نداء حضرموت – متابعات
أعفت وزارة النقل في تونس المديرة العامة للخطوط التونسية بعد شهر ونصف من توليها المنصب وذلك على خلفية أزمة تسيير وصعوبات مالية تفجرت بسب شركة الخدمات التركية “تاف” والتي نفذت عقلة توقيفية على حسابات مجمع الخطوط التونسية بتعلة ديون متخلدة بذمة تونس لفائدة الشركة ذات الرأس المال التركي.
وقد نفذت الشركة التركية عقلة قانونية على حسابات مجمع الخطوط التونسية الأمر الذي اعتبره نواب ومراقبون وخبراء إساءة لسمعة الدولة التونسية والخطوط التونسية.
وكشفت هذه الأزمة عن مدى ابتزاز الشركة التركية للخطوط التونسية واستفادتها من عقد ضد مصلحة الدولة التونسية فتح الباب على مصراعيه للحديث عن وجود نوايا للتفويت في الشركة لشركاء أجانب ربما يكونوا أتراكا أو قطريين.
والجدير بالذكر أن شركة “تاف” التركية تربطها عقود لزمة بالدولة التونسية على امتداد أربعين عاما تتكفل بموجبها ببناء مطار النفيضة الدولي بمحافظة سوسة الساحلية مقابل الاستفادة من خدمات المطار والخدمات الأرضية داخل مطار المنستير الدولي في محافظة المنستير.
اتفاق اعتبره اتحاد الشغل غير منصف للدولة التونسية محذرا من خطورة التفويت في الخطوط الجوية التونسية لفائدة تركيا.
وقال كاتب عام مساعد جامعة النقل باتحاد الشغل رضا الفهري لسكاي نيوز عربية إن ما تقوم به الشركة التركية هو ابتزاز للدولة التونسية حصلت بموجبه على امتيازات من المال العام دون وجه حق.
وأشار إلى أن الشركة التركية طلبت جدولة ديونها من الحكومة التونسية في 2019 وطالبت بالمزيد من الامتيازات وبمجرد الحصول عليها نفذت عقلة توقيفية على الحسابات الخاصة بالخطوط التونسية بسبب دين لها وهي مبالغ تدفعها تونس مقابل استغلال مطار النفيضة في محافظة سوسة وفق عقد لزمة يربط تونس بالشركة التركية.
ودعا الفهري لمراجعة هذا العقد من أجل ضمان حق الدولة التونسية فقد تم تمكين الشركة التركية من بناء مطار النفيضة بشرط مجحف ويمس من السيادة الوطنية وهو استغلال مطار محافظة المنستير الذي كان يمثل 40 بالمائة من مداخيل ديوان الطيران المدني والمطارات في تونس بالنسبة للرحلات المنخفضة التعريفة، كما أن الشركة التركية طالبت في مفاوضاتها الأخيرة بإعادة جدولة ديونها بسبب جائحة كورونا وتحرير خدمات النقل الجوي وفتح الأجواء مستهدفة بذلك نشاط مطار تونس قرطاج الدولي.
ووصف الفهري ما تقترفه الشركة التركية تجاه الناقلة الجوية بالأمر الكارثي مشيرا إلى أنها تسببت في تردي البنية التحية لمطار المنستير الدولي؛ فمنذ بدأ استغلالها للخدمات الأرضية تم تسجيل أضرار جسيمة على مستوى البنية التحتية والسلامة ووضعية الطائرات والتجهيزات وفق قوله، محذرا من خطورة منح امتيازات كبيرة للمستثمرين الأتراك على حساب الدولة.
وبخصوص الإضراب الذي دعا إليه اتحاد الشغل قال الفهري إنه “لم يكن من أجل تحصيل مكاسب مادية للعمال بل كان احتجاجا على حجز الشركة التركية على الحسابات البنكية للخطوط التونسية.
يأتي هذا فيما اعتبرت المختصة في الشأن الاقتصادي جنات بن عبد الله أن الأزمة داخل الناقلة الجوية التونسية ليست جديدة غير أن الخلاف مع الشركة التركية قام بتعريتها، إذ بات من الواضح أن العقد مع الشركة التركية يمس من السيادة الجوية لتونس وهو عقد احتكار يعمل ضد مصلحة البلاد.
وقالت بن عبد الله في حديث للموقع إن العقلة التوقيفية من شركة تاف تركية رأس المال على الحساب البنكي لمجمع الخطوط التونسية كشفت عن مخاطر عقود اللزمة التي تحابي الجانب التركي على حساب مصلحة تونس المطالبة بدفع مبالغ مالية للشركة التركية مقابل استغلالها لمطار النفيضة بينما تستغل الشركة التركية مطار النفيضة وتنتفع بالخدمات الأرضية لمطار المنستير مقابل بناء مطار النفيضة والذي تأخرت في الإيفاء بمواعيد تسليمه أكثر من مرة. ودعت المختصة في الشأن الاقتصادي إلى مراجعة عقود اللزمة من أجل حماية حقوق الدولة التونسية والخطوط التونسية التي تعرضت لتشويه السمعة بسبب تركيا.
من جهته اعتبر الخبير الإقتصادي جمال العوديدي أن غياب برنامج إصلاح الخطوط التونسية يخفي وراءه نية التفويت فيها لجهات أجنبية في إطار برنامج الإصلاح الهيكلي لصندوق النقد الدولي الدذي التزمت به حكومات سابقة ويقضي بالتفويت في المؤسسات العمومية وحتى وإن لم يتم ذلك عبر الآليات التقليدية بشراء أصول الشركة فسيكون في إطار قانون الشراكة مع القطاع الخاص والتفويت في الخدمات المربحة لفائدة شركات أجنبية كما هو الحال بالنسبة للخدمات الأرضية بالمطارات لفائدة الشركة التركية.
من جهة أخرى أوضح محامي أعوان شركة الخطوط الجوية التونسية جمال مارس أن تفريع الشركة سنة 2003 إلى ثمانية شركات مستقلة فتح باب الفساد وسمح بدخول الخواص والشركاء الأجانب وأضر بمداخيل الخطوط الجوية وقادها للأزمة المالية، مشيرا إلى أن مداخيل التموين وحدها كانت تكفي لخلاص أجور الشركة قبل التفريع ،كما أن الخطوط التونسية كانت تبيع الخبرات الفنية في الصيانة وميكانيك الطائرات لشركات عربية أخرى ما يمثل جزءا هاما من المداخيل وقد فقدتها بسبب قرار التفريع والشراكة مع الخواص والشركات الأجنبية.
و بخصوص العقد مع تركيا قال المحامي جمال مارس إن مدته أربعين عاما وبنوده تحتاج للمراجعة حيث يمنح إمتيازات كبيرة للشركة التركية كان من الأجدر أن تتمتع بها الشركات العمومية أو الرأس المال التونسي بدل الشركة التركية التي يبدو واضحا أنها تبتز الدولة ما يخفي وراءه شبهة ضغط سياسي ونية في إرباك المؤسسات الوطنية ومن بينها الخطوط الجوية التي تشغل ثمانية طائرات فقط من إجمالي 27 طائرة، ويخضع تعيين مديرها لدائرة المزايدات السياسية ما يعني هرسلة الشركة سياسيا وماديا بهدف التفويت فيها.
هذا ويعتبر مراقبون أن كل الأزمات في البلاد حتى الإجتماعية أو الإقتصادية جذورها سياسية متهمين حركة النهضة بالوقوف وراء التعيين الأخير على رأس الخطوط التونسية والذي اتضحت معه النية في التفويت فيها والإنتصار لمصالح الجانب التركي.
يأتي هذا فيما صرح وزير النقل بأن إقالة المديرة العامة ألفة الحامدي كان بعد خرقها لواجب التحفظ ونشر وثائق رسمية على مواقع التواصل الإجتماعي وأنه لم يتعرض لأي ضغوطات في إتخاذ قرار إعفاء الحامدي.
في سياق الأزمة نشر النائب بدر الدين القمودي ورئيس لجنة مكافحة الفساد بالبرلمان تدونية انتقد فيها ملاحق تكميلية غير قانونية لعقد الخطوط مع الشركة التركية “تاف” قائلا إنها تسببت في خسائر ضخمة لخزينة الدولة بأكثر من 500 مليون دينار من العملة الصعبة ، وذلك من خلال التخفيض بما نسبته 70% من مستحقّات ديوان الطيران المدنيّ والمطارات إضافة إلى تقسيط المبلغ المتبقي وهو 32.6 مليون يورو على 10 أقساط سنوية، مع فترة إمهال بسنتين كذلك تمت الموافقة على تعديل شروط اللزمة وربطها بحركة المسافرين،وكلها ضد مصلحة مجمع الخطوط الجوية التونسية بحسب النائب.
يأتي هذا فيما صرح رئيس الحكومة هشام المشيشي خلال لقاء جمعه بأمين عام اتحاد الشغل نور الدين الطبوبي بأنه لا نية للحكومة في التفويت في الخطوط الجوية التونسية وقد جاءت تصريحاته على خلفية مطالبات كثيرة من النشطاء والمجتمع المدني بضرورة تحييد قطاع النقل الجوي من الإستثمار الأجنبي لأنه رمز من رموز السيادة الوطنية.