إن كان نائب محافظ البنك المركزي السابق/ شكيب حبيشي هو من كان يقف حائلاً أمام صرف مرتبات الجيش والأمن، وأنه بمجرد إزاحته ستُــــصرف المرتبات وتنتظم، كما اعتقد البعض، فلماذا لم يحدث هذا بعد مرور أكثر من شهر على تعيين محافظ جديد وإدارة جديدة للبنك؟
سيقول قائلٌ إن هذا مرتبط بالوديعة كون البنك -بحسب التبرير- مفلسا ولا توجد لديه سيولة. حسناً، ولكن إلى قبل شهر كانت المطالبات بصرف المرتبات تتوجه للبنك المركزي دون الحديث عن وديعة أو ربط تلك المطالبات بوجود هذه الوديعة، فلماذا اليوم يتم ربط صرف المرتبات بالودية؟ وإن كان ليس لدى البنك سيولة وكان مفلسا فعلا فكيف نسمعه كل أسبوع وهو يعلن عن فتح مزاد لبيع ملايين الدولارات؟
الحكاية أن قيادة البنك الحالية مثل السابقة تنفذ أجندة سياسية بامتياز مغلفة بمصطلحات مالية للتضليل والتمويه فقط.
حين كانت الحكومة (حكومة معين عبدالملك) هاربة في الرياض- أو بالأصح حين اختلقت حكاية طردها من عدن منتصف أبريل العام الماضي- كان إعلام الشرعية في الداخل والخارجية يعزو سبب أزمات الوقود إلى طرد الحكومة من عدن، زاعما أنه بمجرد السماح لها بالعودة إلى عدن ستختفي كل الأزمات بما فيها أزمة الوقود ومعها أيضا أزمة انهيار العملة وتزول معاناة عائلات جنود وضباط الجيش والأمن.
عادت الحكومة وعادت معها الأزمات إلى ذروتها، وهذا ينسف تلك الادعاءات والمزاعم نسفا… أزمة الوقود اليوم تعصف بالناس وقد جعلت الحياة معطلة، بعد أيام من قرار الحكومة بإلغاء قرار رئاسي سابق كان قد فتح الباب أمام القطاع الخاص لاستيراد الوقود. وهذا التضارب بين قرارات السلطات الحكومية والرئاسية يفضح كل الأصوات التي ظلت تبحث عن شماعة لتعلق عليها مبررات حرب الخدمات التي تمارسها هذه الجهات ضد الناس والنخب بالجنوب بغية إشغالها عن أية حسابات سياسية، وأزمة مرتبات والجيش والأمن تراوح مكانها، والعملة الوطنية عاودت الانحدار، وتتأرجح بين علو وانخفاض بحسب أرجوحة المضاربين.
بالمجمل: كل ما يدور يتم بفعل فاعل وعمل ممنهج لا تخطئه عين عاقل، يُـراد له من جهات إقليمية ومحلية أن يكون هكذا لحاجات هي في نفوسها الملوثة، يعاونها في ذلك بعض الأنفس الرخيصة وتجار بازارات المواقف السياسية والنفعية من بني جلدتنا.