نداء حضرموت-خاص
أحيى إعلان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ عن اتفاق الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وجماعة الحوثي على تكثيف الجهود لتحديد قوائم المحتجزين لدى الجانبين، آمالا بإغلاق ملف تبادل الأسرى بشكل نهائي، إلا أن مراقبين يشككون في التوصل إلى حل نهائي للملف وسط عقبات فشل الطرفان في تجاوزها منذ مارس الماضي.
ولا يزال ملف الأسرى بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين متعثرا رغم صفقات التبادل التي تمت في وقت سابق على فترات متباعدة. وتبدي الحكومة كما الحوثيين استعدادا للمضي قدما، فيما تبذل وساطات محلية ودولية جهودا كبيرة في هذا الاتجاه.
وبينما أحيت الهدنة وما رافقها من دعوات للسلام منذ أسابيع، آمال اليمنيين بوقف الحرب، ما تزال العديد من جوانب الاتفاقات المعلنة تنتظر الانتقال إلى التنفيذ، بينما يحبس اليمنيون أنفاسهم في انتظار الإعلان عن بدء تنفيذ صفقة مرتقبة لتبادل الأسرى والمعتقلين، تشمل أكثر من ألفي معتقل وأسير من مختلف الأطراف، بينهم سعوديون وسودانيون يعملون ضمن قوات التحالف.
وقال غروندبرغ في بيان الاثنين “اختتمت اللجنة الإشرافية لتنفيذ اتفاق إطلاق سراح المحتجزين وتبادلهم بين الأطراف في اليمن اجتماعها السادس في العاصمة الأردنية عمّان بعد 6 أيام من المشاورات لتحديد أسماء المحتجزين الذين سيتم الإفراج عنهم بناء على الأعداد التي تم الاتفاق عليها في مارس من العام الحالي”.
وأشار البيان إلى أن ”الأطراف (الحكومة وجماعة الحوثي) اتفقت على تكثيف الجهود لتحديد قوائم المحتجزين بشكل نهائي، وتوحيدها من قبل جميع الأطراف في أقرب وقت ممكن”.
وذكر البيان أن ”الأطراف اتفقت كذلك على إنشاء لجنة مشتركة بينها لدعم عملية التحقق من هوية أسماء المحتجزين المدرجة في القوائم”.
وأعرب المبعوث عن أسفه “لعدم اتفاق الأطراف على إطلاق سراح المحتجزين في هذا الوقت، مما سيؤدي إلى تحمّل المحتجزين وعائلاتهم المزيد من المعاناة والانتظار وقتا أطول حتى يتم لمّ شملهم”.
وتقلل مصادر يمنية من الأهمية السياسية لاتّفاق تبادل الأسرى المحتمل، مستبعدة أن يكون له أي أثر في الدفع بجهود السلام التي تراوح مكانها منذ فترة طويلة.
وتضيف المصادر أن إطلاق سراح المئات من القادة الميدانيين والمقاتلين الحوثيين بموجب صفقة التبادل المحتملة يمثل رافدا جديدا للحوثيين لدعم جبهات القتال، كما سيشجعهم على إطلاق موجة جديدة من حملات الاعتقال العشوائي بحق معارضيهم بهدف المساومة عليهم في صفقات قادمة.
ويتهم عضو الوفد الحكومي المفاوض في فريق الأسرى ماجد فضائل الحوثيين بعدم الالتزام باتفاق الهدنة، ويقول إنه “لم يتم فتح منافذ ومعابر تعز ولا أيضا توقفت الحرب في مأرب”، ومع ذلك يشدد على أنه “متفائل باستمرار الهدنة رغم الخروقات”.
وبشأن اتفاق تبادل الأسرى المحتمل يقول فضائل إنه جاء نظير جهود سابقة لعامين، ويضيف “منذ بدء كورونا ونحن في اجتماعات مباشرة عبر الزووم أو مع مكتب المبعوث بشكل منفرد وأيضا مع ميليشيا الحوثي بشكل أو بآخر”، حيث “تمخضت هذه الجهود بالاتفاق” على إطلاق سراح 2223 أسيرا، في حين “تبقى عدد لا بأس به من الأسرى والمختطفين”.
وما يزال الملف يواجه الكثير من التعقيدات، حيث يظل الآلاف رهن الاحتجاز، وسط اتهامات متبادلة بشأن عرقلة التوصل إلى تقدم شامل لحل هذا الملف.
وسبق أن أعربت الحكومة اليمنية أكثر من مرة عن رغبتها في تبادل جميع الأسرى مع الحوثيين على مبدأ “تسليم الكل مقابل الكل”، وهو موقف شدد عليه الحوثيون أيضا في أكثر من تصريح رسمي لمسؤولي الجماعة الموالية لإيران.
ومن بين العوائق التي أدت إلى عرقلة حل هذا الملف بشكل كامل هو تسليم هذا الطرف أو ذاك كشوفات لأسماء أسرى يقول الطرف الآخر إنهم غير موجودين لديه.
واتهمت الحكومة جماعة الحوثي بأنها قدمت كشوفات وهمية لأسرى غير موجودين في الواقع، وهو الاتهام نفسه الذي وجهه الحوثيون للحكومة، ما أدى إلى عرقلة التقدم في حل الملف الإنساني الشائك.
وكشفت مصادر يمنية وجود القيادي البارز في الحزب التجمع اليمني للإصلاح محمد قحطان ضمن الصفقة المرتقبة، وناصر منصور شقيق الرئيس اليمني، ووزير دفاعه السابق محمود الصبيحي، واثنين من أقارب الرئيس الراحل علي عبدالله صالح.
ومن المرتقب، بحسب مصادر الطرفين، أن يتم خلال الأسبوع الجاري تبادل القوائم من الجانبين لأسماء المفرج عنهم، دون تحديد موعد لبدء تنفيذ الاتفاق الذي تتخوف الحكومة الشرعية من تراجع الحوثيين عن إتمامه.
وإذا نُفذ الاتفاق، ولم ينقلب عليه الحوثيون كما فعلوا مرارا، فسيكون ذلك إنجازا للدفعة الثانية من عملية التبادل، قد تتبعها دفعات جديدة من المفرج عنهم.
وسبق أن نجحت صفقات تبادل أسرى متعددة بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي في عدة جبهات خلال السنوات الماضية، الكثير منها شمل عددا يسيرا من المحتجزين.
كما سبق أن تم تنفيذ العشرات من الوقفات الاحتجاجية المطالبة بضرورة الإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين، معظمها نظمتها رابطة أمهات المختطفين (أهلية).
ويعد ملف الأسرى من أهم الملفات التي تفاوض عليها طرفا النزاع اليمني في محطات من المشاورات التي رعتها الأمم المتحدة على مدى ست سنوات.
ومن بين هذه المشاورات مفاوضات الكويت عام 2016، ومفاوضات السويد عام 2018، إضافة إلى عدة جولات انعقدت خلال السنوات الماضية في العاصمة الأردنية عمّان برعاية من الأمم المتحدة.
وأدت سنوات من الحرب المستمرة في اليمن إلى وقوع الآلاف في دائرة الأسر أو الاحتجاز، بعضهم مدنيون تم اعتقالهم لأسباب سياسية.
ولا توجد حتى الآن إحصائية رسمية دقيقة بخصوص عدد الأسرى حاليا، لكن الحكومة والجماعة قدمتا كشوفات تضم نحو 16 ألف أسير من الطرفين، وذلك في مشاورات السويد بين الجانبين نهاية العام 2018.
وبعد هذا التاريخ وقع عدد قد يكون كبيرا في قائمة الأسر لدى الطرفين، فيما تم الإفراج عن البعض الآخر خلال المرحلة الماضية، لكن لم يتم الإعلان الرسمي عن تحديث لقوائم الأسرى.
وتم تنفيذ أكبر صفقة تبادل أسرى بين القوات الحكومية والحوثيين في أكتوبر 2020 بوساطة من قبل الأمم المتحدة والصليب الأحمر.
وبناء على الصفقة تم إطلاق سراح 1056 أسيرا من الجانبين من بينهم 15 سعوديا و4 سودانيين، وجاءت هذه الصفقة بناء على اتفاق ستوكهولم بين الحكومة اليمنية والحوثيين نهاية 2018.
وكان من المقرر أن يتم إطلاق سراح جميع الأسرى على دفعات بناء على هذا الاتفاق، لكن لم يتم إطلاق سوى هذه الدفعة وسط اتهامات متبادلة بشأن عرقلة التقدم في الملف.