اخبار عربية ودولية

#مصر.. المدفأة المضروبة قنبلة موقوتة في بيوتنا

نداء حضرموت – متابعات

حذّرت الإدارة العامة للحماية المدنية من الاستخدام الخاطئ للمدفأة، والتي نتج عنها وفاة العديد من الأشخاص مؤخرًا، مؤكدين أنه يجب اتباع أُسس وقواعد السلامة لكي لا يحدث أي حرائق كما حدث مؤخرًا في أكثر من واقعة.

يقول اللواء ممدوح عبد القادر مدير الحماية المدنية السابق في حديثه مع “سكاي نيوز عربية”، إن جميع الدفايات تنتج غازات ومواد خانقة كأول أكسيد الكربون، بخلاف غازات تخرج من المدفأة تقوم بتخدير الجسم في البداية ثم تتم عملية الاختناق.

وكان 4 أشخاص في مصر قد توفوا قبل أيام في منطقة فيصل بالجيزة، ونجت طفلة صغيرة بأعجوبة، بعد أن احترقت شقتهم نتيجة استخدامهم لإحدى المدافئ المضروبة في غرفة محكمة الغلق، ليتحول الدفء المرجو إلى صراخ يلتمسون من خلاله النجاة من الموت.

وأكد مدير الحماية المدنية السابق أنّه يجب في حال استخدام الدفايات البسيطة التي تعتمد على “الشمع” أن يتم توجيهها إلى الحوائط وألا تكون مواجهة لأي من المفروشات الموجودة في الغرفة، وعدم وضعها على السجاد، بجانب عدم إحكام الغرفة الموجود بداخلها الدفاية، وأن تكون متجددة الهواء.

من بين القواعد التي حددتها الإدارة العامة للحماية المدنية، التأكد من تعليمات التشغيل الخاصة بكل جهاز كهربي قبل تشغيله، وفصل التيار عند القيام بأي أعمال منزلية كغسيل الجدران والأسقف والأرضيات، وعدم ترك الدفايات تعمل ليلًا أثناء نوم القاطنين بالشقة لتجنب حدوث ماس.

كما أكدت الإدارة العامة للحماية المدنية، أنه يجب صيانة جميع الأسلاك الكهربائية بشكل دوري، والتأكد من أنها داخل الأنابيب المعزولة، وعدم تشغيل أي مصدر كهربائي حال الاشتباه في وجود تسرب غاز، وعدم تشغيل أكثر من جهاز على مشترك واحد وتركها أثناء النوم.

كابوس المنازل المصرية

يقول الدكتور السيد طه الشعناني طبيب السلامة والصحة المهنية، “أكثر الأجهزة رعبًا في المنازل هي الدفايات، خاصة وأن غالبية المنازل تستخدم الدفايات المقلّدة، والتي يتّحد فيها غاز أول أكسيد الكربون الناتج عن التدفئة مع الهالوجين في الدم المسؤول عن نقل الأكسجين من الجو إلى الدم، ليحدث فقدان الوعي، ومن ثم الوفاة في حال تطوّر الأمر لحريق”.

وأكد “الشعناني” في حديثه مع “سكاي نيوز عربية” أنّ الحلّ يكمن دائمًا في الالتزام بمعايير الأمان والسلامة الخاصة بالدفاية الموجودة على ظهر العلبة، بجانب عدم إحكام غلق الأبواب وترك مساحة لتجدد الهواء، وقبل ذلك كله شراء الدفايات من أماكن موثوق فيها.

وأشار طبيب السلامة والصحة المهنية، إلى أن عدد كبير من دول العالم تعتمد على التدفئة المركزية، أو التدفئة الناتجة عن احتراق الفخم أو الأدوات المخصصة لذلك داخل المنازل، ولكن الدفايات بشكل عام “كابوسًا في المنازل المصرية”.

من بين تحذيرات الإدارة العامة للحماية المدنية، عدم وضع الأجهزة الكهربائية بجوار السوائل منعًا لحدوث ماس واشتعال الشقة، وتجنب تشغيل الدفايات لساعات طويلة والتي ينجم عنها الحرائق، وعدم استخدام الأدوات الكهربية الرخيصة أو الماركات المستحدثة وغير الصالحة للاستخدام.

انتشار الدفايات الصينية

بعد التحذير من استخدام أدوات غير صالحة للاستهلاك الآدمي، انتقلت “سكاي نيوز عربية” لأحد الأسواق الشهيرة ببيع الأجهزة الكهربائية في مصر، فيقول سعد أحمد أحد التجار إنّ الدفايات الصينية هي المنتشرة في الأوساط المصرية والأكثر مبيعًا على مدار الشهور الماضية، بينما يقل شراء الدفايات المستوردة لغلو أسعارها، خاصة مع أزمة كورونا التي جعلت حركة البيع والشراء تتدهور في العالم أجمع.

وتابع “أحمد” في حديثه مع “سكاي نيوز عربية” أنّ “دفايات الزيت أو المعروفة بالهالوجين هي الأكثر مبيعًا، على الرغم من أنها ليست على درجة عالية من الأمان، بجانب الصيانة الدورة التي تحتاجها، وهو ما يجعلها مثل القانبل الموقوتة في البيوت المصري”.

في الوقت الذي يشير أحد التجار -رفض ذكر اسمه- إلى أنّ أسعار “الدفاية الشمعة” لا تتعدى الـ250 جنيه للخمس شمعات، وأغلبها في السوق بلا أي ضمان أو شهادة منشأة، ولكن تجار الأرصفة في الأسواق الشهيرة يعتمدون عليها ويخدعون المشتري، مؤكدًا أنه ينصح دومًا الجميع بعدم شراؤها والاعتماد على الدفايات الأصلية والاهتمام بالتحذيرات المدوّنة بداخلها.

طلب إحاطة

وكان النائب طارق متولي، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، قد تقدم بطلب إحاطة لـ وزيرة التجارة والصناعة الدكتورة نيفين جامع، حول انتشار الدفايات غير المطابقة للمواصفات بالأسواق، مؤكدًا أن أغلب الدفايات المتواجدة بمحلات الأجهزة الكهربائية مهرّبة ومجهولة المصدر ويُقبل عليها المستهلك لأن سعرها رخيص للغاية مقارنة بالدفايات الرسمية التي تتمتع بفترة ضمان ورقم تسجيل.

وأكد “متولي” في طلبه، أنّ هذه الدفايات تسبب مشاكل خطيرة تصل لدرجة الموت، فتزيد احتمالية حدوث صعق بالتيار الكهربائي من هذه الأجهزة، نتيجة لعدم وجود تجهيزات كهربائية جيدة بها، أو احتراقهم نتيجة اشتعال النيران التي خلفتها المدفئة الكهربائية، سواء عن طريق انصهار السلك الكهربائي الخارجي الموصل بها، لزيادة الأحمال عليه، وسحبه كمية كبيرة من الكهرباء، والتي لا تتناسب مع طبيعة صنعه، ما يؤدى إلى اندلاع حريق بالمنزل، فضلا عن صنع هذه الأجهزة بطرق غير مطابقة للمواصفات.

وفقًا لـ قرار وزارة الصناعة والتجارة الخارجية رقم 542 لسنة 2012 فإنه يُلزم المنتجين والمستوردين للدفايات بمراعاة القياسية المصرية الواردة بالكشف المرفق لاعتبارات الأمان والصحة والسلامة للمستهلك المستخدم لهذا المنتجات، والإخلال بها يضع مرتكبها تحت طائلة القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 بشأن قمع التدليس والغش، وتختص هذه المواصفات بالحماية من المخاطر الشائعة الناتجة عن الأجهزة والتي قد يواجهها الأفراد.

كما ذكر القرار أنّ‏، “من أمثلة الأجهزة التي تُطبق عليها هذه المواصفات الدفايات العادية بأنواعها والمثبتة بالجدران سواء المملوءة بالزيت أو التي تعمل بالحمل الحراري، وكذلك الدفايات الأنبوبية أو المستخدمة في البيوت الزجاجية للنباتات أو الدفايات المروحية”‏.

مصانع بير السلم

يقول أشرف هلال رئيس شعبة الأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية، إنّ “اللوم الأكبر على المشتري الذي يقوم بشراء دفايات غير معروف مصدرها، ينجذب لانخفاض سعرها دون أي دراية بأنه يقوم بشراء منتج غير مطابق للمواصفات الرسمية، ففي حال شراء دفاية صنعت في مصر فيجب عليه الانتباه إلى أنها خضعت للمواصفة الخاصة بالرقابة الصناعية، وفي حال كونها مستوردة فمعنى ذلك أنها خضعت للهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات”.

ويتابع “هلال” في حديثه مع “سكاي نيوز عربية” أنّه يجب الالتزام بكل معايير الأمان المعروفة للجميع، من عدم وضعها بالقرب من أقمشة، وتشغيلها في مشترك واحد مع عدد آخر من الأجهزة، ليؤدي ذلك لحدوث كارثة.

وأوضح رئيس شعبة الأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية أهمية حملات التفتيش المستمرة ولكن على المصانع التي تقوم بتصنيع الدفايات بالمخالفة للمواصفات القياسية، منوهًا “التاجر البسيط ليس له أي موقع من الإعراب، فهو اشترى دفاية، ويقوم ببيعها للمواطن والكسب من خلالها، فكيف له أن يدرك بكيفية التصنيع والمخالفات الموجودة فيها”.

ويتضمن قانون281 لسنة 1994 والمختص بتعديل القانون 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش بعقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تُجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع في أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق.

تصحيح المسار

الدكتورة سعاد الديب، رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك، تشير إلى أنّ مصانع “بير السلم” أزمة كبيرة للغاية في الأحياء الشعبية، تلتهم الغالي والنفيس، ويساعدهم في ذلك إقبال المواطنين على شراء الأجهزة “رخيصة الثمن” وغير المطابقة للمواصفات الرسمية.

وتابعت “الديب” في حديثها مع “سكاي نيوز عربية” أنّ “المستهلك لابد وأن يحمي نفسه بنفسه، فهل يعقل أن يراقب الجهاز كل مواطن يقوم بشراء سلعة ويحاول إقناعه بأهمية شراءها من الأماكن الرسمية، والحصول على فاتورة الشراء لكي يعود إليه في حال وجود أي أزمة في السلعة”.

وأشارت رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك، “أقمت قبل عامين تقريبًا مؤتمرًا يدعوا لفتح الباب لتلك المصانع المجهولة لتوفيق أوضاعها والعمل تحت مظلة رسمية، مع إعطائهم الأمان للتحوّل للصناعات الصغيرة، ودعمهم وتصحيح مسارهم، ولكن بلا أي نتيجة.. فـ كيف سنقنع أصحاب تلك المصانع على التحوّل ودفع الضرائب والتأمينات وبضائعهم رائجة في الأسواق وعليها الإقبال”.

ونوّهت “الديب” إلى أنّه يجب التعاون بين الجهات المعنية والمواطنين، ويتم الإبلاغ عن أعمال لمصانع غير شرعية في العقارات، وبالتحديد الأماكن الشعبية التي يسهل فيها فتح أي مصانع أو مخازن بالمخالفة للقوانين الرسمية، لكي تزول ظاهرة “مصانع بير السلم” وأن يكون هناك عقابًا رادعًا للمخالفين.

إلى الأعلى