حوارات واستطلاعات

الملاريا تجتاح مناطق الحوثي وإتهامات لقادة المليشيا بنهب مخصصات برامج مكافحة الوباء

نداء حضرموت – محمد مرشد عقابي

قالت مصادر في القطاع الصحي الخاضع لسيطرة الحوثيين بأن مرض الملاريا عاد مجدداً للتفشي بشكل كبير في أوساط اليمنيين من مختلف الأعمار بمدن تقع تحت سيطرة المليشيات، وذلك في ظل توالي التحذيرات المحلية والدولية من أن الوباء لا يزال يهدد حياة ثلثي سكان البلاد ووسط اتهامات لقادة الجماعة بنهب مخصصات برامج المكافحة.

وسجلت عشرات الآلاف من حالات الإصابة الجديدة في سبع مدن خاضعة لسيطرة جماعة الحوثي خلال الفترة من أبريل (نيسان) وحتى مطلع يونيو (حزيران) من العام الحالي، منها 3 آلاف و200 حالة وفاة لنساء حوامل وأطفال دون الخامسة، وبحسب تلك البيانات التي أحصاها عاملون صحيون يمنيون في مناطق سيطرة المليشيات، فإنه إلى جانب تفشي الملاريا انتشرت بمناطق الجماعة خلال الفترة ذاتها أمراض وأوبئة أخرى بينها حمى الضنك والكوليرا وغيرها.

وأرجعت مصادر طبية في العاصمة اليمنية صنعاء أسباب ارتفاع حالات الإصابة بمرض الملاريا في مناطق الحوثيين إلى هطول الأمطار مؤخراً على عدة مدن وانتشار المخلفات وتراكم أكوام القمامات في المدن الرئيسة، في ظل غياب كامل لسلطات المليشيا وتقاعسها عن القيام بدورها في مكافحة الأوبئة والأمراض المعدية.

وتكهنت مصادر محلية خلال أحاديث لوسائل إعلام أجنبية، بان تكون الأرقام الفعلية لحالات الإصابة بطفيل الملاريا أكثر من الحالات المبلغ عنها، التي اعتمدت على بعض تقارير الترصد الإلكتروني للإنذار المبكر للأمراض، وبينت بان عودة تفشي المرض بمدن إب وحجة وعمران والمحويت وصنعاء وذمار ومناطق أخرى تقع تحت قبضة الجماعة بالحديدة، يعود إلى إمعان المليشيات بتحويل مدن سيطرتها إلى ساحة مفتوحة ومستنقع كبير لتفشي الأوبئة.

واكد سكان محليون الأرتباط الوثيق بين تفشي عديد من تلك الأمراض الوبائية بمناطق الجماعة وبين سرقة قادتها لمخصصات قطاع النظافة ومؤسسات المياه وبرامج مكافحة الأوبئة، وإيقاف رواتب ومخصصات المستشفيات والمرافق الصحية، وكذا تسخير عائدات الجمارك والضرائب وغيرها من الإتاوات والجبايات الأخرى لخدمة مشاريعها وحروبها ضد اليمنيين ولإثراء قادتها.

وطبقاً للتقارير والمعلومات الطبية، لا تزال محافظة الحديدة كعادتها كل عام تتصدر الترتيب الأول بمعدل الإصابات بمرض الملاريا خلال تلك الفترة، تليها مباشرة في الترتيب الثاني محافظة إب، في حين احتلت كل من محافظتي عمران وحجة المرتبة الثالثة والرابعة، لتأتي بعدها بقية المحافظات تباعاً في المراتب الأخيرة.

وابدى أطباء وعاملون صحيون في صنعاء، قلقهم الشديد إزاء تزايد خطر الإصابة بمرض الملاريا في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، خصوصاً في أوساط شريحة النازحين الذين يحتاجون لمزيد من الدعم والمساندة، وقال البعض منهم في أحاديث لوسائل إعلام خارجية، إن الحرب التي افتعلتها وتشنها مليشيا الحوثي منذ سنوات على ابناء اليمن، علاوة على سياسات الفساد والنهب والعبث المنظمة التي انتهجتها طيلة الأعوام الفائتة خلقت عدداً من التحديات والصعوبات والعراقيل أمام برامج مكافحة نواقل الأمراض والأوبئة وتقديم خدمات الترصد الوبائي.

وأطلقت مصادر عاملة في القطاع الصحي بالعاصمة اليمنية صنعاء في وقت سابق، تحذيرات من أن الأمراض الوبائية المدارية على رأسها الملاريا لا تزال تشكل تهديداً حقيقياً لحياة اليمنيين، سيما مع استمرار موسم الأمطار المصحوب بانتشار البعوض الناقل للمرض، وفي ظل الإنهيار المتسارع للمنظومة الصحية والنظام الإقتصادي وتزايد معاناة السكان من تبعات الفساد الحوثية.

وكشفت مصادر يمنية، عن أن الستة الأشهر الأولى من العام الماضي شهدت تسجيل نحو 260 ألف حالة إصابة بمرض الملاريا في كل من إب وعمران وذمار وصنعاء ومناطق متفرقة من الحديدة والسواحل المجاورة لها بحجة، في حين اعتبرت المصادر أن المعدلات المرتفعة لسوء التغذية أدت إلى زيادة خطر الإصابة بالملاريا بين الفئات الضعيفة، خصوصاً الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل، بسبب انخفاض نظم المناعة لديهم، مشيرة الى ان من بين تلك الحالات المسجلة قرابة 20 ألف حالة وفاة معظمها من الأطفال دون الخامسة ونساء حوامل.

وأفادت تقارير محلية وأخرى دولية بأن مرض الملاريا لايزال مستوطناً في اليمن ويهدد حياة الملايين من البشر سكان هذا البلد، وكانت منظمة الصحة العالمية قد أكدت في بيان سابق، أن الملاريا لا تزال تصيب الملايين كل عام وتفتك بأرواح أكثر من 400 ألف معظمهم من الأطفال بسبب تعثر جهود مكافحة الوباء الذي ينقله البعوض، وحذرت المنظمة من أن تمويل مكافحة المرض الذي يودي بحياة طفل كل دقيقتين هزيل بشكل عام، ونظراً لأنه ينتقل عن طريق البعوض فإن نصف سكان العالم يواجهون خطر الإصابة بالمرض، داعية الدول المانحة وحكومات البلدان التي ينتشر فيها الوباء لتكثيف جهود مكافحته.

واكدت منظمة أطباء بلا حدود هي الأخرى في وقت سابق أن الملاريا يواصل تأثيره على آلاف السكان اليمنيين في ظل نظام صحي ضعيف جراء الحرب الدائرة في البلاد، وأعلنت المنظمة أنها عالجت خلال العام 2017م فقط أكثر من 10 آلاف مصاب بالملاريا.

إلى الأعلى