بقلم / وديع منصور
لم تتوافر سبل الوصول إلى كرسي الرئاسة لأحد من قبل كما توافرت للرئيس عبد ربه منصور هادي الذي كان لوقت طويل تحت عباءة سلفه مجرد نائب بدون صلاحيات حقيقية أو كبيرة.
أصبح هادي رئيسًا على عجل بعد استفتاء شعبي ضم اسم مرشح واحد فقط، ليجد نفسه بعد ذلك على رأس هرم السلطة في صنعاء وهو جنوبي، وتم اختياره ليكون رئيسا لفترة مؤقتة، لكن هذه الفترة المؤقتة مُددت لاحقاً حتى إشعار آخر.
عندما تولى هادي الرئاسة عام 2012، كان لا يمتلك قاعدة حزبية أو شعبية أو عسكرية ولا قاعدة قبلية.
عندما اندلعت الحرب وجد هادي نفسه عاجزا عن إدارتها، ثم فشل في بناء جبهة سياسية موحدة ضد جماعة الحوثيين الانقلابية.
منذ البداية كانت دائرة الرئيس هادي الضيقة المحيطة به من عديمي الكفاءات والفاسدين وجماعات ذات أجندة خاصة وليس ذلك فحسب، بل إن هناك من يتهم أطرافًا مقربة من هادي برعاية الإرهاب في المناطق الجنوبية والمحافظة عليه والتستر على نشاطه، ولهذه الأسباب وأسباب أخرى لا تزال ثقة اليمنيين بالرئاسة الشرعية مفقودة أو على أقل تقدير متدنية جدا.
اليوم يعتقد بعض اليمنيين أن هادي هو الرئيس الأضعف في تاريخ رؤساء اليمن، إذ لم تتسم فترة رئاسته بالأداء الضعيف فقط، ولكن بسوء الإدارة والفساد إلى حد كبير، وكانت النتيجة المتوقعة انعدام شعبيته في كل البلاد.
شهدت السنوات الثمان التي انقضت منذ تدخل ما يعرف بتحالف دعم الشرعية في اليمن، نيابة عن حكومة الرئيس هادي، إخفاقاً تلو الآخر على مختلف الجوانب، العسكرية والسياسية والاقتصادية، ونتيجة لتلك الإخفاقات لا تزال شرعية هادي التي تعمل من المنفى بعيدة عن تحقيق هدفها المتمثل بالعودة إلى صنعاء، وبات ادعاؤها بامتلاك الشرعية المحلية ضعيفا أكثر من أي وقت مضى، فيما استمرت جماعة الحوثيين الإرهابية بترسيخ سلطة الأمر الواقع في الشمال، ومن جانب آخر تم تحدّي سلطة شرعية هادي في المناطق التي تسيطر عليها بالاسم.
في عهد هادي انهارت العملة على نحو غير مسبوق، وفي عهده أيضًا أصبحت معيشة أكثر من عشرين مليونًا من شعبه ترتبط كليًا بالإعانات الخارجية للبقاء على قيد الحياة.
أصبح عامة الشعب أقل تفاؤلا بالغد واستمر وصف الأزمة في اليمن في عهد هادي بأنها الأسوأ على مستوى العالم، وأدخل اليمن تحت الفصل السابع.
فيما أن كل شيء ينهار تحت سلطة الحوثيين وإرهابهم الواسع، لم يتحسن أي شيء تحت سلطة شرعية هادي الفاقدة للدعم الشعبي، ولم يتحقق أي إنجاز حقيقي.
هل من الإنصاف تحميل عبدربه منصور هادي كل مسؤولية التدهور؟
إن مهمة إدارة أي بلد في وقت السلم ليست بالأمر السهل، فما بالكم بأن يكون هذا البلد هو اليمن، وأن يكون ذلك في زمن الحرب، وأن يكون تحت تأثير عوامل خارجية كبيرة أكبر من قدرة اليمنيين على تجاوزها.
بوجود جماعة الحوثي الإرهابية يصبح وجود الشرعية، أمرًا مهما للغاية، مهما كان الموقف من الشرعية، إلا أن ذلك لم يضمن لشرعية حكومة هادي ثقة غالبية اليمنيين، على الرغم من أنها ما زالت الممثل الشرعي للشعب اليمني في نظر المجتمع الدولي، وهي المفاوض الرئيسي على طاولة المفاوضات مع جماعة الحوثيين للتوصل إلى تسوية نهائية للصراع المدمر.
هل ستكون الفترة القريبة القادمة ملائمة لتعديل وضع الشرعية، ومعها تعديل وضع الرئيس هادي؟، وما الذي يجعل هادي يقبل طوعاً بانتزاع صلاحياته أو بالتقليل منها؟ ولماذا سيوافق على تقبل حقيقة أنه رئيس عاجز عن إدارة البلاد؟
التسليم بالحقيقة ليس من صفات رؤساء وزعامات اليمن على وجه التحديد، فلماذا سيكون هادي مختلفًا؟ وإلى متى سيبقى اليمن تحت رحمة شرعية هادي الضعيفة وإرهاب الحوثيين الواسع؟