بقلم /قاسم عبد الرب العفيف
طال أمد الحرب وبعد أيّام تدشن السنة الثامنة حربا ولَم ينتصر فيها أحد، لكن شاهدنا خلالها العجب ولاحظنا في بداية الحرب عندما كانت تتعرض جماعة الحوثي لهزيمة أن وزير الخارجية الأمريكي آنذاك السيد كيري يسارع في جولة مكوكية إنقاذية يدعو فيها إلى التفاوض ويقدم المقترحات لتهدئة الوضع حتى يستعيد الحوثي أنفاسه وعندما كانت قوات العمالقة الجنوبية على مشارف الحديدة وعلى بعد خطوات من تحقيق النصر رصدنا التحرك الدولي غير المسبوق الداعي إلى وقف اقتحام المدينة والميناء تحت مبرر الوضع الإنساني ومنع اقتحام الحديدة وطرد الحوثي منها وبعدها انتقلوا إلى المفاوضات وشاهدنا وزير خارجية الشرعية في موقف كاريكاتوري يتحدث بأن لا شيء بينه وبين الحوثي وأنهم إخوة ونسى أن هناك آلاف الضحايا تسفك دماؤهم بسبب ذلك الانقلاب اللعين وبعدها تمكن الحوثي من استعادة وضعه في المدينة والميناء تحت بصر ونظر المراقبين الدوليين وبتواطؤ الشرعية.
كانت العلامة البارزة في الحرب أن الشرعية حولت بوصلتها نحو الجنوب المحرر ونست هدف استعادة عاصمتها وجيشت الجيوش نحو اقتحام عدن ويخيل لنا أن كل الصراع يدور حول الجنوب بين كافة القوى وتداخل فيه المحلي والإقليمي والدولي وأصبحت الحرب غير مفهومة.
عندما قامت الهبة الحضرمية بمنع قواطر نقل النفط الخام شاهد العالم منظر القواطر التي أولها في مأرب وآخرها في حقول نفط حضرموت تنقل النفط يوميا إلى عاصمة الشرعية الموقتة مأرب، وفِي المقابل بين وقت وآخر ترسو سفن شحن النفط الخام في ميناءي ضبة في حضرموت والنشيمة في شبوة لشحن النفط.
السؤال كل هذه الشحنات التي تنقل على مدار الساعة عبر القواطر وأيضًا عبر السفن أين تستقر حساباتها المالية النهائية؟ وأين تصرف؟ لأننا لم نجد لها انعكاسًا في مستوى معيشة الشعب الذي ما زال يعاني ويعيش تحت خط الفقر وخاصة في المحافظات الجنوبية.
كيف يمكن أن يتصور المرء استقرار سعر المشتقات النفطية في مأرب ومناطق سيطرة الحوثي وبينها العاصمة صنعاء وبينما محافظات إنتاج نفط شبوة وحضرموت ومحافظات الجنوب الأخرى بما فيها عدن أسعارها فلكية، هل ذلك صدفة أم أن هناك إصرارًا على معاقبة الجنوب؟
طالما البزبوز مستمر في تغذية الشرعية والانقلابيين فالحرب ستستمر إلى ما لا نهاية وكل منهم تصله حصته ليبقى قادرا على الصمود وإن توقف ذلك البزبوز لن يجدوا أي خزينة في العالم تصرف عليهم، فلهذا هناك حرص على بقاء قوات عسكرية خاصة تحرس هذا البزبوز وكل شيء يتم بحساب دقيق، وهذا ما لاحظناه في تصرفات الشرعية والانقلابيين تجاه هبة حضرموت.
يخيل للمراقبين أن كل الصراع يدور حول الجنوب بين كافة القوى المتصارعة المحلية والإقليمية والدولية لما تمتلك هذه الأرض من أهمية استراتيجية وما يختزن في باطنها من ثروات متعددة، ولهذا ما على الجنوبين إلا أن يستشعروا بالخطر المحدق حولهم وبالمسؤولية العظيمة، ويعدوا أنفسهم لصراع طويل المدى إن كانوا يريدون أن يستعيدوا أرضهم وكرامتهم والسيطرة على ثرواتهم، فالبداية تبدأ من وقف البزبوز.