الهدنة

صعّد الحوثيون من هجماتهم على عدد من الجبهات في جنوب اليمن في ما بدا ردّا على موقف المجلس الانتقالي الجنوبي الحاسم داخل مجلس القيادة الرئاسي برفض تقديم المزيد من التنازلات للجماعة الموالية لإيران.

وشن الحوثيون مساء الأحد هجوما على جبهة كرش بمحافظة لحج (جنوب اليمن)، بعد هجمات مماثلة شنتها الجماعة طوال الفترة الماضية على جبهات يافع ومكيراس، بالتوازي مع استهداف مواقع اقتصادية في محافظتي حضرموت وشبوة باستخدام الطائرات المسيرة.

ويسعى الحوثيون لتوجيه رسائل للقوى الجنوبية وفي مقدمتها المجلس الانتقالي عن قدرتهم على استهداف مواقع عسكرية واقتصادية في المحافظات الجنوبية المحررة في حال استمر الموقف المناهض لتقديم تنازلات جديدة داخل مجلس القيادة الرئاسي، والدفع باتجاه استئناف خيار الحسم العسكري الذي يتزعمه عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وأبوزرعة المحرمي قائد قوات العمالقة الجنوبية داخل المجلس الرئاسي.

وتتناغم الهجمات الحوثية مع الخطاب الإعلامي الذي ينتهجه إخوان اليمن وبعض القوى السياسية التي تتخذ موقفا عدائيا تجاه بعض المكونات الجنوبية المطالبة بانفصال الجنوب، وهو ما يشير إلى سعي الحوثي لكسب ولاء جزء من الشارع في الشمال المناهض للانقلاب، على قاعدة الحفاظ على الوحدة اليمنية.

وحول قراءته لدلالات الهجوم الحوثي على الجبهات الجنوبية، قال رئيس مركز فنار لبحوث السياسيات عزت مصطفى إن جماعة الحوثي تتصرف بطريقة هستيرية نتيجة سقوط رهاناتها على الهدنة، إذ كانت تأمل أن استمرارها في ابتزاز المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بشروط تعجيزية سيدفعه إلى الضغط على الحكومة الشرعية لتلبيتها كخطوة لإضافة شروط تعجيزية أخرى لاحقا، وهو التكتيك الذي دأبت عليه مع المبعوثين الذين سبقوا غروندبرغ.

وأشار مصطفى في تصريحات لـ”العرب” إلى أن جماعة الحوثي تحاول اليوم إثبات أن بإمكانها تنفيذ تهديداتها ومنها استهداف ميناء الضبة مثلا، لافتا إلى أن التصعيد البري باتجاه الجنوب وكذلك إرسال مسيرات باتجاه شبوة ومناطق أخرى هو تلويح منها بإعادة العملية السياسية إلى نقطة الصفر.

وأضاف رئيس مركز فنار “هذه رسائل موجهة لرعاة التسوية السياسية وكذلك موجهة للداخل نحو الطرف الذي تعتقد ميليشيا الحوثي أنه كان سببا داخل مجلس القيادة الرئاسي في إحباط مناورتها التفاوضية الأخيرة التي استخدمتها في الساعات الأخيرة قبل انتهاء الهدنة وسبق أن كانت مجدية معها ظنا من الرعاة أن التماشي مع المطالب الحوثية سيقود إلى إنهاء الحرب وهو ما ثبت عدم صحته طوال السنوات الماضية، وكما أن التصعيد باتجاه الجنوب يبدو من الناحية السياسية ردا حوثيا انتقاميا، إلا أنه من الناحية العسكرية يأتي كإسناد للجماعات الإرهابية التي استغلت القوات المسلحة الجنوبية فترة الهدنة للقيام بعمليات مكافحتها في أكثر من منطقة”.

وتابع مصطفى “على خلاف المراحل السابقة من الحرب وجولات التسوية السياسية تبدو جماعة الحوثي أمام مأزق احتراق أوراق لعبها القديمة مع انعدام البدائل، وقد دخلت في هذا المأزق بقبول الحكومة الشرعية والتحالف العربي بتجديد الهدنة لمرة ثالثة ورفض الحوثيين للتجديد، وتزداد هذه الهستيريا الحوثية مع التزام الشرعية والتحالف بعدم التصعيد وإحراج الميليشيا المدعومة إيرانيا أكثر، ويشتد هذا المأزق عليها كلما حاولت الدفع باتجاه التلويح بتفجير الموقف وهو أمر تتحاشاه ولا تستطيع التراجع عنه”.

واعتبر الباحث العسكري اليمني العقيد وضاح العوبلي أن التصعيد الحوثي الأخير في الجبهات الجنوبية تحديداً، يمثل نوعاً من أنواع التخادم الممتد بين الجماعة وبين تنظيم القاعدة الإرهابي، الذي تخوض ضده القوات الجنوبية معارك اجتثاث في معاقله الأساسية بمحافظتي أبين وشبوة.

وأشار العوبلي في تصريحات لـ”العرب” إلى أنه “في الوقت الذي تتجه فيه القوات الجنوبية لحسم المعركة ضد الإرهاب والإرهابيين، تحاول الميليشيات الحوثية إرباك الوضع وشن هجمات على جبهات يافع والضالع وكرش”، لافتا إلى أنه يمكن فهم هذا التصعيد بأنه يأتي ضمن خطوات حوثية لانتزاع مواقف معينة من الطرف الجنوبي باعتباره الطرف الأبرز المطالب بحسم المعركة ضد الحوثيين، كما أن التصعيد الأخير للحوثيين على هذه الجبهات دون غيرها يعيد إلى الواجهة مسألة التجاذب والصراع بين القوى المنضوية تحت مظلة مجلس القيادة الرئاسي.

ويأتي التصعيد الحوثي جنوبا في الوقت الذي تشهد فيه محافظة الجوف (شمال) تقاربا بين الحوثيين والإخوان برز على شكل اعتصام قبلي تشارك فيه قيادات حوثية وإخوانية للمطالبة بإعادة محافظ الجوف المقال أمين العكيمي ورفض القرار الرئاسي بتعيين حسين العواضي بديلا له.

وقالت مصادر يمنية مطلعة إن معظم المشاركين في ما تسمى بـ”مطارح دهم” التي تطالب بعودة محافظ الجوف السابق وتتمرد على قرارات المجلس الرئاسي، هم من المحسوبين على الحوثي وبعض مشرفيه في الجوف، مشيرة إلى أن المحافظ السابق العكيمي هو من يقف خلف هذا التزاوج بين أجندة الإخوان والحوثيين في الجوف والذي يختفي تحت عباءة قبلية.

وتعرضت قوات تابعة لحرس الحدود اليمني في وقت سابق لهجوم مسلح من قبل أحد أقارب العكيمي الذي عينه قائدا لأحد المحاور العسكرية الوهمية، الأمر الذي تسبب في سقوط قتلى وجرحى ممّن كانوا في طريقهم لاستلام رواتبهم.

وقالت المصادر إن هذا الوضع الشائك الذي تشهده محافظة الجوف سبقته تصريحات عديدة وغير منضبطة للعكيمي يهاجم فيها التحالف العربي على طريقة النسخة الشبيهة به في المهرة علي سالم الحريزي.

وكشفت معلومات استخباراتية في وقت سابق عن تورط أحد أشقاء العكيمي الذين يقيمون في دولة مجاورة في عمليات منظمة لتسهيل تهريب الأسلحة للحوثيين قبل سقوط الجوف، مستغلا منصب شقيقه أمين كمحافظ وقائد لمحور الجوف العسكري.

إلى الأعلى