تدق المنظمات الحقوقية ناقوس الخطر حول ممارسة الحوثيين المفرطة لاستخدام القوة ضد المدنيين العزل، في محافظة الحديدة، غربي اليمن.
وينتقد الحقوقيون في اليمن، توحش وإرهاب الحوثيين ضد سكان الحديدة، ويلقون باللوم أيضا على البعثة الأممية في المدينة، إذ -بحسبهم- “ما كان ذلك ليحدث لولا التراخي الأممي وشرعنة الجرائم لمليشيات الحوثي وغض الطرف وعدم إدانة الاعتقالات الجماعية ونهب أرض المدنيين وإجهاض أعمال نزع الألغام التي تحصد الأرواح يوميا بشكل مخيف”.
ويقول مراقبون إن “التوحش الحوثي وصل ذروته، اليومين الماضين عندما عادت المليشيات لنهب أملاك وأراضي قبيلة الزرانيق، وشن اعتقالات جماعية لرجالها وشبابها وأطفالها، بعد أيام من هجوم مماثل على بلدة القصرة؛ بالتزامن مع دق ناقوس الخطر بشأن الأرقام المفزعة لضحايا الألغام خلال أيام”.
نهب واعتقالات وقوة مفرطة
وتفاجأ أبناء قبيلة الزرانيق التهامية بحملة عسكرية جديدة لمليشيات الحوثي، استهدفت هذه المرة 3 بلدات ريفية في الجهة الجنوبية الغربية من مديرية بيت الفقيه، في الريف الجنوبي للحديدة، المشمولة باتفاق ستكهولم، المدعوم من الأمم المتحدة، وبعثتها الدولية.
وقالت مصادر حقوقية ومحلية لـ”العين الإخبارية”، إن القيادي في مليشيات الحوثي “أبو عاطف” قاد أكثر من 15 دورية مدججة بالأسلحة، ترافقها آليات لجرف أراض زراعية، وذلك لدى اجتياح البلدات الريفية التابعة لقبيلة الزرانيق التهامية، الواقعة في بيت الفقيه.
وبحسب المصادر فإن مليشيات الحوثي شرعت رسميا في نهب أراضي بطون قبيلة الزرانيق؛ حيث عمدت إلى تدمير حواجز ترابية كانت تحدد ممتلكات الأسر الزرنوقية، في بلدات “المواهيب” و”المشاهير” و”القباصية” وسعت لإعادة تخطيطها مجددا كأملاك خاصة بالمليشيات.
وذكرت المصادر ذاتها أن عديد المواطنين ردوا بالاعتراض، وهددوا بالانتفاضة، عقب بسط مليشيات الحوثي بقوة السلاح على أراضيهم، قبل أن يقدم الانقلابيون لشن حملة اعتقالات جماعية طالت أكثر من 30 مواطنا.
وتأتي الحملة الحوثية عقب أيام من مقتل وإصابة واعتقال عدد من المدنيين، خلال حملة مسلحة لمليشيات الحوثي على قرى “القصرة” بمديرية بيت الفقيه، جنوبي الحديدة، استهدفت السطو بالقوة المفرطة على أراضٍ ومزارع خصبة يمتلكها الأهالي بمستندات قانونية.
ووصلت أعداد المعتقلين خلال الهجمة الأولى والحملة الثانية إلى 80 معتقلا -وفقا للمصادر- فيما فرضت مليشيات الحوثي تكتما شديدا على أعداد القتلى، بعد قمعها بالسلاح المتوسط والثقيل انتفاضة للأهالي في بلدات “القصرة” في بيت الفقيه، بعدما نهبت منها مساحات شاسعة من الأراضي وأعادت تخطيطها من جديد.
الحديدة أكبر حقل ألغام
بالتزامن مع الحملة العسكرية للحوثيين في بيت الفقيه، ضاعفت ألغام مليشيات الحوثي التي زرعتها لعرقلة تقدم القوات اليمنية المشتركة من مأساة أبناء الحديدة، بعد أن فتكت بأجساد نحو 20 مدنيا خلال 3 أيام فقط.
وأمس الإثنين، وقع انفجاران خلال ساعات في مكانين منفصلين بسبب الألغام، في بلدتي “الطفسه بالدنين” و”شعب بني زهير” في مديرية حيس جنوبي محافظة الحديدة، المصنف بأنها تضم أكبر حقول الألغام على مستوى اليمن.
ونجم عن الحادثتين سقوط قتيل على الأقل، وإصابة 3 آخرين بينهما طفل، فضلا عن تدمير مركبة (قلاب) وآلية جرافة مدنية، وفقا لبيانات منفصلة للمركز الإعلامي لقوات العمالقة.
وذكر البيان أن مركبة (قلاب) كانت تسير قبل انفجار لغم حوثي بأحد طرقات شعب بني زهير ما أدى لمقتل مدني وإصابة اثنين أحدهما طفل، وذلك بعد ساعات من انفجار لغم آخر بمواطن أثناء عمله في حراثة أرضه الزراعية في حيس بالحديدة، مما أدى إلى إصابته وإعطاب الحراثة.
وفي الأيام الثلاثة الماضية وحدها، سقط أكثر من 16 مدني بينهم طفل، وأصيب 12 طفلاً آخرين، بانفجارات منفصلة لألغام مليشيات الحوثي في مديريات “الحالي” و”حيس” و”بيت الفقيه”.
وقال مصدر حقوقي لـ”العين الإخبارية”، إن أعداد القتلى بصفوف المدنيين ارتفع مؤخرا، بعد رفض مليشيات الحوثي نزع الألغام العشوائية، التي زرعتها جنوبي الحديدة، وفشل الأمم المتحدة في الضغط الفاعل على المليشيات، لإجبارها على مكافحة الألغام لحماية أرواح المدنيين.
إدانة خجولة
ومنذ توقيع اتفاق ستوكهولم في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2018، وتوقف العمليات العسكرية للقوات اليمنية المشتركة، دخلت المحافظة تحت مظلة رقابة بعثة الأمم المتحدة، لكن هذه البعثة عجزت عن كبح حملات الحوثي في الأحياء والقرى، كما لم تستطع القيام بأدنى واجباتها الرئيسية، ومنها حماية المدنيين من بطش المليشيات.
ففي موقف تجاهل جرائم نهب الأراضي، -يقول المتضررون- خرجت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة في إدانة خجولة، لم ترقَ لمستوى توحش مليشيات الحوثي ضد المدنيين في المحافظة الخاضعة لما سموه “السلام الوهمي”.
وأصدرت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) بيانا قالت فيه: “تُعرب بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة عن قلقها البالغ إزاء استمرار الوفيات والإصابات بين صفوف المدنيين في الحُديدة بسبب الذخائر المتفجرة”.
وقالت إنه “منذ تغيير الخطوط الأمامية في 12 نوفمبر 2021 ، تم الإبلاغ عن وقوع 242 ضحية مدنية في الحُديدة من بينها (101) قتيل، جراء ذلك و (141) آخرين أصيبوا بسبب الألغام الأرضية والمتفجرات الأخرى من مخلفات الحرب”.
ولاحظ مراقبون عدم إشارة البعثة الأممية للحوثي كطرف وقف خلف زراعة الألغام، كما استشهدت بتاريخ انسحاب القوات المشتركة بموجب اتفاق ستكهولم وبدلا أن تجبر المليشيات على الانسحاب المماثل، وإدانة اجتياحها للمناطق، اعتبرته متغيرا لاستمرار سقوط ضحايا الألغام، وهو مغالطة وتضلل فج، كما وصفها مصدر يمني لـ”العين الإخبارية”.
وكانت الأمم المتحدة أرفقت صورة قالت إنها من لوحة تحذيرية للألغام في ميناء الحديدة، وتظهر اللوحة بشكل مدمر ما يفضح تلغيم مليشيات الحوثي للميناء الحيوي الذي يعد أكبر شريان للسكان في مناطق الانقلابيين.
ونوهت إلى أنه “يتعين اتخاذ جميع التدابير لضمان سلامة أكثر الفئات ضعفاً في الحُديدة ، ولا سيما النساء والأطفال، الذين ما برحوا يتأثرون بنحو متباين بمخلفات الحرب الخطيرة والعشوائية هذه”، دون الإشارة لألغام الحوثي.
وأكدت التزامها بدعم الأطراف وتوفير التنسيق والدعم الفني للأعمال المتعلقة بالألغام، بما في ذلك دعم التوعية بمخاطر الألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب، وهو ما يستغله الحوثيون في نهب الدعم ورفض نزع أي ألغام.
يشار إلى أن تحرك البعثة الأممية لازال محصورا في شوارع محدودة في مدينة الحديدة، فيما يعمل الحوثيون في أرياف المحافظة على تكثيف نفوذ النظام الإيراني، على الأرض وتحقيق مصالحها المتنوعة على حساب المدنيين.