اراء وكتاب

“خلوا الانتقالي ينفعكم!

ياسر الأعسم يكتب…

انتصرنا وتحررت عدن، وبرغم مأساة الحرب التي عشناها والتضحيات التي دفعناها والجروح التي تنزف في كل بيت، كان يراودنا حلم أن نصنع مصيرنا بأنفسنا ونستعيد حياتنا الكريمة. 

* في ذروة النصر أقسمنا بألا نسمح للذين جروا مؤخراتهم خلفهم وتركونا نتجرع الألم وحدنا بامتطاء تضحياتنا وسرقة أفراحنا، ولكن مع الأسف الحسابات السياسية وتحالف المصالح لجمت إرادتنا ولم تحترم مشاعرنا وجردتنا من كل مكتسباتنا، والذين أقسمنا بالبصق على وجوههم، عادوا لاحتلال حياتنا و(خس البقر) أصبحوا قادة ومسئولين بقرار جمهوري. 

* تعيش عدن ظروفا صعبة ومعقدة والكل ينهش في جسدها بلا رحمة أو إحساس بالخجل، وأصبحت حياة الموطن البسيط وأحلامه ولقمة عيش أطفاله على كف عفريت، فالمسئولون على سلطتها من المحافظ إلى أصغر وكيل ومأمور مديرية، والقائمون على المؤسسات الحكومية وقياداتها الأمنية، تكاد تكون ضمائرهم ميتة، إلا من رحم ربي. 

* حدثني عاقل حارة أحد الأحياء الشعبية الفقيرة في عدن أن قائدا عسكريا كبيرا ومحترما محسوبا على المجلس الانتقالي حاول بمبادرة شخصية مد يد العون لسكان الحي والمساهمة في التخفيف من معاناتهم المستمرة من انقطاع المياه والكهرباء وذلك بالشراكة مع السلطة المحلية، حيث استدعى بعض مسئولي المحافظة والمديرية وعقد اجتماعا بحضور شخصيات يمثلون الأهالي، وقد تعهد المسئولون أمامه بمعالجة وحل مشكلات الحي بأسرع وقت. 

* توقف عاقل الحارة عن الكلام للحظة، ثم تنهد وقال بحسرة.. انتظرنا يومين وذهبنا لمتابعتهم ولكننا لم نجد منهم غير المماطلة، وتعاملوا مع معاناتنا ببرود شديد ودون إحساس بالمسئولية، حتى إن أحدهم قال لنا بنبرة شماتة ونحسبها نكاية بموقف القائد العسكري: خلوا الانتقالي ينفعكم. 
* نحتفظ بأسماء هؤلاء المسئولين الذين تعجز الكلمات عن وصف وقاحتهم ونعتقد أنها جريمة أن يولوا علينا مثل هذه العقول البليدة، والمصيبة أننا نعلم ماضيهم وسيرة حياتهم من قبل أن يأتوا إلى السلطة، فقد كان كثير منهم نكرة، فصنعت الانتهازية والفوضى مناصبهم، واليوم يستخفون بعقولنا ويريدون أن يبيعوا لنا بضاعتهم الرخيصة. 

* قد لا نستطيع أن نبرأ المجلس الانتقالي والتحالف العربي من وزر معاناتنا، ولكن ما يثير سخطنا أن يصبح الانتقالي شماعة فساد وفشل مسئولي الشرعية، فكثير منهم غارقون في الفساد بكل أشكاله وصوره القبيحة، ومنهم من يخزنون ليلا و(يوتسون) حتى الفجر وينامون النهار كله، وإذا سألهم عن الخدمات ومعاناة الناس (بهرروا) وقالوا: الانتقالي لم يتركنا نشتغل. 

* لسنا أوصيا على قناعة الآخرين ولا نجبر أحدا بأن يخفض جناحه للانتقالي، ولكن ليس من الشجاعة أن تعيشوا بوجهين ومن العار أن تجعلوا المواطن ضحية صراعاتكم وأحقادكم، فمن يريد أن يصفي حساباته مع الانتقالي، فليكن ذلك بعيداً عن معاناة البسطاء. 


* لسان حال المواطن يقول من يخدمنا ويدفع عنا المعاناة سنحترمه ونجعله تاجا على رؤوسنا، ومن يخذلنا ستلاحقه لعناتنا.

انقر للتعليق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إلى الأعلى