تسرع جماعة الحوثي من نسق تحركاتها لتحصين وجودها العسكري في مدينة الحديدة الساحلية، فيما يبدو استعدادا لتصعيد عسكري بات وشيكا، مع اضمحلال فرص التوصل إلى اتفاق بشأن تجديد الهدنة الأممية.
وحوّلت الجماعة الموالية لإيران أكبر مركز إنزال سمكي لخدمة الصيادين جنوب الحديدة، غرب اليمن، إلى ثكنة عسكرية، في تهديد مباشر للملاحة الدولية.
ونقلت وسائل إعلام يمنية عن مصادر محلية متطابقة قولها إن “الجماعة حوّطت مبنى الإنزال السمكي في منطقة الفازة الساحلية بمديرية التحيتا، ومنعت اقتراب الصيادين منه”.
وأكدت المصادر أن الجماعة اتخذت المبنى مقراً لما تسميها “القوات البحرية” التابعة لها، الأمر الذي حرم نحو 3000 صياد من مصدر عيشهم.
ويرى مراقبون أن الجماعة بدأت منذ أكثر من شهر في تعزيز حضورها العسكري في الحديدة، سواء عبر الاستعراضات العسكرية التي قامت بها في المدينة، أو من خلال حشد المزيد من القوات إلى المنطقة، وهذ يعد خرقا واضحا لاتفاق ستوكهولم.
ويشير المراقبون إلى أن الجماعة كانت لديها نية مبيتة في عدم السير في الهدنة الأممية التي أعلن عنها في أبريل الماضي، وتم تمديدها في مناسبتين، قبل أن تنتهي في الثاني من أكتوبر الماضي، لهذا سعت إلى الاستعداد عسكريا وبشكل جيد، لاسيما في الحديدة التي تشكل شريانها الاقتصادي.
وأدان مكتب حقوق الإنسان في محافظة الحديدة استيلاء جماعة الحوثي على مركز الإنزال السمكي في منطقة الفازة وتحويله إلى ثكنة عسكرية، وحرمان صيادين يستخدمون المركز من أرزاقهم.
وقال المكتب في بيان إن “ميليشيا الحوثي أقدمت على اقتحام أكبر مركز إنزال سمكي لخدمة الصيادين في منطقة الفازة في المحافظة، وحولته إلى ثكنة عسكرية لها، ما تسبب في حرمان ثلاثة آلاف صياد من مصدر رزقهم الوحيد”.
وأشار البيان إلى أن “الميليشيا الحوثية منعت اقتراب الصيادين من مركز الإنزال السمكي وحوطته بعشرات الأطقم العسكرية، واتخذت المبنى مقرا لما تسميها القوات البحرية التابعة لها في مسعى منها لتهديد الملاحة الدولية عرض البحر الأحمر“.
وأضاف “ندين هذا الانتهاك الذي يضاف إلى سلسلة جرائم مماثلة بحق المدنيين، ونؤكد أن الجرائم المتكررة بالاستيلاء على المنشآت العامة والخاصة وتحويلها إلى منشآت عسكرية تهدد الأمن المحلي والدولي من قِبل الميليشيا الحوثية، هي جرائم إرهابية ممنهجة تستهدف تعطيل كافة مناحي الحياة وتحرم المواطن من أبسط حقوقه وتزيد من معاناته“.
وطالب الأمم المتحدة “باتخاذ موقف حازم والضغط على الميليشيا الحوثية لإخلاء المنشآت العامة والخاصة، وضمان حق الصيادين في مصادر دخلهم“.
و٠جددت جماعة الحوثي مؤخرا تهديدها بالتصعيد العسكري ضد السلطة الشرعية والتحالف العربي الذي تقوده السعودية، ما لم يتم القبول بشروطها.
وقال اللواء الركن محمد ناصر، وزير الدفاع في حكومة الحوثيين (غير معترف بها)، في تصريحات نقلتها قناة “المسيرة” الفضائية التابعة للجماعة، “دول العدوان (التحالف) أمام خيارين لا ثالث لهما، إما هدنة ومرتبات أو صواريخ ومسيرات“.
وأضاف “الثروة النفطية والموارد السيادية هي ثروات وموارد يمنية لا سيادة لأي كان عليها إلا للجمهورية اليمنية التي عنوانها صنعاء”، في إشارة إلى سلطة جماعته المسيطرة على صنعاء. وتابع ناصر، “استمرار دول العدوان في حربها العبثية على اليمن سيعود بالدمار عليها وعلى المنطقة“.
وأشار المسؤول الحوثي إلى أن جماعته “حرصت على إرساء دعائم سلام حقيقي ومنصف وعادل ولكنها في ذات الوقت مستعدة لأسوأ الاحتمالات“.
وأردف بالقول “قواتنا المسلحة تقف اليوم بكل صنوفها وتشكيلتها القتالية على أهبة الاستعداد للدفاع عن ثروات اليمن ومقدراته الاقتصادية”.
ويرفض الحوثيون تمديد الهدنة الأممية التي استمرت ستة أشهر، ما لم يتم الاتفاق على حزمة من الشروط من بينها دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم المقاتلون في صفوف الجماعة، وتقاسم عائدات النفط والغاز مع الحكومة اليمنية، من أجل إيقاف الهجمات على السفن الناقلة للنفط اليمني الخام.
وسبق أن أطلقت الجماعة سلسلة تهديدات بعد انتهاء الهدنة بالتصعيد العسكري واستهداف منشآت نفطية، في حال لم تلب تلك الشروط التي كان المجتمع الدولي قد وصفها بـ”التعجيزية”.
وتستغل الجماعة الحاجة الدولية والإقليمية إلى منع أي تهديد لمنشآت النفط، في ظل أزمة الطاقة التي يشهدها العالم نتيجة تفاعلات الصراع الروسي – الأوكراني.