اعتبرت أوساط سياسية يمنية أن ما تشهده مدينة مأرب من فوضى أمنية، ليس بريئا، وقد تكون رسالة تحذيرية لإمكانية تسليم المدينة للحوثيين.
وأشارت الأوساط نفسها إلى أن توقيت افتعال الأزمات في المدينة لا يخلو من دلالات سياسية لاسيما مع تصاعد الضغوط المطالبة بتعيين محافظ جديد لمأرب خلفا للمحافظ الحالي سلطان عرادة الذي ينتمي إلى حزب التجمع الوطني للإصلاح، ويمثل الحزب الإخواني داخل مجلس القيادة الرئاسي.
واغتال مسلحون مجهولون الثلاثاء مستشار وزير الدفاع اليمني في مدينة مأرب وسط البلاد.
وقال مصدر أمني إن “مسلحين مجهولين اغتالوا العميد محمد الجرادي مستشار وزير الدفاع مع سائقه في إحدى الطرق الواقعة بين مدينة مأرب ومديرية الوادي”.
وأضاف المصدر مفضلا عدم ذكر اسمه كونه غير مخوّل بالحديث لوسائل الإعلام أنه “تم اغتيال الجرادي بعد خروجه من منزله وهو في طريقه إلى مدينة مأرب”.
ولم يتطرق المصدر إلى تفاصيل إضافية، فيما لم تصدر السلطات اليمنية تعليقا فوريا على الحادثة.
وجاءت عملية اغتيال العميد الجرادي بعد ساعات قليلة من انفجار طال أحد مخازن الأسلحة في المدينة، وخلّف قتلى وجرحى جميعهم من المدنيين.
وقال مصدر عسكري مسؤول “إن انفجارات عنيفة هزت مدينة مأرب، واستهدفت مخزن سلاح في كتيبة تتبع المنطقة العسكرية الثالثة، وسط المدينة”.
وأشار المصدر إلى “وصول عدد من المقذوفات المتطايرة جراء الانفجار، إلى مخيمات النازحين والمناطق السكنية بالمدينة، ما أسفر عن مقتل أربعة مدنيين وإصابة ثلاثة آخرين”.
وأكد شهود عيان سماع دوي انفجارات عنيفة في المدينة، ومشاهدة ألسنة اللهب وأعمدة الدخان تتصاعد من مقر المنطقة العسكرية الثالثة، موضحين أن تطاير المقذوفات تسبب بتضرر عدد من المنازل.
وتتقاسم الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي السيطرة على محافظة مأرب النفطية التي تدور فيها مواجهات بين الطرفين منذ سنوات.
ويخضع مركز المدينة لسيطرة قوات الجيش الحكومي، وتعد آخر معاقل الحكومة شمال اليمن، وسبق أن شهدت مأرب تفجيرات وقصف طال مواقع عسكرية وأحياء مدنية، تسببت بسقوط قتلى وجرحى.
وترى الأوساط السياسية أن عودة الفوضى إلى مركز المحافظة لا يخلو من بعد سياسي، لافتة إلى إمكانية تورط حزب الإصلاح الذي يسيطر عمليا على المنطقة فيما يحصل، في سياق توجيه رسالة إلى القوى المناهضة له بشأن ما قد يتسببه أي استهداف لنفوذه من فوضى تشكل مدخلا للحوثيين للسيطرة على المدينة.
ويضغط المجلس الانتقالي الجنوبي باتجاه تغيير محافظ مأرب، واتهم المجلس في وقت سابق سلطان العرادة برفض تسليم محافظة مأرب أسوة بمحافظ حضرموت الذي سلم المحافظة ومنصبه في المنطقة العسكرية الثانية عقب تعيينه في مجلس الرئاسة.
كما هاجم المجلس الانتقالي تمرد العرادة على قرارات المجلس الرئاسي، بعرقلته توريد إيرادات مأرب من النفط والغاز إلى البنك المركزي اليمني.
وتشير الأوساط إلى أن الحوثيين أنفسهم لهم مصلحة كبرى في إثارة مثل هذه الحوادث في سياق تعميق الأزمة بين مكونات المجلس الرئاسي.
ووجّه مسؤولون عسكريون أصابع الاتهام إلى الحوثيين في انفجار مخزن السلاح التابع للقاعدة العسكرية الثالثة، لكن الجماعة الموالية لإيران نفت أن يكون لها أيّ دور في القصف، الذي تعرضت له المدينة.
وقال علي القحوم، عضو المجلس السياسي الأعلى للجماعة، في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر “ما حصل ويحصل في مأرب هو استمرار في القضاء على من صفقوا وهللوا للعدوان (التحالف العربي) وانخدعوا بالعناوين الزائفة متناسين في الوقت نفسه التاريخ الطويل للتآمر السعودي – الأميركي على اليمن”.
ويشهد اليمن منذ أكثر من سبع سنوات حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران، المسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر 2014.
ويتخذ الصراع في اليمن منحى خطيرا مع بروز تصدعات في جسم السلطة الشرعية، باتت تنذر بإمكانية تفكك مجلس القيادة الرئاسي الذي تشكل قبل نحو سبعة أشهر.