عند مقاربة الاحتجاجات الإيرانية، ينقسم المراقبون في واشنطن ولندن حول طريقة الاستجابة. حسب الأستاذ المشارك لمادة التاريخ الدولي في كلية لندن للاقتصاد رهام الوندي، يسيطر طيف انقلاب 1953 على النقاشات بين الطرفين.
طوال عقود، كان أسوأ سر تم إخفاؤه تاريخياً تدبير المخابرات البريطانية ووكالة الاستخبارات المركزية سي آي أي انقلاب 1953
يبقى الحمائم ملتزمين بالتفاوض على الاتفاق النووي مع إيران بالرغم من القمع الوحشي للمحتجين السلميين، وهم يجادلون لصالح تفادي البريطانيين والأمريكيين التدخل في شؤون إيران الداخلية كما حصل سنة 1953. على النقيض من هؤلاء، هناك الصقور الذين لطالما ناصروا سياسة تغيير النظام في إيران وهم يتجاهلون دور الولايات المتحدة في انقلاب 1953، أو بشكل أكثر انحرافاً، يقولون إنّ واشنطن كانت محقة في التدخل سنة 1953 ويجب أن تفعل ذلك مجدداً اليوم.
كارثة على الإيرانيين… والغرب
يوضح الوندي في مجلة “فورين بوليسي” أنه طوال عقود، كان أسوأ سر تم إخفاؤه تاريخياً تدبير المخابرات البريطانية ووكالة الاستخبارات المركزية سي آي أي انقلاب 1953. حين قامت الحكومة الدستورية الشعبية لرئيس الوزراء محمد مصدق بتأميم الصناعة النفطية المملوكة من البريطانيين سنة 1951، أطلقت مسار المواجهة الأنغلو-إيرانية التي انتهت بإطاحة مصدق بانقلاب ملكي سنة 1953. أنهى ذلك الانقلاب ديموقراطية إيران البرلمانية وحول الشاه الشاب محمد رضا بهلوي من ملك دستوري إلى ديكتاتور أطاحته ثورة 1979.
قرار التدخل في إيران سنة 1953 كان كارثة على الإيرانيين، كما بالنسبة إلى بريطانيا والولايات المتحدة على المدى الطويل. لكن إساءة استخدام تشبيه 1953 ليس مقارنة تاريخية سيئة بل سياسة سيئة أيضاً. كانت بريطانيا والولايات المتحدة على الجانب الخاطئ من التاريخ سنة 1953. الآن لديهما فرصة كي تكونا على الجانب الصحيح.
خيانة عميقة
لقد كان مصدق وطنياً ليبيرالياً أراد إيران ديموقراطية ومستقلة. حين زار الولايات المتحدة سنة 1951 للقاء الرئيس هاري ترومان وتقديم شكوى إيران ضد بريطانيا في الأمم المتحدة، زار أيضاً ناقوس الحرية وقاعة الاستقلال في فيلادلفيا وقال إن الإيرانيين يحسدون الأمريكيين لأنهم كسبوا استقلالهم عن التاج الملكي سنة 1776. كان قرار الرئيس دوايت أيزنهاور دعم انقلاب 1953 خيانة عميقة لمصدق ونضال إيران من أجل الحرية. ثمة تردد شديد في لندن وواشنطن تجاه فعل أي شيء قد يجذب الأنظار إلى ذلك التاريخ المزعج.