اخبار عربية ودولية

تداعيات الانتخابات الامريكية واثرها على آلية التداول للسلطة

تحليل: صابر بن مقنع

المراقب والمتتبع للانتخابات الامريكية الأخيرة وتداعياتها على مستقبل الديمقراطية ليس في أمريكا فسحب وانما في كثير من دول العالم التي تنتهج من نظام التداول السلمي لحكمها.

يشهد هذا المراقب درجات التأثير الذي يمكن ان تحدثه هذه الانتخابات من تحولات في كثير من بقاع العالم والذي يمكن ان تستثمره بعض الأنظمة المناهضة لديمقراطية أمريكا لصالحا نتيجة اهتزاز الإمبراطورية الحاكمة لهذا العالم إضافة الى الخدش والسمعة السيئة الذي احدثتها هذه الانتخابات على مستقبل الديمقراطية الامريكية.

فالمتتبع والمراقب السياسي لتلك العملية الانتخابية يستنتج من خلالها تأسيس حالة الفوضى والانقسام في المجتمع الأمريكي وهذا بدوره سيؤثر على دول كثيرة بسبب كورونا الانتخابات الامريكية. فكورونا الانتخابات الامريكية قادمة .. قادمة الى الدول الأكثر تأثراً بالديمقراطية الامريكية.  

وبينما تعم الفوضى في الولايات المتحدة الامريكية، ايضاٍ ستحصل تحولات على صعيد كثير من القضايا التي تؤرق العالم في منظومته الأمنية. فبينما كان التسابق الانتخابي بين أنصار ترامب وجون بايدن محموماً في نوفمبر 2020م تجلت احداث متسارعة وهي كثيرة سنتناول بعض منها:

1. هدم منازل الاسر الفلسطينية بغرض توسيع رقعة المستوطنات الإسرائيلية.

2. مذبحة كرة القدم شمال موزنبيق والذي تبناها تنظيم الدولة الإسلامية من خلال ذبح 50 ضحية.

3. تصاعد العمليات العسكرية في أفغانستان

. اضعاف المجلس التشريعي في هونج كونك من خلال التدخل الصيني

. إعاقة التعاون الدولي في كثير من القضايا ذات العلاقة.

وهذا سببه الفوضى الدستورية التي خلفتها الانتخابات نتيجة التلويح بعدم تسليم السلطة من قبل ترامب للرئيس الامريكي الجديد جون بايدن على الرغم من تأكيد ترامب في تغريده له عبر منصة  “تويتر” ان بايدن قد حقق فوزا بنتائج الانتخابات.

وجرت العادة في جميع الانتخابات بأن يستدعى الفائز الى البيت الأبيض لإجراء عملية انتقال سلمي للسلطة للفائز بالانتخابات غير ان ما جرى عكس ذلك وهذا سيؤدي بدوره الى تغيير جدري في مفهوم آلية التداول السلمي للسلطة وبالتالي سيبحث من جديد في مفهوم الديمقراطية ولا شك بأن كثير من الدول ممن تعمل بهذه الآلية أي الأنظمة الأكثر تأثرا بالديمقراطية الامريكية ستجري إحداث تغيرات في أنظمة حكمها في المنظور القريب ربما يكون عشر سنوات او اقل.

اما على الصعيد الأمريكي:

فالأحداث التي تجلت في المشهد الأمريكي هي:

1.استقالة عدد من موظفي الإدارة الامريكية من كبار مساعدي السيدة الأولى ميلانيا ترامب.

. استقالة نائبة المتحدث باسم البيت الأبيض

ويرجح ان يستقيل عدد من المسؤولين مثل: روبرت اوبراين مستشار الامن القومي ونائبه ماثيو بوتينجر

2. مكالمة مسربة لترامب يطلب فيها من سكرتير ولاية جورجيا إيجاد أصوات لقلب نتيجة الانتخابات في تلك الولاية دون الإفصاح عن آلية إيجاد الأصوات وهذا بدوره أحدث هزة في الأوساط السياسية الامريكية.

3. ادعاء ترامب بعمليات تزوير كبرى حدثت منذ وقت مبكر للانتخابات

4. رفض المحاكم الامريكية لعدد 60 طعناً يقضي بعدم فوز بايدن  

5. تحريض مايك بنس من قبل ترامب على عدم التصديق في مجلس الشيوخ على فوز بايدن.

6. النفوذ الأجنبي لحملة ترامب الانتخابية امتداداً لفوزه في 2016 نتيجة التأثير الروسي على الحملة الانتخابية لصالح ترامب.

7. واخيراً ضرب قيم الديمقراطية الامريكية في عقر دارها

مفاجئة كبرى (خدش آلية التداول)

اما المفاجئة الكبرى والمستغربة هي حث الرئيس الأمريكي ترامب لأنصاره الى التوجه الى العاصمة واشطن للاحتشاد امام الكونجرس الأمريكي حيث يجتمع أعضاء مجلس الشيوخ والنواب معاً للمصادقة على نتائج الانتخابات.

ودعوة ترامب أنصاره الى الاحتشاد دعوة في باطنها حث أنصاره على القيام بأعمال شغب دون الإفصاح عن ذلك والهدف من هذه الفوضى تعطيل الانتخابات عن طريق اعلان حالة الطوارئ في البلاد ونستذل بذلك عدم توفير الحماية الامنية الكافية للكونجرس الامريكي وتركه عرضه لاقتحام الجماهير من أنصار ترامب.

حيث تجلت هذه الخطوة بعد ان أدرك ترامب ان الأغلبية من مجلس الشيوخ ومجلس النواب قد رفضوا الدخول معه لرفض التصويت على نتائج فوز بايدن.

وتعزي قوى مسؤولة في البيت الأبيض ان هناك تواطئ واضح وفاضح يتحمله وزير الدفاع المعين من قبل ترامب في 2016 وذلك لعدم توفيره الحماية الأمنية لهذا الصرح الأمريكي السيادي. ولذلك كان الهدف من ذلك فعلاً خلق حالة من الفوضى وسط العاصمة ووسط الكونجرس تمهيدا لإعلان حالة الطوارئ ويعني عملياً تعطيل الانتخابات بل وإلغائها.

والغريب في الامر ان هذه الانتخابات تؤسس لحالة من الفوضى ليس في وقتها الحالي بل في المستقبل القريب وسوف تؤثر دون شك تأثيراً مباشراً على مستقبل الديمقراطية الامريكية وتجلى ذلك من خلال:

. عدم اعتراف ترامب بنتيجة الانتخابات وفي نفس الوقت تأكيده على الانتقال السلمي للسلطة مع تأكيده ايضاً مهما تم انتقال سلمي للسلطة فأن الرئيس بايدن غير شرعي وهذا سيشكل خطراً حقيقياً على مستقبل الديمقراطية الامريكية بالإضافة الى التأكيد على ان تحولات كبرى ستحدث في العالم في المستقبل القريب خاصة في آلية التداول السلمي للسلطة وبالتالي إعادة النظر في مفهوم الديمقراطية برمته.

ان أي تغيير الذي يحدث في أي بلد او مجتمع يبدأ بأفكار هذه الأفكار تتدحرج في حياة المجتمع وان كانت ترى بسيطة عند البعض وكل مجمع التغيرات التي تحدث في حياة الأمم جلها أفكار وبالتالي تدرس من قبل رجال وفقها السياسة لاستثمارها بغرض احداث تغييرات جوهرية على بعض المفاهيم وخاصة المفاهيم المتعلقة بأنظمة الحكم ومنها مفهوم نظام الانتقال السلمي للسلطة.

وبالتالي تغيير آلية الانتقال السلمي للسلطة في الدول التي انتهجت من الديمقراطية الامريكية نظاماً لها في انتقال السلطة سيفقد ثقة المجتمع الناخب بها وهو ما يؤدي الى احداث تحولات في هذه الدول تصيب أنظمة حكمها.

مهمة صعبة:

ان عدم اعتراف ترامب بشرعية جون بايدن رغم تأكيده على الانتقال السلمي للسلطة في 20 من يناير 2021م هذه التصريحات ستصعب المهمة امام بايدن وستخلق الأمور الآتية:

1. حالة انقسام في المجتمع الأمريكي وخاصة المجتمع الناخب بعد ان حظيت أمريكا بتوافق وطني عريض لم تشهده كثير من الدول الكبرى.

2. قد يؤدي هذا الانقسام في المجتمع الناخب الى اجبار كثير من الكتل السياسية وخاصة الصغرى الى الانجرار وراء هذا الانقسام.

3. تغيير في مفهوم الديمقراطية ولو بنسب متفاوتة في أوساط الكتل السياسية.

4. انعكاس هذه الاحداث على الدول التي تنتهج الديمقراطية الامريكية نظاماً لانتقال السلطة في بلدانها.

الخلاصة:

هناك تحولات سيشهدها العالم بعد ان خدش مفهوم الديمقراطية الامريكية في عقر دارها كما حدثت تحويلات في الاتحاد السوفيتي ابان تبني جورباتشوف سياسة البروستوريكا.

متى؟ وكيف؟

هذا ما ستنبئ به السنوات القليلة المقبلة فانتظروا

إلى الأعلى