برديس السياغي، فتاة يمنية، لا تجيد إلا فن الإلقاء، فأطلق عليها لقب «شاعرة»، عارضت ميليشيات الحوثي، فواجهتها بالترهيب عبر إطلاق الرصاص عليها وأصابتها برصاصة في الكتف، ثم كان عقابها الخطف في أغسطس 2019 بصنعاء، قدرها مثل سكان العاصمة أنها ولدت وعاشت فيها.
تعرضت السياغي لكل أنواع التعذيب، فقط كونها «صنعائية» بالأساس، فعندما قامت برفع دعوى ضد مسؤولين في ميليشيات الحوثي، اقتحموا منزلها وخطفوها وحاولوا قتلها بذبحها، وأصيبت بجرح كبير مازالت آثاره باقية حتى الآن، وعملوا خلال فترة الاعتقال على ترهيبها بالصواعق الكهربائية والصفع على الوجه والضرب على الرأس حتى تأثرت عينها اليمنى.
عانت برديس كثيرا داخل سجون الحوثي، كما تروي مأساتها لـ«الاتحاد»، من الاعتداء عليها بالسلاح الأبيض، بصمته باقية على جسدها شاهداً على الجريمة، أجبروها على التوقيع على أوراق إعدامها وظلت قرابة ثلاثة أشهر تحت الترهيب، ليضمنوا عدم عودتها مرة أخرى إلى صنعاء، وأخيرا نجت وسافرت إلى مصر.
وإذا كانت برديس لا تفكر في العودة مرة آخرى، إلا أنها لا تزال تعارض ميليشيات الحوثي الإرهابية من الخارج، ولا يشغلها إلا العمل على إعادة الأمن والأمان إلى صنعاء للعودة إليها بسلام بعيدا عن الميليشيات الإرهابية التي تجعل اليمنيين ينشغلون ويتوقعون أن رعباً أكثر من هذا ينتظرهم.
وتعتبر نورا الجروي رئيسة تحالف «نساء من أجل السلام» في اليمن أن جرائم «الحوثي» في التعامل مع المحتجزين «رجالا ونساء» تخالف مواثيق الأمم المتحدة، مستنكرة أن يتم الترهيب والخطف والقتل للنساء العزل من دون تحرك يدفع في اتجاه وقف هذه الانتهاكات المستمرة منذ سنوات.
وكشفت الجروي في تصريحات لـ«الاتحاد» عن أن هناك حالات ترهيب وخطف كثيرة لنساء يمنيات من قبل ميليشيات الحوثي تم توثيقها، بينما تستمر أساليبها في الانتهاكات بظل استمرار الهدنة وتمديدها برعاية أممية.
وحسب تقرير حقوقي أعده التحالف فإن عدد المعتقلات وصل إلى 1421 معتقلة، منهن 504 في السجن المركزي بصنعاء، و291 حالة إخفاء قسري في سجون سرية، و193 حالة صدرت ضدهن أحكام غير قانونية في اتهامات بـ«الجاسوسية» وغيرها، وأحكام بإعدام 6 نساء.
بالإضافة إلى 184 حالة اعتقال لعاملات في المجال الإغاثي والإنساني، إلى جانب 71 طفلاً جرى اعتقالهم مع أمهاتهم، مع استمرار الميليشيات الإرهابية في عنفها الممنهج ضد اليمنيات.
فوزية أحمد، نموذج آخر، لم يشفع لها عملها لمدة 18 عاماً كضابط في السجن المركزي بصنعاء، فحاولت ميليشيات فور سيطرتها عليه استقطابها وتجنيدها للحصول على معلومات خاصة، إلا أن رفضها فتح عليها «أبواب الجحيم».
تروي فوزية لـ«الاتحاد» أن «الأزمة بدأت مع تحويل ميليشيات الحوثي الجزء الخاص بالتعليم والتدريب للسجينات إلى سجن آخر، يضعن فيه المختفيات قسرياً، وعندما علمت أن سيدة تبحث عن ابنتها الموجودة فيه، أخبرتها بأن تبلغ النائب العام بالواقعة، وبعد البلاغ لم يتم التوصل للفتاة رغم وجودها، لأنها غير مسجلة بمصلحة السجون ومختفية قسرياً، وما أن علمت ميليشيات الحوثي أنني وراء إخبار السيدة بذلك، قاموا باحتجازي وترهيبي بكل الطرق، احتجزوني داخل مكتبي لمدة شهر».
في النهاية، اضطرت فوزية للتوقيع على اعترافات بأمور لم تقم بها، ومنها تهم فساد على غير الحقيقة وبخلاف قناعتها، فقط من أجل النجاة من الرعب الذي تجده من ميليشيات الحوثي التي أجبرتها على تدريب المشرفات التابعات لهم، قبل أن يسمحوا لها بالرحيل المشروط.
وحسب تقارير حقوقية محلية في اليمن فإن أنواع التعذيب التي تمارسها الميليشيات الانقلابية ضد اليمنيات تتنوع ما بين تقييد الأيدي إلى أعلى وإجبار المعتقلات على الوقوف على قدم واحدة فوق صفيح معدني، واعتماد سياسة تجويع أطفال المختطفات للضغط على الأمهات من دون رحمة لصغارهن.