نداء حضرموت – الايام – متابعات
رغم قدم اليمن، فإن هذا البلد نادرا ما يتحد تحت راية واحدة، مما جعل الخبراء يقولون إن له تاريخا ثنائيا، يتواجه فيه الشمال الجبلي الذي لم يخضع أبدا للاستعمار الغربي، والجنوب المفتوح على العالم من خلال موانئه والذي خضع للاستعمار البريطاني من عام 1839 إلى 1967.
بهذه المقدمة، انطلق موقع أوريان 21 الفرنسي في محاولة لتحليل الوضع في هذا البلد الذي يتمتع بتاريخ خاص للغاية، يختلف عن تاريخ جيرانه، تلعب فيه القضية الجنوبية دورا سياسيا راسخا، ولا سيما بعد إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي -من جانب واحد- استقلالية المقاطعات الخاضعة لسيطرته، ليفتح بذلك مرحلة جديدة من الاضطراب.
وفي توضيح تاريخي، يقول الموقع إن نضال عمال الموانئ في عدن من أجل الاستقلال بين 1963 و1967، عزز تطور الحركة الماركسية في البلاد، فولدت جمهورية اليمن الشعبية الديمقراطية، المسماة “اليمن الجنوبي”، إلا أن التجربة الاشتراكية فيها لم تكن فعالة على المستوى الاقتصادي، وإن كانت “الدول الشقيقة” في أوروبا الشرقية ساعدتها في خلق بيرقراطية توفر فرص العمل ونوعا من التحديث.
ورغم تدفق النشطاء المعادين للإمبريالية إلى عدن وتغير المجتمع، فإن الدولة ظلت ممزقة بسبب التوترات ونوبات العنف، خاصة في يناير 1986، عندما قتل الآلاف في غضون بضعة أسابيع، وفق ما جاء بالموقع.
الوحدة المطعون فيها
وبحسب الموقع، فإن تنافس الجنوب مع شمال اليمن الذي يفوقه سكانيا بثلاثة أضعاف ويدور رسميا في فلك الولايات المتحدة في زمن الحرب الباردة، أدى إلى نزاعين عامي 1972 و1979.
ويرى الموقع أنه بغياب الحليف بسبب تفكك الاتحاد السوفياتي، بدأ جنوب اليمن عملية توحيد مع الشمال اكتملت في 22 مايو 1990، إلا أن دولة الوحدة الجديدة لم تقم على أساس المساواة، مما جعل العديد من الجنوبيين ينظرون إلى الوحدة باعتبارها نوعا من الهزيمة، وإلى هيمنة الشمال باعتبارها شكلا جديدا من أشكال الاستعمار.
وفي وقت مبكر من عام 1994، تحدت نخب الدولة الجنوبية السابقة شروط التوحيد وأعلنت الانفصال، إلا أن القوات الشمالية دخلت عدن في 7 يوليو 1994، لتعود الوحدة على مضض مع الجنوبيين.
ومع الزمن، تم تنظيم الحراك الجنوبي الذي يدعو إلى العودة إلى الحدود القديمة بين الشمال والجنوب، إلا أن إستراتيجية هذه الحركة لم تكن واضحة، لما بداخلها من الانقسامات، خاصة أن الشباب الذي لم يختبر الفترة الاشتراكية على الإطلاق يتطلع إلى شيء آخر غير الرجوع إلى الوراء.
ولذلك -يرى الموقع- أن الشباب الجنوبي شارك رفاقه في الشمال في انتفاضة 2011 ضد سلطة الرئيس علي عبد الله صالح، وحصلوا على رحيله، إلا أن المرحلة الانتقالية التي استمرت حتى حرب عام 2015 غيرت كل شيء.
الجنوب المنقسم
وفي ربيع 2015، ساهم استيلاء الحوثيين عسكريا على عدن في نوع من التوحيد للحركة في إطار التحالف المناهض للحوثيين بقيادة السعودية، وأصبحت الإمارات تدير الجنوب، ولكنها ناهضت تدريجيا السياسة التي تتبعها الرياض هناك، كما يقول الموقع.
وقد عملت الإمارات على إضفاء الطابع المؤسسي على المجلس الانتقالي الجنوبي، ودعمته سياسيا وماليا منذ تأسيسه في أبريل 2017، رغم معارضته للرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف به من قبل المجتمع الدولي والذي نشأ في الجنوب ولكنه ملتزم بوحدة البلاد.
وفي أبريل 2020، أدى إعلان المجلس الانتقالي الحكم الذاتي من جانب واحد في المحافظات الجنوبية، إلى إضعاف هادي دون توحيد الحركة، خاصة أن صدوعا أيديولوجية ذات أبعاد إقليمية لا تزال تحول بين عدن والمناطق الشرقية في شبوة وحضرموت والمهرة.
وخلص الموقع إلى أن تحالف المجلس الانتقالي الجنوبي مع أبو ظبي وعداءه الصريح للإخوان المسلمين الممثلين بحزب الإصلاح في اليمن، ما زال يقسم السكان، مما يجعل مبدأ الانفصال السلمي مجرد وهم، بحسب الموقع.