نداء حضرموت – العرب
قطعت المملكة العربية السعودية الطريق على محاولة ابتزاز من قبل جماعة الحوثي التي عرضت على المملكة وقف الهجمات، التي تنفّذها بالطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية على منشآتها المدنية، مقابل أن يرفع التحالف العسكري الذي تقوده الرياض الغطاءَ الجويّ عن القوات اليمنية، التي تتصدّى لهجوم الجماعة الأعنف من نوعه على محافظة مأرب الإستراتيجية شرقي صنعاء.
ولعب طيران التحالف خلال الأيام الماضية دورا مفصليا في منع زحف الحوثيين على مركز المحافظة المذكورة، التي يصرّ هؤلاء على سقوطها بأيديهم استباقا لمسار تسوية سياسية للملف اليمني تدفع باتّجاهها الإدارة الأميركية الجديدة.
وفي رسالة قوية بشأن رفض عقد صفقات منفردة مع الحوثيين، أعلنت السعودية على لسان مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة عبدالله المعلمي، مواصلتها معاملة جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية.
وينطوي هذا الموقف السعودي أيضا على إعلان استقلال موقف المملكة عن منظور الإدارة الأميركية الجديدة، التي أعلنت قرارها إلغاء تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية أجنبية.
وقال المعلمي في تصريحات نشرتها بعثة المملكة في الأمم المتحدة على تويتر “ما زلنا نتعامل مع ميليشيا الحوثي على أنها منظمة إرهابية، ونتصدى لتهديداتها بالعمل العسكري”.
وجاء ذلك في ظلّ انتقادات شديدة داخل السعودية وخارجها لمواقف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من الصراع في اليمن، والتي انطوت بحسب المنتقدين على تساهل إزاء جماعة الحوثي، شجّع الجماعة المتمرّدة المدعومة من إيران على التصعيد في مأرب، وتكثيف الهجمات على المناطق السعودية المأهولة بالسكان.
وتريد الجماعة استثمار ذلك التصعيد لتحقيق مكسب كبير من شأنه أن يحدث انقلابا في موازين السيطرة الميدانية قبل إطلاق أي مفاوضات سياسية محتملة، يتمثّل في الاستيلاء على محافظة مأرب التي تضم أهم منابع ومنشآت استخراج النفط في اليمن.
وقال محمد علي الحوثي عضو ما يعرف بالمجلس السياسي الأعلى لجماعة الحوثي في تغريدات عبر تويتر، “نحن حاضرون إن وجدت الجدية، وكنقطة أولى نوقف الطيران المسير والصواريخ بإيقاف دول العدوان (التحالف) قصفها بالطيران على المحافظات والجبهات”.
وخلال الأيام الماضية كثف الحوثيون هجماتهم لفرض حصار على مدينة مأرب آخر المعاقل التي تسيطر عليها قوات موالية للحكومة المعترف بها دوليا في شمال اليمن تمهيدا لمحاولة اقتحامها، في معارك عنيفة خلّفت العشرات من القتلى من الطرفين.
وأفاد مسؤولان عسكريان في القوات الموالية للحكومة وكالة فرانس برس الأحد، بأنّ الحوثيين دفعوا بأعداد كبيرة من المقاتلين وشنّوا هجمات من عدة جهات على مأرب.
وأشار المصدران إلى مقتل 16 من القوات الحكومية وإصابة 21 آخرين، بينما سقط العشرات من القتلى في صفوف الحوثيين الذين لا يكشفون عادة عن خسائرهم. كما تم أسر 20 من المهاجمين.
وقال مسؤول إن المتمردين تمكّنوا خلال هذه المعارك من قطع خطوط إمداد في مديرية العبدية على بعد نحو 50 كلم جنوب مأرب، تمهيدا لإسقاطها بالتزامن مع هجمات أخرى ينفذونها. وأضاف “الهدف هو إطباق الحصار على مأرب”.
وكانت مدينة مأرب مركز المحافظة التي تحمل نفس الاسم والواقعة على بعد نحو 120 كلم شرقي صنعاء حيث يفرض المتمردون سيطرتهم منذ 2014، قد تجنّبت الحرب في بدايتها لكن المتمردين شرعوا منذ نحو عام في شنّ هجمات للسيطرة عليها، ثمّ كثّفوا هجماتهم في الأسبوعين الأخيرين.
ويسعى الحوثيون للسيطرة على مأرب قبل الدخول في أي محادثات جديدة مع الحكومة المعترف بها، خصوصا في ظل ضغوط إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للدفع باتجاه الحل السياسي.
ومن شأن سيطرة الحوثيين على مأرب توجيه ضربة قوية إلى الشرعية، إذ أن شمال اليمن سيصبح بكامله في أيدي المتمردين. ويقول مراقبون إنّ السلطة ستخسر جزءا كبيرا من صورتها كنظير مساو للحوثيين في محادثات السلام.
وكانت إدارة بايدن أعلنت مؤخرا سحب الدعم الأميركي للسعودية في اليمن، وقرّرت شطب المتمردين من القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية، رغم تصاعد القتال والهجمات بطائرات مسيّرة شنّها المتمردون على السعودية في الأسبوع الأخير.