محليات

تقاعس أمن تعز يدفع شابة يمنية لاطلاق الرصاص على قلبها هربا من “الابتزاز الإلكتروني”

جابت سارة علوان قرى تعز اليمنية تنشر السعادة في وجوه الأطفال وهي لا تدرك أنها ستكون ضحية عصابة ابتزاز، لتشعل بدمها انتفاضة تهز البلد.

ونجت الناشطة في المجال الإنساني في اليمن سارة علوان (27 عاما) من الموت بأعجوبة، بعد أن اخطأت رصاصة قلبها لدى محاولتها الانتحار، بسبب ابتزازها من قبل أشخاص ذكرتهم بالاسم برسالة أخيرة دونتها على حسابها في “فيسبوك”.

واقعة سرعان ما انتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن واعتبرها البعض دليل على تقاعس سلطات الإخوان في مدينة تعز، لا سيما بعد وصول قضيتها للسلطات الأمنية قبل شهور من محاولة انتحارها.

وكشف نشطاء متخصصون في مكافحة الابتزاز الإلكتروني باليمن لـ”العين الإخبارية”، عن أن قصة سارة علوان تماثل وقائع 6 فتيات انتحرن بالفعل مؤخرا في محافظات عدة وتحفظت أسرهن عن مصيرهن خشية وصمة العار.

“سارة” في شباك عصابة الابتزاز
بحسب المعلومات الأولية من مصادر مقربة من سارة علوان التي تسكن في بلدة “عصيفرة” وسط تعز (جنوب) فإن الفتاة تعرضت للابتزاز من قبل فتاة وشاب بذات المبنى.

وبدأت القصة عندما تعرفت سارة على جارتها (أمل) لتصبح صديقتها قبل أن تتعرض (ذاكرة التخزين) الخاصة بها للسرقة وهي تحتوي على صور خاصة بها، وتصل إلى شخص يدعى “أمجد المقطري”.

وأصبحت الفتاة المسكينة تصارع شخصين قبل أن تكتشف أنها وقعت في شباك عصابة مدربة على الابتزاز ما استدعاها لإبلاغ السلطات الأمنية في مدينة تعز وبدلا من إنصافها تعرضت للابتزاز للمرة الثانية.

وقال مصدر أمني لـ”العين الإخبارية”، إن تراخي السلطات الأمنية بتعز الخاضعة للإخوان توصلت الناشطة المجتمعية للانتحار بواسطة مسدس شخصي، إذ أطلقت رصاصة على قلبها محاولة إنهاء حياتها للأبد.

وأضاف أن “سارة علوان دخلت غرفة العمليات في هيئة مستشفى الثورة، كبرى مستشفيات تعز الحكومية، وهي في حالة مستقرة وقد اخطأت الرصاصة قلبها بنسبة نصف سنتيمتر فقط لتستقر في صدرها”، مشيرا إلى أن الشرطة القت بعد ساعات القبض على المتهمين بقضية الابتزاز.

وقبل ساعتين فقط من محاولة انتحارها كتبت سارة علوان على حسابها فيسبوك: “أنا آسفة لكل الناس اللي حبوني، آسفة من قلبي لاتخلوش حد يتكلم عني إني كنت ضعيفة بس اتكلموا عن إن العالم كان بشع فوق طاقتي حاولت بكل ما أوتيت من قوة وعجزت”.

كما طالبت أهلها أن يظلوا فخورين بها، قائلة: “سامحوني وقد إيش كنت كويسة وكيف حاولوا يدمروني، أنا رايحة عند اللي أحسن مني ومنهم ومنكم البلاد هذه غير صالحة للعيش، القوي الظالم المنافق هو الذي يعيش”.

واختتمت منشورها على “فيسبوك”، بمطالبة الرأي العام بمناصرة قضيتها من متهمين أطلقت عليهم “أمجد وأمل”.

من جهتها، قالت شرطة تعز اليمنية في بيان إن القضية كانت منظورة في إدارة البحث الجنائي من تاريخ 12 مايو/ أيار 2022، قبل تدخل والد “سارة” بإيقاف الإجراءات في 29 أغسطس/ آب 2022، بمبرر وجود مساعي صلح باعتبار أن “المبتز” من جيران منزل أسرة الضحية.

مطالبات بوحدة خاصة لمكافحة الابتزاز الإلكتروني
دفعت قضية سارة علوان ناشطون يمنيون متخصصون في قضايا الابتزاز للضغط عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الأطراف للمطالبة بتشييد “وحدة خاصة لمكافحة الابتزاز الإلكتروني أسوة بدول العالم”.

وقال الناشط اليمني الذي كافح عديد جرائم الابتزاز باليمن أحمد النظاري إن “الموضوع أصبح مخيفا جدا، شخصيا تردني أكثر من 300 قضية ابتزاز خلال الشهر بمعدل 10 يوما كحد أدنى وكأشخاص من الصعب التعاطي مع كل القضايا أو التفرغ لحلها”.

وأكد الناشط اليمني “في صنعاء تمتلك مليشيات الحوثي القدرات لملاحقة المبتزين ولديهم وحدة متخصص في الأمن السيبراني قادرة على مكافحة هذا النوع من الجرائم لكن للأسف الحوثيون خصصوا ذلك في التجسس وملاحقة النشطاء والسياسين والمناهضين”.

وأضاف في تصريح لـ”العين الإخبارية”، “الأسر تتجنب إبلاغ الجهات الأمنية بسبب التعامل السيء”، ودلل بقصة على إبلاغ أسرة لأحد أقسام الشرطة قبل أن تتفاجأ أن الضابط تحول إلى مبتز للأسرة والبنت الضحية.

وبالنسبة للنظاري فإن سارة علوان أصبحت أيقونة للنساء والفتيات اللاتي يتعرضن للابتزاز في إيقاظ ضمير المجتمع، مشيرا إلى أن المشكلة في العقلية المجتمعية الجمعية التي تلقي اللوم على الضحية وليس على المبتز.

وكشف الناشط اليمني عن وجود عصابات منظمة موجود في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي تنشط منها في عمران وحجة وتعز وهي مدربة على شتى أنواع الابتزاز لأنه هذا النوع من الجرائم تدر عليهم بملايين الدولارات والريالات.

وقال: “كشفت لأكثر من عصابة وتم إبلاغ الجهات الأمنية لكن في نهاية المطاف نصبح نحن كأفراد في وجه ضغوط قوية حتى أنني أصبت بالاكتئاب من كثر وحجم القضايا الخارجة عن إرادتنا”.

ما قاله النظاري، أكده الناشط اليمني رامز ابن المقطري الذي ينشط في مكافحة الابتزاز على مواقع التواصل الاجتماعي قائلا إن “سارة ليست هي الأولى وإنما هناك 6 فتيات انتحرن بالفعل من أكثر من محافظة وتم التحفظ من قبل أهاليهن ولا يحق لنا النشر دون موافقة الأهالي”.

وطالب الناشط اليمني على حسابه “فيسبوك” الأطراف اليمنية بتشييد “وحدة خاصة لمكافحة الابتزاز الالكتروني أسوة بدول العالم”، مستشهدا بقصة لإحدى الضحايا والتي تحول فيها ضابط حوثي في صنعاء إلى مبتز لأسرة الضحية والفتاة بذريعة “زوجها للمبتز واسترها”.

كما كشف المقطري عن مشكلة تواجه رجال الأمن في المناطق المحررة وهي عدم تعاون شركات الاتصالات الخاضعة للحوثيين معهم في الكشف عن هوية أرقام المبتزين ومواقعهم ليتم تعقبهم أمنيا وقضائيا.

إلى الأعلى