تقول أوساط سياسية يمنية إن تمسك الحوثيين بتولي الحكومة المعترف بها دوليا منح رواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم، كشرط لتمديد الهدنة يضع مجلس القيادة الرئاسي في موقف صعب.
وتنتهي الهدنة الأممية الحالية في الثاني من أكتوبر المقبل، ويكثف مبعوث الأمم المتحدة لليمن هانس غروندبرغ من جهوده على أمل تمديد جديد، وكانت آخر تحركاته زيارته الأربعاء إلى صنعاء التي يسيطر عليها المتمردون منذ العام 2014، على أمل إقناع القيادة السياسية للجماعة الموالية لإيران بإبداء مرونة، لكن مساعيه قوبلت حتى اللحظة بتعنت أكبر.
وتلفت الأوساط اليمنية إلى أن الكرة الآن في ملعب مجلس القيادة الذي يجد نفسه أمام خيارين أحلاهما مر: الأول الموافقة على شرط الحوثيين وهذا سيظهر المجلس في موقف ضعف، ويمنح منتقديه في الداخل على غرار حزب التجمع الوطني للإصلاح، ورقة لمهاجمته، والترويج إلى أنه عاجز عن إدارة المرحلة الانتقالية.
والخيار الثاني هو رفض دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة المتمردين، وبالتالي انتهاء مفاعيل الهدنة، التي أعلن عنها في أبريل الماضي وجرى تمديدها لمرتين، واستئناف الحرب في الوقت الذي يبدو فيه المجلس في أمس الحاجة إلى تمديد جديد لاستكمال ترتيب أوراقه في المناطق المحررة.
وجددت جماعة الحوثي الخميس تأكيدها أنها “لن تقبل” تجديد الهدنة في البلاد، إلا بصرف رواتب “الموظفين الحكوميين” المتوقفة منذ سنوات.
وقال وزير خارجية ما يعرف بحكومة صنعاء هشام شرف إن “موقف صنعاء ليس فيه أي غموض، فما نطلبه لا يمكن اعتباره شروطا مسبقة بل هي مطالب إنسانية بحتة ويفترض ألا تكون محل خلاف أو تفاوض إذا كان التحالف جادا في إنهاء الحرب على اليمن والوصول إلى تسوية”.
وشدد شرف أثناء لقائه بالمبعوث الأممي على أن “تجديد الهدنة دون مراعاة الجوانب والاحتياجات الإنسانية الملحة للمواطن اليمني سيعني إدخال البلاد في حالة موت سريري نتيجة محاولات الطرف الآخر تمييع الهدنة وخلق حالة من اللاحرب واللاسلم المرفوضة جملة وتفصيلا رسميا وشعبيا”.
وأشار وزير خارجية صنعاء إلى أن “من حق الموظف اليمني تقاضي مرتبه شهريا وبصورة دائمه، وأيضا من حق كل مواطن السفر من مطار صنعاء الدولي والمطارات اليمنية الأخرى دون وضع شروط وعراقيل أمام حركة الطيران المدني والتجاري”.
وكان مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين أكد الأربعاء أن “صرف مرتبات كافة موظفي الدولة ومعاشات المتقاعدين مطلب أساسي، وإذا لم يتحقق ذلك وتتحسن مزايا الهدنة فلن نقبل بتجديدها”.
وقال المشاط خلال لقائه بغروندبرغ “نحن لم نطلب من أحد أن يمنّ على شعبنا اليمني وإنما نطالب بحقه في ثرواته النفطية والغازية وغيرها، وأن تصرف المرتبات منها، ومن يمنع شعبنا من حقه فلا يتوقع منا أن نقدم له الورود”.
ويعاني حوالي نصف مليون موظف رسمي في المناطق الخاضعة للحوثيين من انقطاع رواتبهم منذ سنوات جراء تداعيات الحرب وانقسام البنك المركزي، وتتهم الحكومة الحوثيين بمحاولة إلقاء هذا العبء عليها حيث أنه كان من المفترض أن يتولوا هم دفع تلك الراوتب من عائدات الوقود التي تصلهم.
وإلى جانب دفع الرواتب يطالب الحوثيون بشرطين أساسيين وهما إنهاء كافة القيود على موانئ الحديدة، وعلى مطار صنعاء الدولي، وفي المقابل يرفضون تنفيذ أي التزامات تتعلق بهم وفي مقدمتها فك الحصار عن محافظة تعز.
ويقول مراقبون إن الحوثيين استغلوا المرونة التي يبديها المجتمع الدولي حيالهم، وحرص مجلس القيادة على بناء عناصر الثقة لتحقيق السلام، من أجل الحصول على المزيد من التنازلات.
ويشير المراقبون إلى أن السلطة الشرعية وعلى مدار الأشهر الماضية أظهرت تجاوبا كبيرا لإنجاح الهدنة، ولم لا توسيعها بما يمهد لوقف دائم لإطلاق النار، وفي المقابل فإن المتمردين يرون في الهدنة مجرد استراحة محارب وتحقيق مكاسب كانوا عجزوا عن الحصول عليها في الحرب.
ويلفت المراقبون إلى أن المجلس الرئاسي لم يعد بإمكانه تقديم المزيد من التنازلات دون مقابل حقيقي، حيث أن ذلك سيفقده الحاضنة الشعبية، كما أن هناك العديد من القوى التي تتربص به في الداخل وبالتالي أي تنازل جديد ستكون تكلفته باهظة.
واستقبل رئيس مجلس القيادة رشاد محمد العليمي في مقر إقامته في الرياض مساء الأربعاء وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، حيث بحث الجانبان المجهودات الرامية إلى تحقيق السلام في اليمن.