منوعات

يتم ومعاناة وأحلام… تفاصيل قصة الفتى المغربي بلسان أهله

نداء نيوز – متابعات

صارت قصة الفتى أشرف صابر تشغل الرأي العام في المغرب، بعدما ظهر في مقطع فيديو وهو يبكي بحرقة لأن محاولة عبوره إلى سبتة الخاضعة لإدارة إسبانيا باءت بالفشل.

ولقي الفتى أشرف بعد انتشار الفيديو  تضامنا كبيرا وانتشارا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي في المغرب وحتى خارج حدوده، وتعالت الأصوات الداعية إلى تقديم يد العون له.

ومستعينا بعبوات بلاستيكية تطفو به إلى السطح وتحميه من الغرق، تحدى الفتى المغربي أشرف صابر كل الصعوبات والمخاطر وقاوم برودة مياه البحر المتوسط لبلوغ مدينة سبتة.

لكن الجنود الإسبان أوقفوه، وهو على مشارف تحقيق حلمه بالهجرة.

ولم يجد ساعتها الفتى سوى دموعا للتعبير عن ما يشعر به من حسرة وخيبة أمل، وصرخة كان يحمل من ورائه أشهرا من المعاناة، بعيدا عن أهله في انتظار فرصته للهجرة نحو الضفة الأخرى من المتوسط.

وكان حوالى 8 آلاف شخص معظمهم من المغاربة قد تمكنوا الأسبوع الماضي من الوصول إلى جيب مدينة سبتة (أقصى شمال المغرب) سباحة، وأعادت السلطات الإسبانية أكثر من ثلثيهم إلى المغرب.

والفتى أشرف صابر كان واحد من بين الأشخاص الذين أعادتهم إسبانيا إلى المغرب، في إطار اتفاقية هجرة تم توقيعها عام 1992 بين البلدين، وتقضي بإعادة المهاجرين غير النظامين الذين استعملوا تراب أحد البلدين للوصول إلى البلد الآخر.

وبعد مرور حوالى 6 أيام من إرجاع أشرف إلى المغرب، أعلنت إحدى المؤسسات الخيرية داخل المملكة عن التكفل به وبتقديم كل الدعم اللازم والظروف التي توفر له عيشا كريما، يغنيه عن خوض مغامرة هجرة سرية من جديد.

اختفاء وبحث

قبل نحو  4 أشهر ترك أشرف منزل أسرته بمدينة الدار البيضاء (وسط المغرب)، واختفى عن الأنظار، دون أن يترك وراءه أثرا يمكن لعائلته اقتفاءه للبحث عنه أو الإطمئنان عليه، سوى رسالة صوتية قصيرة يخبر فيها أمه بالتبني أنه قرر الهجرة قبل أن يتخلص بعدها من رقمه الهاتفي.

وتقول مريم (اسم مستعار) أخت أشرف من أمه الأولى بالتبني والتي فضلت عدم الكشف عن هويتها، إن شقيقها البالغ من العمر (16 عاما)، لم يبد أي اشارات تدل على أنه كان يخطط للهجرة، علاوة على أنه كتوم بطبعه، ولا يشارك أفراد أسرته همومه ومشاغله.

وتضيف مريم في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية” “لم نتوقف عن البحث منذ أول يوم من اختفائه بكل الوسائل المتاحة والممكنة، وقد قمنا بنشر ومشاركة صوره على فيسبوك، غير أن كل المحاولات باءت بالفشل”.

وعاش أشرف بعد وفاة أول سيدة كانت تتبناه سابقا رفقة إحدى قريباتها التي تكفلت برعايته منذ حوالى 6 سنوات، وظل يحلم بتحسين ظروفه الاجتماعية وظروف عائلته المتواضعة، بعد أن انقطع عن الدراسة في المستوى الخامس من التعليم الأولي.

بكاء بعد خيبة الأمل

وبعد مرور أشهر عن اختفائه وانقطاع أخباره، تفاجأت أسرة أشرف بانتشار مقطع الفيديو الذي وثق لحظة توقيف الجنود الإسبان لابنهم الذي كان يهم بالهجرة نحو سبتة، وهو ما ممكنهم من اقتفاء أثره والعثور عليه في مدينة القصر الكبير (شمال المغرب).

تحكي الشابة أن بكاء شقيقها وسط البحر، كان بسبب شعوره بمرارة الفشل وبخيبة الأمل الشديدة، بعدما ضاع كل الجهد الذي بدله شقيقها، لقرابة الساعة وهو يصارع موج البحر، وبعد تنقله لمدة أشهر بين مدن مختلفة من شمال المغرب في انتظار فرصة مناسبة للعبور.

وتقول مريم لـ”سكاي نيوز عربية” :” لقد مر أخي من لحظات صعبة وعصيبة، وأخبرنا عن تفاصيل ذلك اليوم بحسرة كبيرة، وكيف خارت قواه بمجرد وصوله إلى اليابسة، ولم تعد تسعفه لتسلق الجدار الموصل إلى سبتة، رغم تخلصه من العبوات البلاستيكية وتجاوزه للجنديين الإسبانيين كما يوضح المقطع الأخير من الفيديو”.

وتستطرد الشابة أن السلطات الإسبانية التي أوقفت أشرف كانت قد وعدته بنقله وسط مدينة سبتة حتى يطمأن ويهدئ من روعه، غير أنه تفاجأ بإعادته إلى المغرب بسبب الأعداد الكبيرة للأطفال القاصرين والاكتظاظ الذي تعرفه الأماكن المخصصة لإيوائهم.

ولا يزال أشرف تحت تأثير الصدمة من جراء الأحداث المتسارعة التي عاشها خلال الفترة الأخيرة، والشهرة التي أصبح يحظى بها وسط المغاربة حسب أخته.

تضامن واسع

ومع انتشار مقطع الفيديو، عبر الآلاف من المغاربة عن تضامنهم مع الفتى أشرف وهو ما تكلل بتطوع مؤسسة عطاء الخيرية بالتكفل برعايته و بدعمه من أجل تحسين وضعهم الاجتماعي.

وقال رئيس مؤسسة “عطاء” جلال عويطة في منشور على صفحته بفيسبوك”: “حالة أشرف صعبة جدا.. عاش اليتم بكل معانيه منذ الصغر و بحجم حرمان كبير جدا، لا أب ولا أم”.

وأكد الناشط المدني أن المؤسسة الخيرية، ستتكفل بتوفير منزل لعائلة أشرف، كما ستساعده على الالتحاق بالتكوين المهني خلال الأسبوع المقبل إضافة إلى تسجيله في نادي رياضي.

وتقول ميلودة غولامي والدة أشرف بالتبني، أنه تم الاتفاق مع المؤسسة على أن يكمل أشرف دراسته داخل إحدى المعاهد المتخصصة في تدريس اللغات الأجنبية وتمكينه من تدريب خاص في مجال نجارة الألمنيوم، مع تأجير منزل للعائلة لمدة سنة.

وتضيف أم أشرف في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن هذه المساعدة من المرتقب أن تتلوها خطوات أخرى من قبل المؤسسة الخيرية، إذا ما أظهر أشرف التزاما وانضباطا في الدراسة والتدريب، بالإضافة إلى تخليه عن فكرة الهجرة السرية نحو الخارج بصفة نهائية، وإظهاره للرغبة في التغير نحو الأفضل.

تؤكد الوالدة على أن كل ما يتطلع له ابنها اليوم هو تحسين ظروف عيشه دون الحاجة إلى المغامرة بحياته مرة أخرى في عرض البحر، بحثا عن فرصة يمكن أن تتوفر له داخل بلده وغير بعيد عن عائلته.

إلى الأعلى