اخبار عربية ودولية

واشنطن تدفع ثمن تراخيها مع الحوثيين

وجدت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن نفسها مضطرة للتضامن الصريح مع حلفائها الخليجيين والدفاع عنهم في مواجهة التهديد الحوثي باستئناف العمليات العسكرية ضد أهداف سعودية وإماراتية بعد سقوط هدنة استمرت ستة أشهر بين الحوثيين والشرعية.

وحمّل المبعوث الأميركي لليمن تيم ليندركينغ جماعة الحوثي مسؤولية عرقلة تمديد الهدنة في البلاد. وأكد في تصريحات الأربعاء أن الحوثيين فرضوا شروطا غير مقبولة ومستحيلة، من بينها دفع رواتب مقاتليهم أولا.

وعبّر المبعوث الأميركي إلى اليمن عن ثقته “بقدرتنا على الوصول إلى الهدف إذا تخلى الحوثيون عن المطالب المبالغ فيها”.

وأكد ليندركينغ على أن “من مصلحة واشنطن وقف أيّ عدوان حوثي يستهدف المنشآت المدنية في دول الخليج وبالداخل اليمني”، مطالبا إيران بضرورة “اتباع نهج إيجابي في اليمن”.

وتأتي هذه التصريحات لتكشف الأخطاء التي ارتكبتها واشنطن في الملف اليمني، خاصة مع صعود بايدن إلى الرئاسة، وموقفه المنحاز ضد السعودية وتوجيه الاتهامات لها وقراراته غير المدروسة بشأن وقف تزويدها بالأسلحة والضغط لوقف الحرب، لتجد الإدارة الأميركية نفسها الآن في حالة سقوط لهدنتها الدبلوماسية مع الحوثيين.

ولم تكتف الإدارة الأميركية باستعداء السعودية بل بادرت إلى رفع الحوثيين من قائمة الإرهاب، وهي الخطوة التي وصفتها دوائر أميركية بأنها “مقامرة” من قبل بايدن تقوم على إضعاف الأصدقاء وتقوية جبهة الخصوم.

وانتهت، الأحد الماضي، الهدنة التي كانت سارية في اليمن برعاية أممية منذ ستة أشهر بعد فشل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والمتمردين الحوثيين في التوصل إلى اتفاق بشأن تمديدها.

ويعود فشل تمديد الهدنة إلى إصرار الحوثيين على مطالبهم لجهة رفع كليّ للقيود المفروضة على موانئ الحديدة ومطار صنعاء الدولي، وتمسكهم بضرورة دفع الحكومة لرواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم بما يشمل موظفي الأجهزة الأمنية، وأيضا القوات العسكرية التابعة لهم، ودفع المستحقات المتأخرة منذ سنوات، فضلا عن تقديم الحكومة التزاما مكتوبا باستمرار دفع تلك الرواتب حتى في حال انتهاء الهدنة.

وقد حاولت الأمم المتحدة والولايات المتحدة، إلى جانب وسطاء من دول المنطقة، إقناع الحوثيين بضرورة خفض سقف مطالبهم، وقد جرى طرح حل وسط لاسيما في علاقة برواتب الموظفين المدنيين وافقت عليه الحكومة، لكن المتمردين أصرّوا على تنفيذ شروطهم كاملة.

ولم تهدأ التحركات الأممية والأميركية لإقناع الحوثيين بتغيير موقفهم وإبداء مرونة حتى اليوم، وقد تم اللجوء إلى راعيتهم إيران على أمل ممارسة ضغوط عليهم، لكن الرد جاء سريعا من طهران التي شددت على أن لا هدنة دون الاستجابة للمطالب المطروحة.

وأعلن الحوثيون الثلاثاء أنهم حرروا مخاطبات نهائية لكل الشركات النفطية المحلية والأجنبية وشركات الخدمات النفطية وشركات الملاحة العاملة في اليمن لإيقاف عملها.

وتقول أوساط سياسية يمنية إن تهديدات الحوثيين باستهداف الشركات النفطية، وضرب خطوط الملاحة الدولية، والهجوم على منشآت النفط ومصافيه في دول التحالف العربي، تندرج في سياق حرب نفسية يخوضها المتمردون الموالون لإيران ضد المجتمع الدولي، للضغط عليه من أجل دفع السلطة الشرعية في اليمن إلى الاستجابة لمطالبهم ومن ضمنها دفع رواتب الموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

وتوضح هذه الأوساط أن المتمردين الحوثيين يدركون حاجة الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين إلى حد أدنى من الاستقرار في المنطقة وهو ما كانت توفره الهدنة الإنسانية المنتهية، لضمان تدفقات النفط والغاز في ظل الظرفية الدولية الحرجة، وهشاشة أسواق الطاقة، المرتبطة بتفاعلات الأزمة الأوكرانية.

وأوضحت اللجنة الاقتصادية العليا التابعة للحوثيين أن المخاطبات تضمنت “إلزام الشركات بالتوقف الفوري لجميع الأعمال المرتبطة بعمليات نهب الثروة السيادية اليمنية”.

وأشارت اللجنة إلى أن الخطوة التي قامت بها بشأن المراسلات “إجراء قانوني يستند إلى الدستور والقوانين اليمنية النافذة، التي تلزم بحماية الثروات الوطنية وصيانتها واتفاقيات المشاركة التي أقرها مجلس النواب، والقرارات الأممية ذات الصلة”.

ونقلت وسائل إعلام تابعة للحوثيين عن اللجنة الاقتصادية العليا تحذيرها من أن على الشركات التي تلقت تلك المخاطبات الالتزام بالقرارات التي تضمنتها، حفاظاً على مصالحها، مؤكدة أنها ستستمر “برصد ومتابعة مدى امتثال الشركات لتلك القرارات، وسيتم الرفع بأيّ مخالفة إلى الجهات المخولة بالدفاع عن ثروات الشعب اليمني”.

وكانت الجماعة توعّدت في وقت سابق بقصف المنشآت النفطية وغيرها في دول التحالف العربي الذي تقوده السعودية دعما للسلطة الشرعية.

إلى الأعلى