نداء نيوز – متابعات
رصد مؤخراً اصطدام ثقبين أسودين عملاقين بقوة جبارة اعتبرها البعض ثاني أكبر حدث كوني منذ الانفجار العظيم! في ظاهرة نادرة وفريدة.
حدث فلكي استثنائي بكل المقاييس وصفه آلان وينشتاين، عالم الفلك في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، في حوار مع المجلة العلمية الأمريكية “بوبولار ساينس” بقوله “إنه أكبر انفجار رصدته البشرية على الإطلاق منذ الانفجار العظيم”.
وجاء تصريح وينشتاين بصفته عضواً في الفريق العلمي الذي اكتشف تصادم ثقبين أسودين عملاقين، وهذا الاكتشاف من شأنه المساعدة في تراكم مزيد من الأدلة لفهم سبب ظهور الكون بالشكل الذي نعرفه اليوم. تصادم ثم انصهار الثقبين الأسودين حدث على بعد حوالي سبعة مليارات سنة ضوئية من الأرض. مسافة تعجز مخيلة العقل البشري حتى على تخيلها. اندماج الجسمين الكونيين الهائلين أدى إلى ميلاد ثقب أسود أضخم، ما بعث بكمية من الطاقة الهائلة تسببت في اهتزاز واضطراب النسيج الزمكاني للكون. والزمكان هو مفهوم فيزيائي يدمج بُعدي (الزمان والمكان) ويمكن تعريفه على أنه الفضاء بأبعاده الأربعة (الأبعاد المكانية الثلاثة وهي الطول والعرض والارتفاع بالإضافة إلى الزمان). وتتصور نظرية النسبية لأينشتاين الزمكان كنسيج أو شبكة تضم وتحمل كل شيء في الكون ولا شيء يوجد خارجها وفق dw.
وتمكن العلماء من رصد هذا الحدث الكوني الجبار من على كوكب الأرض إذ اهتز وتوسع النسيج الزمكاني ما أدى إلى ظهور موجات جاذبية وصلت حتى كوكبنا، وبالتالي لا توجد هناك صورة فوتوغرافية لحادث الانفجار في حد ذاته، لكن الباحثين تمكنوا من رصد الضوضاء التي نتجت عن الانفجار في إشارة تم تصنيفها تحت رقم “GW190521″، ولم تدم سوى عشر ثانية لم يكن للباحثين توقعها.
الثقوب السوداء أجسام كونية تتشكل في مخاض أفول النجوم الضخمة وانهيار نواتها، ويميز العلماء بين ثلاثة أنواع من الثقوب السوداء: أصغرها وتتشكل نتيجة انهيار جاذبية كتلة نجم واحد، ثم فئة الثقوب السوداء العملاقة، كما هو حال الثقب الأسود الذي يتوسط مجرتنا (درب التبانة) على بعد 26 ألف سنة ضوئية من كوكبنا، وهو ثقب توازي كتلته أربعة ملايين ضعف كتلة الشمس. وهناك فئة ثالثة من الثقوب السوداء المتوسطة الكتلة، سبق وأن رصدها علماء الفلك. تتميز الثقوب السوداء بكثافتها وبقوة جاذبية جبارة لدرجة تمنع كل شيء من الانفلات بما في ذلك الموجات الكهرومغناطيسية كالضوء، ولذلك فهي تبدو مظلمة.
وذكرت الصفحة العلمية لموقع “فرانكفورته نويه بريسه” (27 أبريل 2021) أن “ما كان جديدًا بالنسبة للعلماء هذه المرة هو أن أثقل الثقبين الأسودين المتصادمين كان في وضعية تسمى علميا بـ”عدم الاستقرار الزوجي”
ورغم ذلك فإن كتلته كانت توازي ما يعادل 85 ضعف كتلة الشمس”. وذكر ألان وينشتاين أن النجم الذي ينهار لا ينبغي أن يكون قادرًا على تكوين ثقب أسود في نطاق يتراوح بين 65 إلى 120 كتلة شمسية. والسبب أن النجوم الضخمة تنهار بعد ما يسمى بـ”سوبرنوفا”. وعادة ما يكون الثقب الأسود نجمًا سابقًا ينهار بعد استهلاكه كل وقوده وينتهي بانفجار هائل (سوبرنوفا). ثم تتجمع الكتلة حول النواة السابقة وتجذب كل ما هو قريب. ويرى وينشتاين أن التفسير المحتمل ربما يرتبط بنظرية تسمى “الاندماجات الهرمية”، حيث تندمج الثقوب السوداء الخفيفة أولا مع كتلة النجوم وتتماسك بالتالي مع بعضها البعض تدريجيا حتى تصبح ثقبا أسودا عملاقا.
في علم الفلك، تشكل مراقبة الأجرام السماوية البعيدة طريقة للسفر إلى الماضي السحيق. قياس قوة جاذبية الثقب الأسود تعكسها موجات الضوء المنحرفة حول النواة السوداء للثقب، فيما تظهر المناطق المحيطة بطريقة فريدة جدًا. وتبدو الصورة أكثر إثارة عندما يقترب ثقبان أسودان من بعضهما البعض في دوران مشترك يقودهما في النهاية إلى الانصهار التام. ويفترض الباحثون أن تكون الثقوب السوداء في مثل هذه الأنظمة المزدوجة محاطة بسحب من المادة لم تصطدم بمركز الجاذبية لفترة قد تدوم بضع ملايين من السنين.