محليات

الهدنة.. حسابات أممية وامريكية خاصة للحرص على تمديدها

يرجح متابعون أن تقدم الحكومة المعترف بها دوليا على تنازلات جديدة لتمديد الهدنة الأممية في اليمن، استجابة لضغوط أميركية وأوروبية تهدف إلى منع انهيار الهدنة القائمة التي تنتهي في مطلع أكتوبر القادم، مع إعلاء الحوثيين لسقف شروطهم.

وقالت مصادر مطلعة إن زيارات قام بها المبعوثان الأممي والأميركي إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في مقر إقامته بالرياض، ولقاءات مماثلة أجراها سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي مع العليمي، أسفرت عن انتزاع موافقة جديدة من المجلس الرئاسي للسماح بدخول المزيد من المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة.

واعتبر وكيل وزارة الإعلام اليمنية أسامة الشرمي في تصريح لـ”العرب” أن المساعي الأممية المبذولة لتمديد الهدنة أو توسيعها في اليمن لا تتعدى الخطاب الإعلامي.

وأضاف الشرمي “الكثير من الجهود الدولية والأممية تقفز على حقيقة أن الهدنة المؤقتة لم تنجح في الأساس وأن الضحايا من الجانبين تتجاوز أعدادهم نسبياً مراحل الحرب السابقة، وأن الخروقات تصل إلى المئات في اليوم الواحد من قبل جماعة الحوثي”.

وتابع “الوضع القائم حالياً يكرس حقيقة اللادولة ويقسم الشعب ويجعل اليمنيين رهائن بيد إيران تستخدمهم كورقة للتفاوض على برنامجها النووي، وأن قيام الحوثيين بإطلاق الصواريخ البالستية على أحياء في مأرب وتعز والحديدة يجعل من تمديد الهدنة خطيئة لا يجب أن تتكرر”.

واعتبر محمد الولص بحيبح، رئيس مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية، أن الهدنة الأممية لا تعدو كونها تهدئة مؤقتة، وأنها لم تفلح خلال أكثر من خمسة أشهر في خلق المناخ اللازم للسلام.

وقال بحيبح، في تصريحات لـ”العرب”، “أصبحت الهدنة توصف دبلوماسياً على المستوى الدولي بالهشة، والحقيقة أن الحوثيين أفرغوا الهدنة من مضمونها وهو تحسين المناخ العام للسلام والبدء بخطوات أكثر جدية مثل بناء الثقة بين الأطراف”. ورأى أن تمديد الهدنة سيكون عملا شاقا وصعبا.

ودعا مجلس الأمن الدولي الاثنين، في أعقاب إحاطة قدمها المبعوث الأممي إلى اليمن، الأطراف اليمنية إلى تكثيف المفاوضات للاتفاق على هدنة موسعة يمكن ترجمتها إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وجدد المجلس دعوته للحوثيين “العودة إلى المفاوضات وفتح طرق تعز الرئيسة فورا”، وأدان جميع الهجمات التي هددت بعرقلة الهدنة بما فيها تلك التي شنها الحوثيون على تعز في الآونة الأخيرة، كما أدان العرض العسكري للميليشيات في الحديدة، في حين أكد مجلس التعاون الخليجي الاثنين، على لسان أمينه العام نايف فلاح مبارك الحجرف، دعمه لكافة الجهود المبذولة لتعزيز الأمن في اليمن، في لقاء جمع الحجرف مع المبعوث الأميركي إلى اليمن تيموثي ليندركينغ.

وقال ليندركينغ، في تصريحات صحفية خلال زيارته إلى الرياض، “إن واشنطن ملتزمة بتوسيع الهدنة بحلول الثاني من أكتوبر المقبل”، مشيراً إلى أن ذلك يستدعي من جماعة الحوثي التحلي بـ”المرونة” وتقديم التنازلات.

ويرى الباحث السياسي اليمني سعيد بكران أن المؤشرات كلها تصب في سياق تمديد الهدنة، في علاقة بالتقاطعات والتوازنات والحاجة الإقليمية إليها ولاسيما حاجة المحور الإيراني.

واستدرك بكران قائلا “لكن تمديد الهدنة لا يعني وقف الحرب، بل هو فترة انتظار لترتيب الأوراق لدى جميع الأطراف سواء المحلية أو الإقليمية والدولية”.

وشهدت الفترة الماضية ازديادا ملحوظا في وتيرة النشاط الدولي والأممي المتعلق بالملف اليمني، وشمل هذا الحراك زيارة قام بها المبعوث الأممي إلى طهران، إلى جانب لقاءات استضافتها العاصمة العمانية مسقط، بهدف دفع الحوثيين إلى تقديم تنازلات لتمديد الهدنة.

وقابل الحوثيون الحرص الدولي على منع انهيار الهدنة بتقديم المزيد من الاشتراطات التي أعلنها رئيس وفد التفاوض الحوثي من طهران، عقب لقاءات ضمته مع مسؤولين إيرانيين.

ورهن محمد عبدالسلام موافقة جماعته على الهدنة بفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة بشكل كامل وإلزام الحكومة الشرعية بدفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها.

وربط الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر، في تصريحات لـ”العرب”، ازدياد وتيرة الحراك الدولي والأميركي لتمديد الهدنة بملفات خارجية، من بينها الرغبة في تأجيل الحرب إلى حين الانتهاء من الانتخابات نصف التجديدية الأميركية والحرب الروسية – الأوكرانية.

إلى الأعلى