حضور الإمارات في حضرموت: محطات لا تحصى من الدعم الإنساني
المكلا – تقرير علي الجفري
سجلت دولة الإمارات العربية المتحدة بصمات إنسانية وخدمية وتنموية واضحة، عبر ذراعها الإنساني هيئة الهلال الأحمر الإماراتي التي دأبت منذ شروعها في العمل الإنساني بدءا من 2015 وصولا إلى عام 2020، عندما أرسلت أعضائها لإنقاذ المواطنين، بعد الأزمات التي أرقت كاهل المجتمع، حيث وزعت عشرات الآلاف من المساعدات الغذائية والإيوائية على مختلف المناطق المحررة في اليمن، ونفذت مشروعات خدمية وتنموية في عدة قطاعات ومنها التعليم والصحة والشؤون الاجتماعية والمياه والكهرباء، والتي استفاد منها جميع الفئات العمرية من مختلف الشرائح الاجتماعية. وقد حظيت محافظة حضرموت، بمديرياتها وقراها، خلال عام 2020م، بحزمة من المشاريع الاغاثية والتنموية والصحية والمجتمعية ومشاريع المياه والبنى التحتية والتي شملت معظم احتياجات المواطنين.
وليس بجديد على دولة الإمارات هذا الدور الإنساني، فهو توجه راسخ في سياستها الخارجية منذ عهد الراحل مؤسس الدولة، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، واستمر هذا العمل الدؤوب في عهد رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وبمتابعة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ، وولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وتنفيذ سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية رئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتي.
وساهمت الهيئة بشكل كبير في استعادة دورة الحياة الطبيعية واستقرار الخدمات الاساسية وهو ما انعكس بشكل إيجابي على حياة الناس في حضرموت، وما زالت الهيئة تبذل جهوداً مضاعفة في عدد من القطاعات المهمة بهدف تحسين الخدمات ومساعدة السكان من خلال تنفيذ حملات اغاثية تهدف إلى تحسين الحياة المعيشية للمواطنين عبر تقديم مساعدات إنسانية وإغاثية وتنموية لمساعدتهم على تجاوز الظروف المعيشية الصعب بسبب الحصار الغاشم التي فرضتها مليشيات الحوثي الايرانية على اليمنيين والذي أسفر عن تردي الأوضاع الإنسانية والمعيشية والصحية والبيئية في تلك المناطق، لذا جاءت خطط الهيئة لتوفير الاحتياجات الضرورية للسكان والأهالي هناك بصورة عاجلة لإنقاذهم، وتحسين سبل حياتهم.
واستعراضاً لأوجه العطاء والدعم المقدم من دولة الإمارات، سنتطرق إلى تلك الإنجازات الإنسانية والمجتمعية (بلغة الأرقام) للذكر لا الحصر وهي إنجازات قدمتها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي خلال عام 2020 ومازالت تقدم الكثير في تلك المجالات، وهو ما عزز كثيراً من استقرار الأسر وبث الحياة إلى المجتمع في أجمل صورها، يأتي أبرزها :-
الدعم الإنساني الغذائي:
كثفت الإمارات العربية المتحدة، مع بدء «عام 2020»، مشروعاتها الإنسانية المتمثلة بإغاثة المحتاجين، وتوزيع المساعدات الغذائية والإيوائية على الأسر الفقيرة والمتعففة وأسر الشهداء وذوي الاحتياجات الخاصة، وذوي الدخل المحدود، وكان لها دور كبير في إغاثة آلاف الأسر التي تفتقر إلى قوت يومها، بسبب الأوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة، التي عاشها اليمن جراء تدهور العملة وارتفاع الأسعار، بسبب مضاربات العملة التي تقوم بها قيادة الميليشيات.
وكعادتها كانت هيئة الهلال الأحمر من أولى المنظمات التي تغيث المناطق المحررة، سواء في محافظة حضرموت أو غيرها من المناطق، مع استمرارها في توزيع المساعدات الغذائية والإيوائية على المناطق التي تم تحريرها، خلال الأعوام الماضية. وتغلبت فرق هيئة الهلال الأحمر الإغاثية على الطبيعة الجغرافية القاسية، في العديد من مديريات المحافظة المترامية الاطراف ، ونجحت في إيصال المساعدات إلى المناطق الجبلية، وقد بلغت عدد السلال الغذائية التي تم توزيعها منذ بداية العام 2020م في محافظة حضرموت، (39448) سلة غذائية تزن ( 2,805 طن و 954.4 كيلو ) استفاد منها (197240) فردا من الأسر المحتاجة والمتضررة بالمحافظة. قطاع الصحة حظي القطاع الصحي خلال عام 2020، بدعم غير محدود من قبل الإمارات، حيث وصلت أياديها البيضاء إلى أقاصي محافظة حضرموت بأجزائها الساحلية والداخلية والصحراوية شمل تأهيل وترميم عدد من المستشفيات والمراكز، وتزويد البعض الآخر بالأدوية النوعية والمستلزمات الطبية، بهدف الارتقاء بخدماتها الصحية المقدمة للمواطنين، حيث دشنت الإمارات دعمها الصحي بتوقيع اتفاقية تعاون مع منظمة الصحة العالمية، بغرض دعم الرعاية الطارئة للحياة ورعاية الأمهات وحديثي الولادة في المكلا، وذلك لضمان الحصول على خدمات الرعاية الصحية الطارئة الأساسية، وقد سٌلمت منظمة الصحة العالمية في شهر مارس من عام 2020، معدات وتجهيزات طبية إلى مستشفى المكلا للأمومة والطفولة مقدمة من دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى ذلك دشنت الهيئة افتتاح المرحلة الاخيرة من مشروع تأهيل وصيانة مركز بنك الدم بمستشفى ابن سيناء بمديرية المكلا، بعد استكمال توريد الأجهزة والمعدات الطبية، الذي يقدم خدماته لأبناء المحافظات اليمنية الاربعة كونه المركز الوحيد في حضرموت المتخصص في توفير كافة فصائل الدم، وذلك ضمن الاستجابة الإنسانية التي أطلقتها القيادة الرشيدة بدولة الإمارات والتي كان اخرها توقيع اتفاقية لترميم وصيانة عدد ( ٨ ) مستشفيات حكومية ومراكز صحية بالمحافظة بقيمة إجمالية بلغت حوالي 67 مليون درهم، ويستفيد من هذه التدخلات اكثر من 3 مليون نسمة.
ولم يقتصر الدعم الصحي على دعم المستشفيات فقط ، ولكنه تخطى ذلك ليصل للتوعية والتثقيف الصحي عبر حملة توعوية وتثقيفية للوقاية من فيروس كورونا، بهدف زيادة الوعي لدى المواطنين عن فيروس الكورونا المستجد،(covid-19) وسبل الوقاية منه والخطوات الواجب إتباعها لتفادي انتقال هذا المرض للآخرين، وتضمنت الحملة انشاء فلاشات مرئية ومسموعة الى جانب توزيع منشورات توعية على المواطنين في الأسواق والشوارع الرئيسية، والمحلات التجارية، والمراكز الصحية، وتركيب لوائح عملاقة. وفي شهر مارس من العام الجاري دشنت الهيئة مشروع العيادة الطبية المتنقلة لعلاج المواطنين وتقديم الخدمات الطبية والعلاجية المجانية لأبناء القرى النائية بمحافظة حضرموت والمناطق المجاورة لها التي لا تتوفر فيها المستشفيات أو الكادر الطبي، و بلغ عدد المستفيدين منذ اطلاق مشروع العيادة أكثر من (5000) حالة مرضية جرى خلالها معاينة مختلف الحالات المرضية المتنوعة وإعطاء العلاجات والأدوية المجانية اللازمة، فضلا عن الأمراض المنتشرة في أوساط الأهالي ومنها علاج أمراض الحميات والالتهابات والسعال والإنفلونزا والجروح والحروق. و في إطار الاستجابة الطارئة ، سلمت الهيئة أدوية نوعية من (سلفات البروتامين) لمؤسسة أمراض القلب الخيرية بالمكلا، والذي يستخدم كعلاج حيوي وأساسي لجراحة القلب ويستخدم في عمليات القلب المفتوح، بعد ان تلقت الهيئة نداء استغاثة من المؤسسة عن قرب نفاذ الأدوية الخاصة بجراحة القلب في مركز نبض الحياة بالمكلا، حيث تم التجاوب وإيصال الكميات والأصناف المطلوبة.
مشاريع خدمية
1- ولم تتوقف أعمال الإمارات الإنسانية على الجانب الصحي والإغاثي، إذ اهتمت أيضاً بمساندة السلطات الرسمية لدعم المؤسسات الخدمية للرقي بتقديم خدماتها في هذا المجال، حيث سلمت الهيئة بمديرية المكلا عدد (10) سيارات خاصة لدعم الإدارات والمؤسسات الخدمية بمحافظة حضرموت، حيث دأبت الهيئة على العمل سوياً مع السلطة المحلية بمحافظة حضرموت، من خلال فتح المشاريع وتهيئتها للعمل، ومن أهم الإنجازات الموازية أيضاً المساعدات الفنية التي قدمتها ومازالت تقدمها الهيئة لكافة الجوانب الحيوية في محافظة حضرموت، حيث يأتي ذلك وفق رؤية خبيرة من أفراد متخصصين في مجالاتهم بهدف النهوض بالمجتمع.
2- وفي قطاع المياه، دشنت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي مشروعاً تنموياً جديداً لتوفير مصادر المياه في صحراء حضرموت، تمثل في افتتاح بئر ارتوازية في منطقة حوارم بمديرية القف في حضرموت، بعمق 470 متراً، يستفيد منها 4000 نسمة، لتلبية احتياجات سكان المناطق الصحراوية في محافظة حضرموت التي تعاني من شح المياه، وشمل المشروع أيضاً تركيب منظومة طاقة شمسية متكاملة بعدد 204 ألواح، وبناء خزان سعة 200 متر مكعب، وربطه بشبكة مياه الخط الرئيسي بطول 36 ألف متر وتزويدها بغطاس، ويتراوح إنتاجها من المياه، 3.5 لتر في الثانية، ونسبة ملوحة المياه بلغت 0.52 ملي، وتعتبر من المياه الصحية النقية الصالحة للشرب وفقاً للمعايير الدولية. ويأتي هذا المشروع الذي ينفذه الهلال الأحمر الإماراتي بالتعاون مع هيئة مياه حضرموت ضمن اهتمام دولة الإمارات بمشاريع البنية التحتية للتخفيف من معاناة المواطنين فيها.
وأكد القائمون على المشروع ان اعمال تجهيز بقية الآبار تنجز بوتيرة عالية ولم تعرف أي تجميد. مؤكدين أنه خلال الأيام القادمة سيتم استكمال وتشغيل بئرين ارتوازية جديدة في صحراء حضرموت .
مشاريع مجتمعية
1- أطلقت الهيئة، مبادرة لتوزيع الملابس الشتوية والبطانيات والخيام الايوائية في عدد من القرى النائية بمديريات حضرموت، الذين يعيشون أوضاعاً قاسية، بسبب موجة البرد القارس التي تعصف بحياة الكثير من السكان ومن البدو الرحل، وذلك للحد من تداعيات البرد الشديد، وتخفيف المعاناة اليومية عن الأهالي من نقص مستلزمات الحياة الضرورية.
2- وتفاعلاً مع المبادرات الإنسانية اطلقت الهيئة خلال شهر رمضان مشروعها الخيري السنوي لتوزيع (1000) وجبة إفطار على الصائمين بشكل يومي خلال شهر رمضان الفضيل ويعتبر مشروع إفطار الصائم أحد أبرز مشاريع الهيئة خلال شهر رمضان المبارك التي تهدف إلى إحياء فضائل الشهر الكريم في تجسيد قيم التآخي والتسامح ليعم الخير كل من هم بحاجة للتخفيف.
3- وأولت الإمارات مشروع توزيع أضاحي العيد اهتماماً كبيراً حيث دشنت الهيئة هذا المشروع على الشرائح المستهدفة من المحتاجين والمستحقين في محافظة حضرموت، مستهدفة عدد ( 9000) أسرة من الشرائح المحتاجة والمتعففة والمعوزين وذوي الاحتياجات الخاصة، ويأتي توزيع هذه الاضاحي امتثالا لتوجيهات القيادة الرشيدة بدولة الإمارات العربية المتحدة بتقديم كافة أنواع الدعم الإنساني السخي للأسر اليمنية، لتعزيز قدراتها على مواجهة الظروف الإنسانية الراهنة انسجاما مع خطة الإمارات الإغاثية طويلة الأمد في اليمن، وانطلاقا من مشاعر الأخوة والحرص على تخفيف معاناة المواطنين.
أعراس جماعية
وفي إطار دعمها للشباب، نظمت الهيئة، خلال العام الجاري، العرس الجماعي الـ22 في اليمن، والسادس في محافظة حضرموت، استفاد منه 200 شاب وفتاة، وذلك ضمن الأعراس الجماعية التي تقام تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لدعم استقرار الشباب وتعزيز النسيج الاجتماعي في اليمن، وبمتابعة من سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة رئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتي.
وتأتي هذه المبادرة النوعية ضمن استجابة الإمارات لمتطلبات الساحة اليمنية من الدعم والمساندة في جميع المجالات في عام 2020، ولتخفيف أعباء تكاليف الزواج على الشباب اليمني، وتيسير سبله والحد من الإسراف والبذخ في المناسبات الاجتماعية، وتعزيز قيم التكافل والتراحم بين أفراد المجتمع اليمني، وأسهمت هذه الأعراس، في رسم ملامح الفرح على وجوه المواطنين، وتقديم يد العون والمساعدة لهم.
نظرة إنسانية
لم تغفل الإمارات، خلال هذا العام، عن ذوي الهمم، وأدرجتهم في قائمة اهتماماتها التي شملت مختلف فئات المجتمع، غير أن هذه الفئات كان لها اهتمام خاص، وذلك في إطار الدور الإنساني للإمارات في اليمن، حيث زودت الهيئة جمعية الطموح لرعاية ذوي الإعاقة الحركية بمدينة المكلا بمحافظة حضرموت بوسيلة نقل وأثاث مكتبي وزي مدرسي الى جانب توزيع مشروع الحقيبة المدرسية على طلاب ذوي الهمم في مختلف المدارس والجمعيات بالمحافظة.
كما وزعت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي أطنان من المواد الغذائية والسلع الأساسية، على المواطنين من أصحاب الهمم بمديريات ساحل حضرموت.
واستفاد أكثر من 1000 من أصحاب الهمم من توزيعات الهيئة، التي تهدف إلى تخفيف وطأة معاناتهم وذويهم، نتيجة تفاقم الأوضاع المعيشية، وتردي الوضع الاقتصادي بسبب الحرب التي تشهدها البلاد.