اراء وكتاب

المكانة والدور حجر الزاوية في نهوض وتقدم المجتمعات

كتب/ صابر بن مقنع

لن ينهض اي مجتمع بشكل عام الا اذا ولي الامر لأهله وهنا اتحدث عن مسؤولية النظام السياسي الحاكم بصفته الناظم لكل قرارات الترفيع من المناصب الدنيا الى العليا.

اي ان اختيار الترفيع للمناصب العليا لابد ان يتم وفقاً للدور اي الفعل الاجتماعي الذي يلعبه الفرد وسط مجتمعه ، وليس للمكانة المكتسبة من الارث الاجتماعي.

كل الانظمة التي يتم الترفيع فيها للمناصب او للمراكز القيادية العليا والتي تتم عن طريق مكانة الارث الاجتماعي جلها تهاوت ولم تصمد هذه الانظمة في مواجهة موجات التغيير الذي حدث اثناء ثورات الربيع العربي.

ولذلك اذا لم يتم الترفيع للمراكز القيادية العليا في النظام السياسي الجنوبي على اساس الدور الذي يلعب القيادي الذي حظي بالتكليف في اي هيئة عليا من هيئات النظام السياسي، حتماً فأن القادم سيعصف بالبنية التنظيمية والهيكلية لهذا النظام.

قد لا يشعرالرفاق بخطورة ما اقول حالياً كونهم يعيشوا حالة السلطة ونشوة الانتصار، وكيفنا جميعاً بأننا نعيش بلاوعي حالة الدولة والسلطة ولذلك نحذر رفاقنا وقادتنا بأن موجات التغيير التي عصفت بالانظمة العربية لن تكن ببعيده عن نظامكم السياسي القائم.

لكي تتخذ القرار لترفيع عضو في النظام السياسي لابد ان تتوفر لدية ادوات الدور لا اودات الإرث الاجتماعي القائمة على نظام المكافآت الاجتماعية.


ان الانظمة المتخلفة ساهمت الى حد كبير في تمزيق اللحمة الوطنية لمجتمعاتها نتيجة الترفيع الى المناصب القيادية العليا بسبب اعتبارية المكانة القائمة على الارث الاجتماعي وتجاهل النظام القائم على الفعل الثقافي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي وهذا هو ما يسمى الترفيع عن طريق توفر ادوات الدور.


اذا عيّن سين من الناس في منصب قيادي نتيجة لأرث اجتماعي مكتسب من اسرته او عشيرته او قبيلته فأحتل بهذا التعيين مكانة اجتماعية قائمة على ذلك.. مع تجاهل الدور الذي يمكن ان يلعبه بفعل دوره الثقافي او السياسي .. فأن ثمة اسئلة يمكن ان تبرز منها..
ماهي طبيعة القرارات التي يمكن ان تصدر من شخص عيّن بطريقة الارث الاجتماعي؟

هل دوره الخالي من الفعل الثقافي والسياسي سيسهم في توليد قرارات نابعة من وجدانه وقناعاته، ام ان فرضية التعيين القائمة على ارثه الاجتماعي قد تفقده البصر والبصيرة في اتخاد قرارات تسهم في تقوية النسيج الاجتماعي وبالتالي تقوية اللحمة الوطنية لمجتمعه وبالتالي تقوية النظام السياسي.

ولهذا فأن عدم اهلية الفرد المعين على اساس ارثه الاجتماعي ساهم وتساهم الى حد كبير في تدمير البنية التنظيمية والسياسية للمجتمعات المحلية ما يدع مجالاً للشك اننا نمضي باتجاه تمزيق بنية المجتمع وتفكيكه وبالتالي سينعكس جبراً على بنية النظام السياسي مستقبلاً.

هل نظامنا السياسي في مجسلنا الانتقالي وقراراته مبنية على المكانة والدور الذي يلعبه الفاعل السياسي الذي حظي بالتكليف ام ان اغلب قرارات التعيين قائمة على المخزون الاجتماعي الذي اكتسبه الفرد المعين من اسرته.. عشيرته.. قبيلته.. ابويه.. موجهيه الذي كان لهم فضل عليه.
علينا التمعن في الافراد الذين تم تكليفهم.
هل تنطبق عليهم ما اوصف ام انني ابالغ في القول.
نصيحة لقادتنا ان يؤخذوا بكلام من يصغرهم سناً ويكبرهم لا علماً.. بل ثقافةً وفكراً. ادوات الدور القائمة على الفعل الاجتماعي هي من اسست حقاً لتطوير حركة الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية في الانظمة السياسية الناجحة.
اما قرارات التكليف او التعيين القائمة على الارث الاجتماعي فقد شهدنا مجتمعات تمزقت وحدتها الوطنية بسبب عشائرية القرارات او مناطقيتها او جهويتها ولكم في ليبيا واليمن وسوريا مثالاً شاهداً على ما اقول.
اذا اردنا ان نتقدم بمجلسنا الى الامام ما علينا الا ان نبحث في معالجة البنية الهيكلية التي تنبئ بتآكلها من الداخل بسبب شيخوخة عقلية وفكر افرادها وذلك من خلال اعطاء مساحة كافة للمكانة والدور داخل البنية الهيكلية بحيث تتسم بالقدرات والطاقات الثقافية والمعرفية لا بالشهادات العلمية الخادعة.
وهذا لن يحصل الا بأضافة دماء شابة جديدة تتصف بأفكار سياسية وثقافية حية قادرة على احداث قيمة مضافة تنهض بدورة حياة المجلس وتجعله فاعلاً يلامس بفعله السياسي وجدان المجتمع السياسي في المحيط الاقليمي والدولي بحيث تطرح قضايا امته وشعبه على طاولة الفاعلين الدوليين صانعي القرارات التي تحدد وترسم مستقبل العالم الشرق اوسطي او غيره وهذا لن يتأتى الا بتغيير في البنية الهيكلية ابتداءً من الهرم الاعلى نزولاً الى الهياكل الدنيا.

اما فكرة التحول المراد اجراءها في البنية الهيكلية للنظام السياسي والاجتماعي لا بد ان تقام على الفعل الاجتماعي. اي ان تكون المكانة القائمة على الارث الاجتماعي خارج نسق البنية الهيكلية للنظام.
واخيراً .. ما نراه اليوم من قرارات ما هي الا تأسيس لاستحقاق الارث سواءً كان ارثاً من بقايا النظام السابق او من ما تبقى من نظام العشيرة والقبيلة أي عشيرة وقبيلة النظام السياسي الجنوبي السابق بكل طيفه الحاكم والمعارض. وهذا بدوره سينتهي الى نظام المشيخات والسلطنات لا الى ما نطمح اليه وهي الدولة المنشودة الذي ناضل من اجلها ثوار الجنوب وشهدائه وهي الدولة الاتحادية الفدرالية من ستة ولايات او محافظات جنوبية عربية.

صابر بن مقنع المري
2021/8/24

إلى الأعلى