بقلم / علي اليزيدي
الخلع قبل خريف النخل والثمر لا يأتي مثل الناضج اللذيذ في زمن الخريف، هذا هو المعلوم.
الحضارم حين اندمجوا، فيما بعد نهضتهم التي ظهرت في الثلاثينات، وزحفت به نحو العصر، وتبني أفكار العالم المعاصر، كانوا في عدن مثل المرهم على الجرح، ينطرح فيطيب ويرطب، أي أنهم لطفوا حياة المجتمع، وكانوا من السلاسة، بحيث شكلوا نسيجًا جميلًا مع الاختلاط المدني العدني والحضرمي واليافعي من دون نفور، بل كانوا هم جسور الود التي تغلغلت وجعلت نفسها من ضوابط السلام وتمدن المجتمع مع كل الجاليات وتأثيرات الزمن حينها.
دائما ما تأتي بدايات الخلع الأولى للثمر سيئة المذاق، لا تمضغ؛ لأنها في وقت غير وقتها، لماذا نتحدث بهذا التداخل؛ لأن الحضارم شكلوا أكبر بنيان لظهور الجنوب سياسيًا وثقافيًا وجغرافيًا، حين تحول الحضارم إلى ثوار، وإلى رجال أحزاب قومية، وإلى نقابيين جادين كانت حضرموت هي الحجر الأكبر والركن الأقوى، والجدار الصلب الذي استند عليه الجنوب وثورته ونضاله ودفع بظهور الجنوب دولة واقعًا ملموسًا.
وحين تولى الحضارم مسؤوليات كبيرة في الحكم بدولة الجنوب منذ ظهورها منتصف القرن الماضي، اتسموا بالصبر والتعقل والتحمل، وعملوا بالمثل القائل (دبّر عشرة واقطع مرة) وهذا ليس ترددًا منهم؛ ولكنه حكمة التمدن في صراع قبائل حامي الوطيس، لم يهدأ إلا بخسارتنا كلنا، للحق نقول.
لازال أمام الحضارم شراكة كبيرة مع إخوتهم في الجنوب لإعادة وجه الوطن، لكن إذا ما سارت الأوضاع بهذا الانحلال والتهجم على رجالات وكفاءات وشخصيات حضرمية في عدن، وصار ما ندّعيه الجنوب يصدر بيانات مسمومة ضد أبناء حضرموت ممن يشغلون مناصب رفيعة، هذا نذير شؤم، ولا يساعد على التبشير بنوايا حسنة القصد حاضرًا ومستقبلا.
ما يتعرض له الدكتور محمد عمر باسليم الأكاديمي البارز ومن أساتذة جامعة عدن المؤسسين، والمدير التنفيذي لمؤسسة مطابع الكتاب المدرسي، والذي عاش في عدن وقضى بها جلّ عمره، ويعتبر من الشخصيات الحضرمية العدنية الرفيعة، وصاحب تاريخ عملي غير مغشوش ولامدسوس. يجد نفسه مستهدفًا من الجنوب.
فإذا كانت هذه البداية والجنوب ليس بيدنا بعد، ولا زلنا نتصارع حوله، ما الذي سيكون عليه وضع الحضارم حين يظهر يومئذ.
أي مشهد سنبدو عليه مبعدين أم فارين في الشتات وعودة على بدء، كما كان أجدادنا..