ليست مادة “البن” وحدها من ارتبطت ببلادنا فاللبان هو الآخر سلعة ثمينة ومادة مقدسة صدرها هذا البلد قبل قرون من الزمن للعالم.
وتنتشر في اليمن أنواع نادرة من أشجار اللبان منها 9 أنواع فريدة لا تنبت ولا تنمو إلا في محافظة سقطرى المؤلفة من 6 جزر وتقع بين بحر العرب والمحيط الهندي، وتبعد عن عدن بحوالي 553 ميلا.
كما تنمو شجرة اللبان في محافظات عديدة منها محافظتا حضرموت والمهرة، حتى إن حضرموت عرفت قديما بـ”مملكة اللبان”، وما زالت الشحر إحدى مدنها حتى اليوم تحتفظ وتصدر “اللبان الشحري” رغم اختفائه وتراجعه في الأعوام الأخيرة بسبب ظروف البلد.
واللبان الشحري هو نبات من فصيلة البخوريات يفرز صمغا عندما تحرق يصدر منها دخان كثيف ذو رائحة طيبة، وعرف به اليمن منذ كان أحد أهم طرق التجارة في القرن الرابع قبل الميلاد، ومدنه جنوبا وشمالا محطة تربط بين البحر الأبيض المتوسط وشبه الجزيرة العربية.
أما الشحر فهي مدينة شرق حضرموت مطلة على بحر العرب، وميناؤها الاستراتيجي تعرض قبل أيام لهجوم بطائرتين مسيرتين للحوثي ما أثار صخبا دوليا واسعا، وكان تاريخيا مسمى يطلق على إقليم الساحل الممتد من شواطئ محافظة أبين غرباً حتى شواطئ ظفار في الشرق.
مرحلة إنتاج اللبان الشحري
للبان الذي صدره اليمن منذ قرون قبل الميلاد، أسماء عدة اليوم، منها “الشحري” “الذكر”، “البدوي”، “المر”، “الكندر”، “العربي” أو “الحوجري” عربيا، ولطيبة رائحته يتم وضعه في تجويف الحجر الأسود الموضوع في زاوية بيت الله الحرام، بحسب مصادر صحفية.
كما أن للبان الشحري طرق إنتاج تقليدية وبدائية ما زالت متوارثة حتى اليوم، رغم تأثيرها على خصوبة بذور الشجرة بنسبة 18%، إلا أنها ما زالت مستمرة وتتمثل بطعن الشجرة بالحجر أو سكين حجرية ليسيل منها سائل شفاف.
يتم ترك هذا السائل لأكثر من 15 يوما قبل جنيه ثم معالجته بـ”بودرة” خاصة حفاظا على اللبان من التلف وزيادة صلاحيته وللحصول على شكله الأبيض والجاف وذلك عبر مادة مليحة وقاعدية تُسحق مسبقا.
وفي الأسواق اليمنية، يرتفع ثمن اللبان حسب جودته، إذ يقيس الباعة والمشترون الجودة من خلال لونه النقي الأبيض المشوب بزرقة، خالي الشوائب، فيما تقل الجودة كلما تغير اللون إلى الاحمرار أو اختلط بشوائب أخرى.
بخور ودواء
قديما استخدم اللبان بمختلف أنواعه كبخور إثر رائحته الطبية وتم استعماله في تحنيط الموتى وفي المعابد حتى أصبح ضرورياً عند تقديم القرابين إلى الآلهة، بحسب ما وثقته الآثار والنقوش والكتابات القديمة في الحضارات العربية.
ويعتقد اليمنيون أن اللبان الشحري بعد تنقيعه في الماء يعد علاجا قويا لسرطان الجلد والتهابات المفاصل ويعالج الشعب الهوائية والجهاز الهضمي وغيره.
لكن بعض الدراسات العلمية والتي لم تجر تجارب علمية له أشارت إلى أن مركبات المادة الصمغية في اللبان العربي، تساعد في علاج الالتهابات المزمنة، إذ تقلل أعراض التهاب المفاصل الروماتويدي، لذا فإنه يتم استخدامه كعلاج تكميلي.
كما يستخدم كعلاج فعال لالتهاب الأمعاء، الربو، داء باركنسون، الإسهال، الدوسنتاريا، الديدان الحلقية، الدمامل، مخفض للحرارة، أمراض الجلد، أمراض الدم، التهابات الفم، الكحة، تساقط الشعر، الصفرا، وتنشيط الكبد، وفقا لذات المصادر.