حوارات واستطلاعات

سلطة بلا جذور دستورية.. من يُقيل من في بلد بلا برلمان؟

نداء حضرموت – خاص



في مشهد يمني مأزوم تتشابك فيه السلطة مع غياب المؤسسات، تتردد أنباء عن إقالة رئيس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك، في خطوة أثارت أسئلة دستورية لا تتعلق بشخص الرجل بقدر ما تلامس جذور النظام القائم بأكمله. فهل من يقرر اليوم يملك أصلًا صلاحية القرار؟

من الناحية النظرية، ينص الدستور اليمني – الذي لم يُلغَ رغم كل المتغيرات – على أن رئيس الجمهورية هو من يُعيّن رئيس الوزراء، ويعرضه على البرلمان لنيل الثقة. لكن هذا المسار لا يجد أرضًا يسير عليها في الواقع اليمني الحالي، فالرئيس الذي فُوض بصلاحياته غادر، والمجلس الذي خلفه لم ينتخبه الشعب، والبرلمان غائب، بل ميت سريريًا منذ أعوام.

أصل الحكاية: تفويض بلا تفويض

في أبريل 2022، سلّم الرئيس السابق عبدربه منصور هادي صلاحياته إلى مجلس رئاسي مؤلف من ثمانية أعضاء، يتصدرهم الدكتور رشاد العليمي. تم ذلك ببيان لا يستند إلى أي مادة دستورية، ولا عُرض على الشعب أو البرلمان. هكذا، أصبحت البلاد تدار من قبل كيان لا جذور له في نصوص الدستور، ولا شرعية له من صناديق الاقتراع أو تفويض مؤسسي.

الفراغ الدستوري يُنتج قرارات مشلولة

أي حديث عن “شرعية” إقالة رئيس وزراء في بلد بلا برلمان، وبواسطة مجلس لم يُنتخب، يُدخل الجدل في دائرة عبثية. فحتى تعيين بن مبارك نفسه كان بقرار من نفس المجلس، ما يعني أن من ينتقد إقالته بدعوى مخالفة الدستور، يقر ضمنًا بشرعية تعيينه بالطريقة نفسها.

وبذلك يصبح السؤال أكثر عمقًا: هل نحن أمام سلطة تملك مشروعية الحكم، أم أمام إدارة أمر واقع تتخذ قراراتها دون مرجعية قانونية واضحة؟

ما بين الدستور والواقع.. مفترق لا يلتقي

الخيارات أمام اليمنيين اليوم محدودة للغاية:
إما أن يتم الاعتراف الكامل بواقع ما بعد أبريل 2022 كمشهد سياسي جديد غير معتمد على الدستور،
أو أن يُعاد فتح ملف الشرعية من جذوره، بدءًا من لحظة تفويض هادي، باعتبارها لحظة خارج إطار القانون.

وفي الحالتين، يصبح الحديث عن شرعية إقالة أو بقاء رئيس الوزراء مجرد تفصيل صغير في مشهد أكبر من الخلل، بل من الانقطاع بين السلطة والقانون.

خلاصة المشهد

اليمن، كما يبدو اليوم، يعيش خارج الدستور دون أن يجرؤ أحد على إعلان موته رسميًا. والقرارات الكبرى تُصاغ داخل غرف سياسية لا تنتمي للمؤسسات، ولا تمر عبر صناديق، بينما يتنازع الفرقاء على تفاصيل فرعية في بلد انهارت فيه القواعد الأساسية للحكم.

إلى الأعلى