مر اليوم العالمي للطفل الذي يصادف 20 نوفمبر/تشرين الثاني، دون جديد في اليمن، باستثناء مظاهرة إلكترونية أو أرقام صادمة نشرتها منظمات محلية ودولية.
وقالت منظمة إنقاذ الطفولة إن أكثر من طفل واحد يسقط بين قتيل ومصاب كل يوم في اليمن، فيما قالت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات إن جيلا كاملا من الأطفال على وشك الفناء إذ لم يتحرك الضمير العالمي.
وذكرت تقارير حقوقية أن “الأطفال في اليمن يقفون في فوهة البندقية كل يوم بطريقة أو بأخرى، إما بتعرضهم للقتل المباشر أو غير المباشر، أو بتعرضهم لنتائج الحرب التي غيرت نمط حياتهم وأسرهم، وحرمتهم من أبسط مقومات الحياة”.
أرقام صادمة
كشفت منظمة إنقاذ الطفولة الدولية عن مقتل وإصابة أكثر من 330 طفلا منذ مطلع العام الجاري، بسبب الحرب ومخلفاتها في اليمن، وذلك بمعدل أكثر من طفل واحد بين قتيل ومصاب كل يوم.
وأوضحت في بيان أن إجمالي الإصابات من الأطفال منذ 1 يناير/ كانون الثاني 2022 وحتى 15 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري بلغ 333 طفلا، توزعت بين 92 حالة وفاة، و241 حالة إصابة.
في السياق، سجلت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، (ائتلاف حقوقي غير حكومي)، في تقرير حديث، نحو 52 ألفا و303 وقائع انتهاك طالت الأطفال وتورطت بارتكابها مليشيات الحوثي وذلك منذ يناير 2015 وحتى يوليو 2022.
ويقول التقرير الذي تلقت “العين الإخبارية” ملخصا منه، إن نحو 9 آلاف و914 طفلا على الأقل قتلوا أو أصيبوا منذ انقلاب مليشيات الحوثي على الشرعية وحتى نهاية يوليو/ تمّوز من العام الجاري.
ومن بين الحصيلة، كان هناك 3 آلاف و597 طفلا يمنيا قتلوا على يد مليشيات الحوثي بينهم 276 رضيعا، فيما أصيب 6 آلاف و317 طفلا، حيث سقط العدد الأكبر من الضحايا الأطفال في مدينة تعز، تلتها، الحديدة، مأرب، عدن، لحج، عمران، حجه، الضالع، الجوف، أبين، البيضاء، صعدة، وصنعاء، ذمار، إب، ريمة، شبوة، وفقا للتقرير.
وكشف التقرير أن نحو (598) حالة اعتقال واختطاف طالت الأطفال من قبل مليشيات الحوثي أغلبهم تم اختطافهم من أجل ابتزاز أسرهم في 17 محافظة يمنية، فيما تم توثيق 51 حالة تعرضت للاعتداء الجنسي من قبل قيادات ومشرفين حوثيين.
وفيما سجل التقرير تجنيد مليشيات الحوثي أكثر من 25 ألف طفل منذ انقلابها تتراوح أعمارهم بين 12 عاماً والـ14 عاماً، نوه أنه لا توجد معلومات دقيقة لعدد القتلى والمصابين من الأطفال المجندين الذين يساقون عنوة لمحارق الموت في جبهات القتال الحوثية.
وأقر الحوثيون بمقتل (6728) طفلاً، على وسائل الاعلام الرسمية التابعة للمليشيات، فيما تحقق التقرير من إصابة 9851 طفلا من خلال سجلات أقسام الرقود في المستشفيات في مختلف المحافظات من بينها محافظة صنعاء والمحويت وذمار والحديدة وحجه وإب تعز والبيضاء والضالع ومن الكشوفات الخاصة بمؤسسة رعاية الجرحى التابعة للمليشيات.
تعبئة طائفية وفكرية
وسلط التقرير الضوء على تداعيات التعبئة الطائفية والفكرية التي غرستها مليشيات الحوثي في عقول الأطفال ودفع المجندين لتنفيذ عمليات قتل بحق أقاربهم حيث وثق 161 جريمة قتل وإصابة بحق الأقارب، منها 121 حالة قتل، و60 حالة إصابة خلال العامين 2021/2022 في 11 محافظة تخضع للحوثيين.
وأضاف التقرير أن اليوم العالمي للطفولة، يأتي وأطفال اليمن يعيشون جحيما مروعا، حيث خلق انقلاب مليشيات الحوثية، خلال 8 أعوام من الانقلاب وضعا كارثيا في اليمن، خلق أسوأ أزمة إنسانية، جعلت أكثر من 12 مليون طفل بحاجة لمساعدات إنسانية.
وقال إن الأمراض والأوبئة في اليمن، ضاعفت من معاناة الأطفال، إذ يعاني قرابة مليوني طفل من سوء التغذية الحاد، و400 ألف من سوء تغذية مهدِّد للحياة.
أما على الصعيد الصحي والإنساني يعاني أكثر من (1.8مليون) طفل من سواء التغذية الحاد منهم 400 طفل يكافحون للبقاء على قيد الحياة، كما يحتاج (11مليون) طفل للمساعدات الغذائية العاجلة ويفتقر 6 ملايين طفل للماء والدواء فيما ينام 7 ملايين طفل جوعى، حسب تقارير الأمم المتحدة
وذكر التقرير أن انقلاب المليشيات الحوثية حرم نحو 2.5 مليون طفل من التعليم نتيجة التهجير والتشريد ودفع ما يزيد عن مليوني طفل إلى سوق العمل بحثا عن فرصة عمل نتيجة الوضع الاقتصادي المتدهور في البلد وانقطاع الرواتب وغلاء المعيشة.
انتهاكات في شتى الجوانب
يعيش أطفال اليمن اليوم مقارنة مع باقي أقرانهم في دول العالم تهديدا حقيقيا، إذ أن الطفولة اليمنية منتهكة في شتى الجوانب من حيث الأمان والحياة والحق في العيش بين أفراد الأسرة، فضلا عن حالة الرعب المستمر والاضطرابات النفسية.
وحسب رئيس الشبكة اليمنية للحقوق والحريات محمد العمدة فإن “معظم أطفال اليمن تأثروا بأدوات القتل كثقافة سائدة حتى على مستوى اللعب نتيجة مظاهر القتل والقصف والدمار التي يشاهدونها بشكل يومي”.
وقال في تصريح لـ”العين الإخبارية”: “هناك مئات الأطفال المصابين بإعاقات دائمة، منهم من بترت أطرافه ومنهم من أصيب بتشوهات جسدية جعلتهم يعيشون وضعاً نفسياً صعباً”.
وذكر العمدة أن مليشيات الحوثي انتهكت حقوق الطفل من حيث التغذية والتعليم والعلاج.
وأكد المسؤول الحقوقي أن الحوثي انتهك بشكل واضح وصريح قواعد القانون الدولي، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إضافة لاتفاقية الطفل واتفاقيات جنيف، وقواعد لاهاي المنظمة للنزاعات المسلحة وميثاق روما المشكل للمحكمة الجنائية الدولية”.
وأوضح أن الشبكة اليمنية للحقوق والحريات أثبتت “انتهاكات مليشيات الحوثي الممنهجة والتي تمت أغلبها بقصد جنائي مكتمل الأركان الأمر الذي يشكل تهديدا للأمن والسلام الدوليين المنوط بحفظه من قبل مجلس الأمن الذي لم يتخذ أي خطوات تجاه انتهاكات ميليشيات الحوثي بحق الطفولة في اليمن إلى هذه اللحظة”.
مطالبات للمجتمع الدولي
وطالب العمدة المجتمع الدولي بإجبار مليشيات الحوثي على احترام القواعد القانونية التي كفلت للطفل الحماية الخاصة والكاملة من التهديد والقتل والإجبار على المشاركة في النزاع المسلح.
كما دعا المجتمع الدولي لممارسة دوره الأخلاقي والقانوني والعمل على تجنيب الأطفال آثار الحرب التي تشنها مليشيات الحوثي بحق الأرض والمواطن اليمني منذ 8 سنوات والبدء بخطوات جدية لتجنيب الأطفال من ويلات انتهاكات مليشيات الحوثي.
وطالب الأمم المتحدة بإدراج القيادات الحوثية المتورطة بانتهاكات الأطفال إلى القائمة السوداء لمنتهكي جرائم الطفولة في اليمن، والعمل على فتح تحقيق جدي ومستقل بشأن جرائم استهداف الأطفال، وإحالة كل من ثبت ارتكابه جرائم حرب إلى القضاء.
ودعت المديرة القطرية لمنظمة إنقاذ الطفولة في اليمن، راما هنسراج، المجتمع الدولي إلى التحرك لوقف الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الأطفال في اليمن.
وقالت: “لا يمكن أن يكون هناك أي مبرر لقتل الأطفال أو الإساءة إليهم، ويجب على العالم أن يتحرك الآن لوقف الإفلات من العقاب على هذه الجرائم. كما يجب أن نستمع إلى أصوات الأطفال وأن نعمل جنباً إلى جنب معهم للاستثمار بشكل كامل في تشكيل غد أفضل”.