كتب/ عيدروس النقيب
منذ أيام كنت قد حذرت من انفجار جماهيري شامل قد يعم كل محافظات الجنوب، وذلك بسبب التردي المتواصل للأوضاع الخدمية والمعيشية، والذي بلغ حداً لم يعرفه الجنوب في كل تاريخه القديم والوسيط والحديث.
على الجميع الإقرار بأن حياة الناس صارت شبه مستحيلة في ظل الظروف الراهنة، فلم تعد المسألة تقتصر على انعدام الخدمات الأساسية التي عرفتها عدن قبل قرن من الزمان، ولا على غياب كلما يدل على وجود نظام الحكم، بل لقد أصبح الموظف البسيط الذي يتقاضى بضع عشرات الآلاف من الريالات اليمنية، أي بضع عشرات الدولارات (بعد ما بلغ سعر الدولار فوق الألف ريال يمني)، هذا الموظف لم يعد بمقدوره توفير الضروريات الأساسية لإعالة اسرته، هذا على افتراض إنه يتسلم راتبه، لكن حتى هذا المقدار الضئيل من الريالات اليمنية لم يعد الموظف المدني أو العسكري أو المتقاعد يتقاضاه منذ ما يقارب العام، في حالة لم تعرفها اي دولة من دول العالم، بينما يسترني كبار قادة الدولة في أفخم القصور والفنادق مستمتعين بمشهد المجاعة والفقر والعناء الذي يعيشه المواطنون.
لقد تحولت عائدات عدن بمليارات الريالات إلى الخارج لتصرف بالدولارات على هؤلاء القادة المقيمين في فنادق الرياض والقاهرة واسطنبول وعمّان.
من حق الناس أن يتظاهروا ويحتجوا ويعتصموا ويهتفوا ضد كل من تسبب في عذاباتهم.
من حق الناس أن يهتفوا ضد القرود والضباع والذئاب وكل الحيوانات ولا ينسوا الحيتان الكبيرة التي لا تدع شيئا إلا وتلتهمه، لكن ما ليس من حق أحد هو التكسير والتخريب وتعطيل مصالح الناس وهذا ما قلناه للجميع منذ ٢٠٠٧م ونقوله اليوم لأهلنا في عدن والمكلا وسيئون وعتق وحبان وزنجبار ولحج والضالع والقيضة.
وأخيرا:
- ستتواصل المظاهرات وكل أشكال الاحتجاج طالما استمرت سياسات التعذيب والتجويع الجماعي للمواطنين من خلال حرب الخدمات وخطف المرتبات، وعلى الكل أن ياحازم إلى المطالب المشروعة للمواطنين البسطاء.
- سينبغي على المحتجين جعل فعالياتهم أكثر تنظيما ومشروعية وفاعلية من خلال تشكيل الهيئات التي تتحدث باسمهم، ورفع الشعارات ذات المضمون المعبر عن معاناتهم ومطالبهم بعيدا عن الشعارات الخرقاء التي تحول المطالب المشروعة إلى حديث سطحي لا مضمون له.
- سيتسلل إلى صفوف المحتجين بعض البلطجية والفوضويين وربما بعض المكلفين بالشغب والتخريب والتشويه لإفراغ الفعاليات المشروعة من مضمونها ومشروعيتها.
- وأخيراٍ أكرر ما قلته منذ العام ٢٠٠٧م، إن المطالب العادلة لا يمكن التعبير عنها إلا بطريقة عادلة، وعندما يعبر عنها البلاطجة والفوضويين بطريقتهم السوقية فمهما كانت عادلة إنما تتحول إلى حالة شغب وفوضى تفرغ المطالب المشروعة من اهليها وعدالتها ومضمونها.