نداء حضرموت – استطلاع مريم بارحمه
نحتفي بالذكرى ال 51 لتأسيس جيش دولة الجنوب 1971م، الجيش الذي كان من أقوى وأعرق الجيوش العربية برا وبحرا وجوا، ليس بالعتاد العسكري فقط وإنما بالسمات التي رافقت تركيبه وامتاز بها، فكان يتملك كفاءات وخبرات عسكرية مخلصة تتميز بحب الوطن وشعارها الوطن للجميع، وكان الجيش الجنوبي له هيبته ومكانته ومصدر فخر للجنوب والجنوبيين ولكن للأسف كافة المؤسسات الأمنية والعسكرية تم تدميرها تدمير ممنهج، وتسريح كوادرها وكفاءتها قسرًا بطريقة ممنهجة ومدروسة بعد حرب صيف 1994م.
فكيف يمكن عودة مكانة وهيبة جيش دولة الجنوب؟ وكيف يمكن الاستفادة من الخبرات والكفاءات العسكرية التي تم تسريحها قسرًا من أعمالها؟ وما الخطوات الصحيحة لتأسيس جيش جنوبي قوي؟ وما رسالة القيادات العسكرية إلى القيادات السياسية بهذه المناسبة ؟
-ذكرى الـتأسيس فخر للجنوبيين
كانت لنا عدة لقاءات مع قيادات عسكرية مخضرمة البداية مع العميد أحمد صالح علي العربي، عضو الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي لمعرفة كيف يمكن عودة مكانة وهيبة جيش الجنوب يقول :” في واحد سبتمبر 1971م تأسس جيش الجنوب وأصبحت ذكرى تأسيسه فخرا لكل جنوبي”، موضحًا أن تشكيل جيش الجنوب سابقاً بدأ بكتائب عسكرية وتطور إلى ألوية ومحاور عسكرية، ويصنف جيش الجنوب إلى ثلاثة أصناف عسكرية هي: القوات البرية والقوات الجوية والقوات البحرية وبعد إنشاء وتأسيس الكلية العسكرية والمدارس والمعاهد التعليمية، تخرجت منها الكوادر العسكرية الجنوبية بمهارات وخبرات عالية وذهب البعض بعثات إلى الخارج في أكاديميات عسكرية وأصبح جيش الجنوب جيشاً نظامياً ووطنياً واحترافياً بامتياز وكانت تحكمه العقيدة العسكرية المستمدة من الأنظمة والقوانين واللوائح العسكرية التي يحتكم لها كل منتسبي القوات المسلحة الجنوبية أفراد وصف وضباط وقادة، وكل الكوادر العسكرية وتحتكم تلك الوحدات العسكرية أوامر رئيس هيئة الأركان العامة ودوائرها العسكرية”.
-هيبة الجيش من هيبة الدولة
بينما يقول العميد ركن علي عبدالله سعيد، عميد متقاعد :” في البدء أهنئ القيادة السياسية وعلى رأسها فخامة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي بهذه المناسبة العظيمة” ، مضيفا:” عند الحديث عن أي موضوع تحليلًا أو معلوماتية يتركز في الأساس على عاملين رئيسين هما: شاهد عين، أو قال الراوي، من الصعب جدًا التكهن بعودة ومكانة جيش الجنوب القديم. فهناك جملة من المتغيرات والأحداث التي عاشها الجنوب وبالذات بعد حرب صيف 1994م، ومن أبرزها طبيعة النظام؛ لأن هيبة الجيش صفة ملازمة لهيبة الدولة، بمعني في حال استعادة الدولة الجنوبية المنشودة أي دولة مدنية حديثة تقوم على أساس التوزيع العادل للثروة والوظيفة العامة والمساواة أمام القانون يأتي في المقام الأول”.
ويتابع العميد ركن علي عبدالله: “تركيبة جيش الجنوب وأساسها الوطني من مختلف الشرائح الاجتماعية، والضرورة تكمن مقومات وأسس العقيدة القتالية التي يترتب عليها مزايا الروح المعنوية للمقاتلين مثلا: جيش الجنوب، مميز عن غيره من جيوش المنطقة ليس من حيث العتاد العسكري ابدًا، بل من حيث السمات الفريدة التي رافقت التكوين: الشرائح الاجتماعية، عدالة القضية التي يدافع عنها، التدريب العالي، الملكات والقدرات التي تتمتع بها قياداته، الانضباط الواعي، والضبط والربط العسكري، والولاء لله ثم الوطن. يعني تتوقف عودة هيبة الجيش الجديد انطلاقا من هيبة الدولة”.
-أسس عودة المكانة والهيبة
ويرى العميد العربي أن عودة مكانة وهيبة جيش الجنوب يتطلب:
أولاً: تشكيل وانشاء رئيسة هيئة الأركان العامة ودوائرها العسكرية وتقسيم الجيش إلى ثلاث أصناف عسكرية البرية والجوية والبحرية وإلى مناطق عسكرية ومحاور وألوية.
ثانيًا: إعادة فتح الكلية العسكرية والمدارس والمعاهد التعليمية لتأهيل الكادر العسكري بالمهارات والخبرات العسكرية والفكرية.
ثالثًا: دمج الجيش الحالي وإعادة تشكيله على مختلف صنوف القوات المسلحة الجنوبية ويظل جيشاً وطنيًا بعيداً عن المناطقية التي بني بها جيشنا اليوم ما بعد عام 2015م.
-التركيبة القيادية
بالنسبة للاستفادة من الخبرات والكفاءات العسكرية السابقة يقول العميد علي عبدالله :” من الطبيعي العلوم العسكرية لم تأتي في قوالب جاهزة بل مرت خلال منعطفات ومراحل وهي بطبيعة الحال عملية تراكمية، فجيش الجنوب السابق لدية قدرات علمية وملاكات غير عادية؛ لأن التركيبة القيادية تقوم على أساس الخبرة زائد الشهادة العلمية تساوي الكفاءة إذا هناك قيمة علمية قتالية موروثة للجيش الجنوبي ستشكل بدايات موضوعية للحركة المعرفية والمفاهيم العملياتية النمطية”، مشيرا إلى: لو اخدنا طبيعة المعركة الحديثة المشتركة وانفصالها التدريجي من المعركة أو الحرب التقليدية ستظهر المراحل الانتقالية للأجيال المتعاقبة، كل جيل يبدأ أساسه من الجيل السابق وفي تقديري الشخصي يجب الاستفادة من الموروث الرائع الذي يمتلكه جيش الجنوب السابق”.
-عودة جيش الجنوب
ويضيف العميد العربي:” يمكن الاستفادة من الخبرات والكفاءات العسكرية التي تم تسريحها بالتالي : يجب اتخاذ قرار بعودة ضباط القوات المسلحة الجنوبية وعودتها بمواصلة العمل العسكري وترتيب أوضاعهم خاصةً القادة أصحاب الخبرات والكفاءات العسكرية وتوزيعهم على مختلف صنوف القوات المسلحة الجنوبية وتأهيل القيادات العسكرية التي ظهرت ما بعد عام 2015م وابعاد الفاسدين”، موضحًا بالقول:” أي القادة الذي اتوا بدون تأهيل وخبرات عسكرية سابقة واستفادوا من حرب 2015م؛ لأن بعضهم أصبح السبب في الفساد العسكري الذي اضحى أكبر فساد يعانيه الجنوب هو فساد المؤسسة العسكرية المتمثل في نهب كل مستحقات الأفراد وخصم أكثر من نصف المرتبات”.
ويتابع العميد العربي:” أصبحت بعض القيادات يعتبرون أن اللواء أو الكتيبة هي مغنم ومكسب لهم، وإذا كنا نريد عودة جيش الجنوب يجب أن نؤمن ونلتزم بالقوانين واللوائح العسكرية والقسم الذي يؤديه الجندي عند دخوله، وتشكيل دائرة الرقابة والتفتيش، وتشكيل مجلس القضاء العسكري ونؤمن بفكر مبدأ الثواب والعقاب”.
-بناء جيش جنوبي احترافي
بينما يقول العميد ركن محمد سالم التومه القميشي أحد الكوادر الجنوبية التي تم تسريحها وبقائها في البيت يقول: ” الخطوات الصحيحة لبناء جيش جنوبي قوي: أولًا :العمل علي دمج جيش الجنوب الحالي الذي تم بنائه في فترة الحرب من المقاومة الجنوبية بمختلف تشكيلاته والقوات الجنوبية الجيش القديم وخاصة الضباط والجنود الذي لازال بمقدورهم مواصلة العمل واخضاعه بعد الدمج للتدريبات الميدانية على مختلف صنوف الأسلحة برية وبحرية وجوية وتربيتهم بعقيدة جنوبية وحب الوطن وتكثيف المناورات والمشاريع التكتيكية لبناء جيش جنوبي احترافي قادر علي حماية الجنوب بحدوده البرية والبحرية والجوية مستفيدين من خبرات الضباط والصف ضباط المخضرمين ونقل خبراتهم ومهاراتهم لكل افراد جيش الجنوب. والتركيز على التسليح المناسب وخاصه الأسلحة الروسية أو الصينية. وهذه المهمة تتطلب موازنات قوية وإرادة سياسية”.
-حقوق جيش الجنوب
ووجه العميد ركن محمد سالم التومه رسالة القيادات العسكرية إلى المجلس الانتقالي الجنوبي بمناسبة الذكري 51 للجيش الجنوبي السابق.
عبر فيه عن عميق شكره وتقديره للرئيس عيدروس قاسم الزبيدي، على الكلمة التي وجهها بهذه المناسبة والتي وعد من خلالها ببناء جيش جنوبي قوي، مضيفا: “الحقيقة هذه الكلمة تركت أثر بالغ لدي منتسبي جيش الجنوب الجديد والقديم ونأمل ان يتحقق مضمونها على الواقع”.
ويناشد رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي بالإسراع والإيفاء بحقوق جيش الجنوب السابق وخاصه انتظام المرتبات ودفع المرتبات السابقة؛ من أجل تحسين الوضع المعيشي لأسر الجيش نتيجة للوضع المعيشي الصعب الذي تمر به هذه الأسر.
ويأمل من الرئيس عيدروس أن يعمل وبأقصى سرعة على توحيد وانتظام المرتبات، توزيع الضباط المخضرمين والمؤهلين كل حسب تخصصه، مع مراعات توزيع نسب تكوين جيش الجنوب بالتساوي بين محافظات الجنوب باعتبار الجيش مؤسسة سيادية ومراعات خصوصية بعض المحافظات واخذ بالاعتبار المساحة والسكان والثروة، مضيفًا: “نسأل الله التوفيق للقيادة في انجاز هذه المهمة باعتبارها الركيزة الأساسية لدولة الجنوب المنشودة”.