نداء حضرموت – العرب
تسبب هجوم مفاجئ لتنظيم القاعدة بمحافظة الضالع (شمال عدن)، الجمعة، في مقتل قائدين بارزين من قوات الحزام الأمني المحسوبة على المجلس الانتقالي الجنوبي، وجرح عدد من الجنود.
ووفقا لمصادر محلية في الضالع، التي تعد معقلا استراتيجيا للمجلس الانتقالي وخزانا بشريا لقواته الأمنية والعسكرية، هاجم مسلحون يعتقد انتماؤهم إلى القاعدة، مقر قوات الحزام الأمني في منطقة “حكولة” بالضالع، الأمر الذي أسفر عن مقتل نائب قوات الحزام الأمني بالمحافظة النقيب وليد الضامي، وقائد قوات مكافحة الإرهاب العقيد محمد الشوبجي، وأحد الجنود، فيما لقي المهاجمون الثمانية مصرعهم.
وجاء الهجوم الإرهابي الذي يعد الأول من نوعه في الضالع، في أعقاب تقارير إعلامية واستخبارية تحدثت عن بروز مؤشرات على لجوء أطراف يمنية في مقدمتها الحوثيون وبعض القوى المتأثرة من تحولات ما بعد مشاورات الرياض، لتحريك ورقة الجماعات الإرهابية المسلحة في جنوب اليمن والمناطق المحررة للضغط على “المجلس الرئاسي اليمني” وإرباك مساعي ترتيب البيت الداخلي للشرعية.
وشهدت الأيام الماضية فرار عدد من السجناء المحسوبين على القاعدة من أحد السجون في شمال محافظة حضرموت التي تشرف عليها قوات شمالية كانت تدين بالولاء لنائب الرئيس اليمني المعزول علي محسن الأحمر. كما تحدثت تقارير عن إطلاق الميليشيات الحوثية لعشرات من عناصر تنظيمي القاعدة وداعش لتوجيههم نحو المناطق المحررة في إطار صفقة غير معلنة تهدف إلى زعزعة الأمن في المحافظات الجنوبية والتغطية على عمليات قد تنفذها شبكات وخلايا نائمة تابعة للحوثيين في تلك المحافظات.
وفي تصريح لـ”العرب” اعتبر يعقوب السفياني، مدير مكتب مركز سوث 24 للدراسات في عدن، الهجوم الذي قام به عناصر القاعدة هو الأول من نوعه في محافظة الضالع، حيث ظلت المحافظة بعيدة عن التنظيمات المتطرفة والمتشددة.
وقال السفياني إن الهجوم الذي استهدف أهم مقر أمني شمال مدينة الضالع، وأدى إلى مقتل قائدين أمنيين بارزين؛ لا ينفصل عن جملة الأحداث التي شهدها الجنوب مؤخراً مثل هروب عناصر القاعدة من سيئون وتفجير أنبوب الغاز في شبوة، بالإضافة إلى بيان القاعدة الذي سبق كل هذا وتزامن مع تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في اليمن.
وعن أهداف هذا الهجوم، تابع السفياني بالقول “أظن أن الهجوم في الضالع هدف بشكل رئيسي إلى إرسال رسالة تفيد بإعلان عودة القاعدة إلى المشهد، ولقد اختيرت المدينة نظراً إلى رمزيتها لدى المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الجنوبية ككل، وكونها تعتبر إحدى أبرز المناطق الحصينة أمام الحوثيين والتنظيمات المتطرفة”.
وعن ارتباط الهجوم في الضالع بالأجندة الحوثية أضاف “من الهم الإشارة إلى أن قائد الخلية التي هاجمت مقر الحزام الأمني بالضالع سليم المسنّ كان له ارتباط بالحوثيين وساعدهم في العام 2016 على دخول مدينة رداع، قبل أن تتهمه الجماعة بالجاسوسية كما أشيع وتسجنه في صنعاء لتطلق سراحه لاحقاً”.
ولفت السفياني إلى أن “مخطط إشاعة الفوضى في المحافظات المحررة بدأ منذ الوهلة الأولى لتشكيل المجلس الرئاسي، وكل ما يحدث يندرج في إطار التحدي الأمني الواضح الذي يواجهه المجلس، ولن يتوقف الأمر عند هذا الهجوم بل هو صافرة البداية”.
وبرزت ورقة تحريك القاعدة وداعش كأسلوب ممنهج في إدارة كفة الصراع اليمنية، فيما كشفت تقارير سابقة عن لجوء الحوثيين إلى تنفيذ عمليات اغتيالات وتفخيخ في المناطق التابعة للحكومة الشرعية تحت غطاء الجماعات الإرهابية وبنفس أسلوبها.
وأشار مراقبون إلى التقاء أجندات أطراف يمنية عديدة متضررة من التحولات المباغتة التي شهدها معسكر الشرعية وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي وهو ما سيعزز من تكثيف هذه الأطراف لعملياتها الهادفة لمحاصرة المجلس وإغراق المناطق الخاضعة لسلطته بالأزمات الأمنية والسياسية.
وفي تصريح لـ”العرب” أكد الباحث العسكري اليمني وضاح العوبلي أن الهجوم تمكن قراءته من اتجاهين اثنين: الأول يتمثل في أن هذا الاستهداف يأتي امتدادا لسلسلة من الاستهدافات التي نفذها تنظيم القاعدة ضد هذا الصنف من القوات، والتي دشنها بعمليات سابقة استهدفت قيادة وقوات الحزام الأمني في أبين على مدى الأشهر الماضية.
أما الاتجاه الثاني، فيشير إلى أن يكون “هذا الاستهداف بداية لعمليات قادمة ومتركزة على الضالع، تهدف من خلالها التنظيمات الإرهابية المتحالفة إلى إرغام قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي على سحب جزء من قواته المنتشرة في العاصمة عدن وتحويلها لتأمين محافظة الضالع باعتبارها مركز ثقل القوة السياسية والعسكرية للانتقالي، وكذلك عمود ارتكاز قاعدته الجماهيرية، ولهذا فإن أيّ مخطط لاستهداف العاصمة عدن يتطلب بالضرورة من التنظيمات المتطرفة أن تبدأ بمثل هذه العمليات في الضالع”.