يحتل قطاع النقل البحري أهمية كبيرة في اقتصاديات الدول فبواسطته يتم نقل قرابة 90% من تجارة العالم ماجعل التنافس على أشده في تقديم الخدمات المختلفة عن طريق السفن والموانئ وغيرها من الأدوات الرئيسية لقطاع النقل البحري، هذه الأهمية وهذا التنافس حفز القطاع الخاص في جميع أنحاء العالم لتقديم خدماته في هذا القطاع المهم ما ساهم في تطور الأداء والتميز في تقديم الخدمات وهو الأمر الذي شجع المنظمات الدولية المختصة الدعوة لإشراك القطاع الخاص في تقديم بعض خدمات الموانئ في الدول ، ونتيجة لذلك فالقطاع الخاص يدير العديد من موانئ الدول عن طريق عقود الشغيل المختلفة ماخلق ظهور شركات متخصصة في إدارة الموانئ وهي الان تدير أكبر الموانئ العالمية .
الوضع في دول العالم الثالث يختلف عن الدول المتقدمة ، فبعض دول العالم الثالث أعطت للقطاع الخاص الفرصة لإدارة موانئها ونجحت في ذلك وأصبحت موانئها تنافس الموانئ العالمية ولكن في الغالب فإن شركات القطاع الخاص التي تدير تلك الموانئ هي شركات عالمية وليست محلية ، غير أنه في الآونة الأخيرة فهناك شركات محلية تنافس على تقديم تلك الخدمات أسوة بالشركات العالمية بعد النجاح الكبير الذي حققته .
الجمهورية اليمنية حباها الله بموقع جغرافي استراتيجي فهي تطل على البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي وتمتد شواطئها لأكثر من 2500 كم وهي تشرف على أحد أهم الممرات الملاحية في العالم وهو باب المندب الذي يعد أحد أهم الممرات البحرية حيث تمر من خلاله قرابة 25 ألف سفينة كل عام وهي تمثل 7% من الملاحة العالمية وبمعدل 57 سفينة يوميا ، غير أن ضعف البنية التحتية في الموانئ وقصور الخدمات التي تؤديها يجعل السفن تفضل دخول موانئ دول أخرى حتى وإن بعدت المسافة وهو ما يحفز على ضرورة إعادة النظر في تطوير تلك الخدمات ولا شك أن القطاع الخاص هو أحد العوامل المؤثرة في ذلك .
سأتحدث هنا أكثر عن موانئ محافظة حضرموت وأوجه حديثي للقطاع الحكومي ولرأس المال الحضرمي وبشكل مختصر جدا لأن الموضوع يحتاج لدراسة متكاملة فرأس المال الحضرمي يجب أن يعطي موضوع الاستثمار في الموانئ اهتماما خاصا سواء الاستثمار في الموانئ الموجودة حاليا أو في إنشاء موانئ جديدة ، ولابد أن يعطي هذا الميدان اهتمامه كونه مجالا ناجحا وهم يملكون الإمكانيات للدخول فيه سواء المال أو العلاقات أو التعاون من السلطات وغير ذلك ، ولابد أيضا عدم الاستغلال فبعض التجار للأسف يريد الاستثمار في هذا الميدان لكنه يريده بشروطه وكأنه أول مستثمر ، كأن يطلب سنوات إدارة تزيد عن المائة سنة بينما العالم يتحدث عن عشرين الى ثلاثين سنة مثلا ، أو يطلب إقامة مشاريع صغيرة وبعائد أكبر كأن يتوجه لإنشاء رصيف في ميناء ويريد ادارته لعشرات السنوات وهكذا ، مانقصده هنا هو الاستثمار الحقيقي وليس الاستغلال ، وللعلم ففي حضرموت فرص كبيرة جدا للاستثمار وبالإمكان إنشاء موانئ جديدة بشراكة حقيقية مع القطاع الحكومي ، ومؤسسة موانئ البحر العربي اليمنية قد دعت للاستثمار في موانئ ضبة وبروم وغيرها ، أو الاستثمار في إنشاء موانئ سمكية ببنية تحتية مناسبة أو الاستثمار في توفير معدات مختصة للموانئ كمعدات الشحن والتفريغ أو الرفاصات المساعدة TUGBOATS في دخول السفن وتوجيهها وعمليات البحث والإنقاذ وغير ذلك ، ونشير هنا إلى ضرورة الاهتمام بمجال الدراسات المتخصصة قبل اتخاذ قرار الاستثمار .
القطاع الحكومي هو الآخر تقع عليه مهام كبيرة ومن أهمها إقناع القطاع الخاص بالاستثمار وتقديم له الدراسات المتخصصة في هذا المجال ، وأيضا الاستفادة من التجارب الإقليمية والدولية في عقود تشغيل الموانئ وعقد الشراكات مع القطاعات الخاصة .
بقلم / نبيل عبدالله بن عيفان
ماجستير تكنولوجيا نقل بحري
نائب مدير عام هيئة الشئون البحرية – المكلا