بقلم / د.عيدروس نصر النقيب
يتبجحون ويلوحون ويحذرون وينذرون بالويل والثبور وعظائم الأمور إذا لم يتم استكمال تنفيذ المحلق العسكري والأمني من اتفاق الرياض، ويمارسون عملية التذاكي المصطنعة المغلفة بالعبط وهم يعلمون من الذي يمنع تنفيذ هذا الملحق.
بعد محاولات تعطيل اتفاق الرياض على مدى أربعة عشر شهرا التي مارسها هؤلاء النواحون، تمخضت المشاورات المطولة بعيد صدور آلية تسريع اتفاق الرياض، عن مجموعة من التفاهمات التي ما كان لها أن تتم لولا التدخل القوي والواضح للأشقاء المستضيفين للمناقشات في مدينة الرياض ورعاة نتائجها، وأهم هذه التوافقات أنها حددت كيف يتم ترتيب الوضع الأمني في العاصمة عدن ومن يتولى تأمين المقرات والمرافق الرئيسية ومحاربة الإرهاب وما هي القوات التي ستتولى حماية منطقة المعاشيق، وما هي القوات التي ستخرج من العاصمة وإلى أين، ومن يتولى تأمين المحافظات الجنوبية الثمان.
كما حددت التفاهمات من ينسحب من مناطق المواجهة وإلى أين، وحددت بوضوح ما هي القوى التي ينبغي سحبها من معسكراتها وعودتها إلى المكان الذي أتت منه قبل ما أسماها الإخوان بـ”غزوة خيبر” في أغسطس 2019م، مثلما حددت التفاهمات ما هي الألوية التي ينبغي أن تتحرك من مرابضها الأبدية في حضرموت والمهرة إلى مناطق المواجهة مع الحوثيين، واستعادة محافظات مأرب والجوف والبيضاء التي سلمت للحوثيين بليلة بيضاء.
لقد انسحبت قوات الدعم والإسناد الجنوبية من مناطق الشيخ سالم ووادي سلا والطريقة وسلمت مواقعها لقوات التحالف، لكن الطرف الآخر لم ينسحب بل راح يدبر التفجيرات والتفخيخات ويسهل العمليات الإرهابية التي استهدفت قوات التحالف العربي في مدينة شقرة بغرض إرهابها وإجبارها على الانسحاب وقد قيل إنها انسحبت من مدينة شقرة بكل اسف.
وبالنسبة لعدن قام الطرف الجنوبي بكل ما عليه فأمن دخول الحكومة وحماية المرافق ويسر للحكومة القيام بوظائفها، لكن ما جرى في مطار عدن وما تشهده عدن من اغتيالات وتفجيرات وعمليات إرهابية هنا وهناك، يدل على إن هناك أطراف لا يسرها الاستقرار في عدن وتسعى إلى إرهاب الوزراء وتطفيشهم، وترغب في البرهنة على أن القوات الجنوبية غير مؤهلة لحماية عدن وأن عدن يجب أن تخضع للأبطال الذين سلموا محافظة مأرب والجوف والبيضاء للحوثيين دون سواهم.
ونأتي للجزئية الجوهرية في هذه القضية وهي انسحاب القوات من أبين وشبوة وحضرموت والمهرة، واتجاهها إلى مناطق المواجهة في مأرب والجوف والبيضاء ونهم وبني حشيش وبني الحارث وصنعاء وعمران وحجة والمحويت، للتضييق على الحوثيين من أجل إسقاط صنعاء واستعادة الدولة المخطوفة، إليس كذلك؟
يعلم الإخوان الذين يصرحون ويلوحون ويلمحون بأهمية استكمال الملف الأمني والعسكري أن قرار هذه المناطق ليس بيد المجلس الانتقالي الجنوبي بل وليس بيد حكومة المناصفة، لكنه بيد نائب رئيس الجمهورية ونائبه ووزير الدفاع وهيئة الأركان وهم من ينبغي أن ينفذوا هذا الجزء من الملحق الأمني والعسكري، ولو نفذ هذا الجزء واستكمل تعيين المحافظين وقادة الأمن للمحافظات، سيكون اتفاق الرياض قد استكمل التنفيذ لكنهم يتهربون من هذه النقطة ويعتقدون أنهم قد أقنعوا العالم بأن المجلس الانتقالي الجنوبي هو الذي يمنع تلك الألوية من التحرك من مواقعها.
استكمال تنفيذ الملحق العسكري والأمني لم يعد مجالا للخداع والمزايدة ولا وسيلة للابتزاز فالطرف الجنوبي قد نفذ ما عليه، لكن الأدعياء يتبعون طريقة “الهجوم خير وسيلة للدفاع” فيتهربون من تنفيذ ما عليهم ثم يتهمون سواهم بعدم التنفيذ.انصاعوا لمطالب الاتفاق وتوكلوا على الله ونفذوا ما تبقى من الملحق الأمني والعسكري واتجهوا نحو استعادة العاصمة إن كنتم جادين، ولن نكون إلا عونا لكم، وكفوا عن شغل الضرة الفاشلة التي كلما تعثرت في إنضاج الطبخة اتهمت ضرتها بأنها تعمل لها سحر كي تفشل في عملها.
برهنوا قدراتكم واقلعوا عن تغطية فشلكم بتفوق الآخرين عليكم أخلاقيا ومهنيا وسياسيا .