حوارات واستطلاعات

ريف تريم يدفع ضريبة الحرب!

نداء حضرموت – تريم – تقرير- مريم المعاري

خميس.. ليس اسماً ليوم من أيام الأسبوع، بل هو اسم لرب أسرة مكونة من 3 أطفال وزوجة، من أبناء مدينة تريم بوادي حضرموت جنوب شبه الجزيرة العربية، ورث مهنته كمزارع أباً عن جد. كان خميس يزرع التمر، والحنا، والطماطم، والباباي والبصل ويبيع انتاجه في الأسواق المحلية وكغيرة من مزارعي منطقه تريم، فقد كانت الزراعة هي مصدر الدخل الرئيسي له ولعائلته وكانت متنفسه وجزء من ارتباطه بالأرض الذي يعتبرها أحد أبنائه.

تغير وضع خميس عند بدايه الحرب 2015 حيث ادت احداث العنف وانهيار مؤسسات الدوله وانقطاع الخدمات الاساسيه مثل الكهرباء والديزل والبترول وتقلص الاستثمار المحلي والبيع والشراء بالاضافه الى انهيار العمله المحليه الى ضيق وضعه المعيشي. كان المزارع خميس يرتب لتوسيع عمله وتطويره ولكن ومع استمرار الحرب وتدهور اوضاع مزرعته لجأ الى أخذ دين من أحد أقربائه لشراء مواد ترفع نسبة نمو الزراعة وتنوع المحاصيل الزراعية ، ومن ثم يقوم بسداد ديونه من المحاصيل الناتجة، لينصدم مجدداً بنكسة أخرى، وهي ارتفاع أسعار المشتقات النفطية التي كانت بدايتها نهاية العام 2016م مما شكل صعوبه فائقه لخميس حيث ان إيصال المياه من البئر الارتوازية إلى المزرعة كانت تستغرق في الساعة الواحدة أكثر من 40 لتراً من مادة الديزل، خصوصاً مع بدء شحة المياه، ووصول سعر 20 لتراً من الديزل إلى أكثر من ثمانية آلاف ريال يمني أي “أكثر من ضعف السعر قبل الحرب”، ومنها ارتفاع الأسعار مجدداً نتيجة تدهور العملة اليمنية أمام العملات الأجنبية.

بات القلق يؤرق خميس في كيفية إدارة المزرعة في ظل الازمات المتفاقمه والمتلاحقه، وتحت ضغط الديون التي تلاحقه، حيث كان من المقرر ان يسدد دينه من قيمة محاصيل حصد الثمار ومع عجزه عن توفير المبلغ.

اضطر المزراع خميس لهجر مزرعته وبات يبحث عن مهنة أخرى تمكنه من سداد ديونه ، ولكنه لا يمتلك حرفة سوى الزراعة، استغرقت فترة بحثه شهورا ، في حين الديون تتضاعف للايفاء باحتياج أسرته للمستلزمات اليومية.

بدأ خميس ببيع أغراضه الخاصة بالزراعة، ومن ثم أغراضه المنزلية الخاصة، بدأً من ذهب زوجته ليستمر به الحال في البحث عن دخل بديل لحوالي عام.

سماسره الحرب:

بسبب تداعيات الحرب واثارها المدمره اقتصاديا على المزاراعين .اتجه العديد من المزارعين الى بيع اراضيهم التى لم يعد بامكانهم في دفع تكاليف رعايتها وتنميتها والانتاج منها.

سمع خميس من اصدقائه المزارعين عن سماسره الاراضي الذي يقومون بشراء الاراضي الزراعيه وبدأ هو ايضا يفكر ببيع ارضه التي قضى معظ حياته في العمل بها من اجل ان يتخلص من ضغط الديون وليعين أسرته
تخلى خميس عن حلم الزراعة، وعرض أرضه للبيع والتي أصبحت اليوم قطاعاً سكنياً. سدد خميس ديونه ولكنه فقد مصدر دخله ولم يجد مهنه اخرى .

في حين قام نجل خميس الشاب إلى التسجيل كجندي في القوات المسلحة الحكوميه ليساهم في أعالة أسرته ، وترك دراسته.

المزارع خميس شأنه شأن الكثير من المزارعين في البلاد الذين اضطروا للعزوف عن الزراعة وتوقف تصدير المنتجات الزراعية، وتخلوا عن مهنتهم نتيجة لتدهور الوضع الزراعي بسبب الحرب وهناك العديد من القصص المماثله لقصته والتي جعلت من الزراعه مهنه محفوفه بالكثير من التحديات.

في سياق بحثنا عن أسباب قصة خميس طرحنا تسائلتنا على مكتب الزراعة بمديرية تريم ممثلة بالأستاذ/ أحمد أبو بكر الشاطري، في إذا كان هناك خطط وتدخلات في دعم المزارعين في السنوات الخمس الماضية وأفاد الأستاذ أحمد بأن مديرية تريم بوادي حضرموت من أجمل المدن الحضرمية ، حيث تتميز بقصورها الفخمة والمبنية من الطين والتي بناها عمال مَهرة من أبنائها الذين استطاعوا تكييف طرق البناء المحلية التقليدية لاستيعاب فنون العمارة الإسلامية واليونانية والشرق آسيوية، وتفردها بطابع البناء المعماري الطيني الذي جمع فيه أبناؤها بين طابع البناء الحضرمي والآسيوي، وهو ما أكسب قطاع الثقافة والسياحة بالمديرية مكانة خاصة، تعد مساحة المدينة حوالي 1,117 ميل مربع، بينما تبلغ كثافتها السكانية حسب إحصائية 2012م بـ 58,523نسمة، وكانت تريم عاصمة لحضرموت القديمة وسميت باسم ملكها الذي يدعى “تريم بن حضرموت “، وهي العاصمة الدينية منذُ القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) وتضم أكثر من 365 مسجداً، و300 مفتي من علماء الدين.

اشتهرت المديرية بعلمائها ومكانتها المعروفة بمدرسة الوسطية والاعتدال على الصعيد الديني، واشتهرت أيضاً بانتشار المزارع فيها لخصوبة تربتها ومناخها المهيأ على صعيد الزراعة، ناهيك عن ممارسة أهلها وشغفهم بمهنة الزراعة، إذ بلغت مساحة الزراعة بالمدينة 2480 هكتار، وعدد المزارع فيها بلغت نحو 720 مزرعة، بينما عدد مزارعيها يقارب الـ 15,000 مزارع، بما يشكل 30% من عدد السكان، وتتنوع الزراعة في المديرية بين النخيل والقمح، الذرة الرفيعة، والبرسيم، اليمم الحامض، الخضار بمتلف أنواعها، والباباي وهذا ما يجعلها أكثر المدن الحضرمية التي تمارس فيها مهنة الزراعة.

عادات وتقاليد المديرية قديماً كانت تقتضي مشاركة النساء في العمل الزراعي فالزراعة في المدن والأرياف لا تقتصر على الرجل فقط فالنساء يعملن في الزراعة الحيوانية أو النباتية ويشكلن حوالي 40% من عدد سكان تلك القرى وبحوالي 80% يعملن في الثروة الحيوانية لإزالة الحشائش والتزريع والحصاد.
بالرغم من شهرت مديرية تريم وصيطها الا أن الحرب خلفت خلفها أضرار انعكست بشكل سلبي على المزارعين بصورة مباشرة عن طريق أرتفاع أسعار:

  1. المكونات الزراعية بنسبة 200%
  2. أرتفاع أسعار المشتقات النفطية بنسبة 300%
  3. أرتفاع قيمة الطاقة الكهربائية بنسبة 150%
  4. أرتفاع أسعار الأيدي العاملة بنسبة 100%
    كما تأثر المزارعين أيضاً من تحويل أراضي الزراعة إلى أرياف سكنية والأمراض المصاحبة للثروة الحيوانية والنباتية، وبالرغم من التأثيرات المعاكسة للمزارعين الا أن المزارعين لجوا إلى حلول بديلة أخرى للتغلب على المشاكل مثل الطاقة الشمسية للتغلب على مشكلة الطاقة الكهربائية، وأصبحوا يستثمرون بشكل أفضل بوجود الحلول.
إلى الأعلى