نداء حضرموت – الشرق الأوسط
ارتفع عدد اليمنيين المختطَفين في سجون الميليشيات الحوثية في محافظتي إب والبيضاء إلى أكثر من 70 شخصاً، على خلفية كتابة شعارات على جدران بعض المنازل والمؤسسات تطالب برحيل الميليشيات، وذلك حسبما أفادت به مصادر محلية وتقارير حقوقية بالمحافظتين.
ومع بروز تلك الظاهرة في صنعاء، وتوسعها في أكثر من مكان تعبيراً عن سخط شعبي، كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الجماعة الانقلابية صعدت على مدى 7 أيام ماضية من أعمالها الانتقامية ضد سكان إب والبيضاء، وغيرهما من المناطق، تحت مبرر وقوفهم خلف كتابة شعارات مناوئة لها.
وذكرت المصادر أن الجماعة شنت خلال تلك الفترة حملات طالت عشرات السكان من مختلف الأعمار في عدة مديريات تتبع المحافظتين، وفق المبررات ذاتها التي تدعيها الميليشيات.
وفي محافظة إب (190 كيلومتراً جنوب صنعاء) تحدث مصدر محلي عن اختطاف الجماعة نحو 48 مواطناً من مختلف الأعمار في مركز المحافظة وبعض المديريات، وقال إن الميليشيات أفرجت لاحقاً عن 30 معتقلاً، بينهم شبان وأطفال بعد ساعات من اعتقالهم وإجبارهم على الاعتراف بالتهم المنسوبة إليهم، والضغط على أسرهم لدفع مبالغ مالية تحت مسمى «تأديبية»، في حين لا يزال نحو 18 معتقلاً آخرين يقبعون في سجون الجماعة.
وأشار المصدر إلى أن تصعيد الانقلابيين لاعتداءاتهم واعتقالهم للسكان في إب، جاء بعد انتشار عشرات الشعارات المناوئة للجماعة ولممارساتها العنصرية وسياسة النهب والتجويع والإفقار التي تنتهجها، في عدد من الشوارع بمركز محافظة إب، ومراكز بعض المديريات التابعة لها.
وأوضح أن آخر تلك الاعتداءات تمثلت باعتقال مسلحي الجماعة رجلاً مسناً و8 شبان وأطفال وفتاة في شارع العدين وفي مناطق السبل، وحراثة، والجبانة، والجائة، وجرافة، والمنصوب، الواقعة بنطاق مركز المحافظة، بعد ظهور عبارة «ارحل يا حوثي» على جدران منازلهم.
وبيَّن المصدر أن الانقلابيين تفاجؤوا بأن العبارات المكتوبة والرافضة لسياسات الفساد والقمع والانتهاك، تركز انتشارها على جدران وأسوار مباني المكاتب والمؤسسات الحكومية في إب، ومنها مكاتب التربية والتعليم والأوقاف والإرشاد والشباب والرياضة، وجامعة إب وجامعات خاصة أخرى، وعلى جدران عدد من المدارس والمشافي الحكومية والأهلية.
وبالانتقال إلى محافظة البيضاء (268 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) كشفت مصادر وتقارير محلية وحقوقية عن حملات مداهمة واعتداء واختطاف، شنها مسلحو الجماعة بحق مواطنين ووجهاء بعدة مديريات ومناطق بالمحافظة ذاتها، تحت حجة ظهور شعارات تعارض سياسات الجماعة.
وأشارت المصادر إلى قيام الميليشيات باختطاف قرابة 23 مواطناً، وإجراء عملية انتشار واسعة لدورياتها ومسلحيها بعدة أحياء وحارات، وفي بعض الطرقات والشوارع الرئيسية، كما نصبت نقاط تفتيش وفرضت حظر تجول استمر 3 أيام، من بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً، وهددت حينها باعتقال المخالفين لكل تلك التعليمات.
وتأتي تلك السلسلة من جرائم الإرهاب الحوثية التي لا حصر لها بحق اليمنيين، في وقت لا تزال فيه صنعاء ومدن أخرى تعيش حالة غليان شعبي غير مسبوقة، قد تنذر بانفجار وشيك في وجه الحوثيين، من جراء تصاعد الأزمات المفتعلة، وتفاقم الأوضاع المأساوية التي يقف خلفها قادة الميليشيات.
وكان قادة بارزون في الجماعة قد اعترفوا قبل فترة قصيرة عبر وسائل إعلام تابعة لهم بالخطر الذي يحدق بهم وبجماعتهم الانقلابية، من جراء تدهور الأوضاع المعيشية للناس، والتي ولَّدت غلياناً شعبياً ضدهم.
واعترف موالون للجماعة بأن ما يحدث في صنعاء ليس مجرد سخط؛ بل هو مقدمة لثورة، في حين قامت وسائل إعلام حوثية، في مقدمها قناة «المسيرة» بتخويف السكان من أن محاولة السخط وتثوير الشارع تعد من أعمال «الخيانة»، ومساندة الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها.
ولخَّص رجل أعمال قبل أيام الوضع في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «المدينة أصبحت أشبه بسجن كبير يضم الملايين، وكلما وُجد منفذ ليعيش منه الناس، عمل الحوثيون على إغلاقه، ولم يتركوا مجالاً لأي أحد من خارجهم ليعمل».
وأضاف: «حتى المشروعات التي تمولها المنظمات الدولية أصبحت حكراً على المقاولين الذين ينتمون إلى الجماعة، أو يرتبطون بعلاقة مصالح مع أحد القيادات. لم تعرف اليمن مثل هذا الطغيان؛ حيث أصبح أغلب الناس يتمنون الخروج من مناطق سيطرة الحوثيين».
ويتهم يمنيون الميليشيات بافتعال أزمة وقود خانقة في صنعاء، ما تسبب في شل الحركة في شوارع العاصمة المختطفة؛ حيث ارتفع سعر صفيحة البنزين عبوة 20 لتراً إلى ما يعادل 50 دولاراً للمرة الأولى في تاريخ البلاد. وفي حين تعمل بعض وسائل النقل باستخدام الغاز، رغم ارتفاع سعره إلى مستويات قياسية، تصاعدت شكاوى السائقين من أن الوقود في السوق السوداء مغشوش؛ حيث يتم خلطه بمواد كيماوية تتسبب في تعطيل محركات السيارات.
واتهمت مصادر الحكومية اليمنية الجماعة بحجز المئات من ناقلات الوقود القادمة من مأرب وحضرموت في مدينة الحزم مركز محافظة الجوف، رغم الأزمة الخانقة التي تعيشها العاصمة صنعاء؛ حيث تتكدس أكثر من 600 ناقلة محملة بالبنزين منذ عدة أسابيع، وتمنعها الميليشيات من العبور من دون معرفة الأسباب، سوى أنها تعمل على إنعاش السوق السوداء التي يديرها قادتها.