كتب / نصر هرهرة
قدم من سموا أنفسهم مفكري اليمن تحت إشراف الإخواني الفسيل مشروع رؤية سياسية لإصلاح ومعالجة وضع الشرعية اليمنية، وتصحيح علاقتها بالتحالف العربي، وتمكينها من حسم المعركة مع المليشيا الحوثية الانقلابية عسكرياً، وقالوا إنهم قدموها للتحالف العربي وكل القوى اليمنية، ومن خلال القراءة الأولى فإن هدفهم منها هو تبرئة الشرعية من الفساد والتآمر مع الحوثيين على التحالف وتسليم الأسلحة للحوثي التي سلمت لهم من التحالف، واستعادة ما أسموه هيبة الشرعية ومكانتها المتآكلة والمتهالكة، وبطريقة انتهازية يحاولون تحميل التحالف إخفاقات الشرعية للعلاقة معه، والإصلاح الذي ينشدوه هو تحويل الكيان الخامل الفاسد في فنادق الرياض إلى كيان سلطوي دكتاتوري على الجنوب.
هل علمنا يوماً أن فاسدا راقدا في فنادق سبعة نجوم يجري تحويله إلى نزيه وصادق ومحارب على الأرض وفرضه على القوى المناضلة على أرض الواقع التي حاربت وضحت وحررت أرضها بدلا من محاسبته ومعاقبته على جرائمه خلال ثمان سنوات، واستلهام الواقع وتطويره وفق آليات ونظم جديدة وقوى جديدة لها تأثير على الأرض تحمل تطلعات الحرية والاستقلال؟ وبدلاً من أن تطالبهم الرؤية بتعزيز الجبهات والقتال لهزيمة الحوثي واستعادة الدولة منه نراها تطالبهم بفرض سطوة وهيبة دولة في مكان آخر محرر يحكمه شعبه أي تبحث لهم عن وطن بديل لصنعاء اليمن لينتقلوا إليه من فنادق الرياض للسطو على أهله وموارده ويفسدون فيها كما أفسدوا في فنادق الرياض.
الأجدر بمثل هؤلاء الذي أطلقوا على أنفسهم مفكري اليمني أن يقدموا رؤية لاستعادة صنعاء وأن تنتقل القوات والقيادات إلى جبهات القتال لتخوض معركتها ضد الحوثي وتستعيد دولتها وتعيد بناءها في صنعاء والمناطق التي يعبث بها الحوثي.
السؤال الغريب في فكر هؤلاء أين يستعيدون هيبة الدولة وأرضهم محتلة من مليشيات الحوثي المدعومة من إيران وغرف نومهم بيد الحوثي؟
هل يمكن بناء دولة مهابة هذا حالها على من يريد فرض هيبته وسطوه؟
أظنهم يفكرون بوطن بديل لهم يحققون عليه هذه الهيبة والسطوة وأظنه الجنوب العربي الذي حرره أبناؤه بعد احتلال وظلم وإلحاق من قبل تلك المسماة شرعية في حرب صيف 1994م، ويا لهول تلك العقول بدلاً من أن تطلب من الجنوبيين أن يحموا ظهور هذه الشرعية وإخراج القوات الباسطة على وادي حضرموت والمهرة خلال سنوات الحرب ولم تحرك ساكنًا غير تهريب السلاح للحوثي، نراها تريد استعادة سطوتها وهيبتها على الجنوبيين الأحرار.
لقد أبدعت تلك العقول المخرفة في وضع مخرج لهذه الشرعية ونقل فسادها من مكان إلى آخر، لكن يا ترى هل يعتقدون أن شعب الجنوب سوف يستقبل السطوة عليه وإعادة احتلاله احتلالا استيطانيا بالورود وجثث أبنائهم التي قتلتها هذه الشرعية لم تتحلل في مقابرها بعد. إنهم يريدون أن يعيدوا مجلس النواب المنتهي الصلاحية، ومجلس الشورى المنحل من ثمان سنوات، وجميعهم شماليون ليحكموا أرض الجنوب التي هي اليوم بيد أبنائها، ولديهم مؤسساتهم المستقلة أكانت الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي التي تعترف به هذه الشرعية قبل دول التحالف ودول العالم الخارجي ومجلس الأمن الدولي الذي حذر في قراره 2624 ما تسمى الشرعية من اتخاذ قرارات انفرادية بدون موافقة المجلس الانتقالي الجنوبي عليها، أو غيرها.
عملياً تهدف الرؤية إلى السيطرة على الجنوب وموارده بينما الشمال وموارده بيد أهاليهم الحوثيين، والجنوب وطن بديل وإجراء عملية استيطان واسعة.
– ترفض الرؤية إصدار إعلان دستوري لمبررات واهية وتستبدله بإصدار القرارات الجمهورية، وهذا يعني شكليات الإصلاح، لأن الهدف ليس إصلاحا جذريا بل الهدف السطو على الجنوب والالتفاف على اتفاق الرياض وسرقة النصر الجنوبي وجعل أي إجراءات لاحقة شكلية مثل تشكيل مجلس الرئاسة الذي وسع فيه العدد ليضيع صوت الجنوب الذي جعله بممثل واحد بين ستة أصوات تنادي باليمننة بدلًا من نائب جنوبي ونائب شمالي يكون كل منهما على رأس إقليمه.
– تشكيل لجان من الشورى والنواب ولم يقل على الأقل مناصفة بين الجنوب والشمال.
– يريد حكومة كفاءات وهذا التفاف واضح على حكومة المناصفة بين الجنوب والشمال.
لاحظ الالتفاف الواضح على اتفاق الرياض، حيث تنص الرؤية (قبل التذكير بضرورة استكمال، نؤكد أنه بات من الضروري إعادة النظر فيه في الوقت الحالي) يعني يريدون أن يعدلوا اتفاق الرياض الموقع بين طرفين هما المجلس الانتقالي والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً تحت رعاية المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة الذي أيدته كل دول العالم، وأخيرا أكد مجلس الأمن الدولي في قراره 2624 على ضرورة استكمال تنفيذه.
لاحظ ما يخص القوات في حضرموت والالتفاف على النخب والأحزمة وبسط سيطرتها على الأمن من خلال ما نص عليه اتفاق الرياض بأن أوكلوا المهمة الأمنية للمنطقة العسكرية الثانية.