منذ انقلاب مليشيات الحوثي، عاد العديد من الأمراض للظهور من جديد، من بينها أمراض سوء التغذية التي تهدد ما يزيد على مليوني طفل في اليمن.
وبعد ثمانية أعوام من الانقلاب والحرب، تضاعفت أزمات اليمنيين وعادت إلى الواجهة أمراض وأوبئة، كانت قد تجاوزتها اليمن منذ فترات طويلة.
لم تدرك والدة الطفل اليمني عبدالرحمن عمر، أنه مصاب بمرض سوء التغذية بعدما انخفض وزنه، فيما بدأت تظهر عليه أعراض الهزال بصورة تختلف عما كان عليها قبل عام.
تدهورت حالة “عبدالرحمن”، الذي يعود إلى إحدى المناطق الريفية في مدينة المخا الواقعة غربي اليمن، والبالغ نحو عامين، حينما تراجعت شهيته، ما جعله يرفض تناول وجباته الغذائية بالطريقة المعتادة، رغم الجهود التي تبذلها والدته، إلا أن تناوله للغذاء كان أقل من الحصة الضرورية.
تقول والدته، التي كانت تعرض طفلها على طبيب في قسم التغذية الخاص بمعالجة سوء التغذية في مستشفى المخا العام، لـ”العين الإخبارية”، إن الهزال الذي يعاني منه “عبدالرحمن”، بدأ في عامه الأول، وكان ينظر إليه على أنه حالة شائعة بين الأطفال نظرا لعدم كفاية الحليب من ثدييها، لكن استمرار حالته بالتدهور دفعها إلى المجيء للمستشفى، وهناك تم تحويلها مع طفلها إلى قسم التغذية الخاص بمعالجة الأطفال المصابين بالمرض.
تظهر تصريحات الأم عدم وجود وعي كاف للأسر اليمنية بأهمية تغذية الأطفال بشكل جيد في سنواتهم العمرية الأولى، لتجنب إصابتهم بالمرض، إضافة إلى أن نوعية الغذاء المتوفر لا تحتوي على العناصر الغذائية المطلوب توفرها.
ويرى الدكتور أمين الشاذلي، المختص بمعالجة الأطفال المصابين بسوء التغذية بشقيه الحاد والوخيم، أن غياب الوعي يمثل مشكلة كبيرة، كما أن الفقر وعدم اهتمام الأسر بنوعية الغذاء، ينتج عنه ظهور الإصابات بين أطفالها بهذا المرض.
يضيف في حديثه لـ”العين الإخبارية”، أن الوعي المجتمعي ما يزال بعيداً عن حماية الأطفال من الإصابة بالمرض الذي يحمل نتائج كارثية مستقبلاً، سواء تعلّق الأمر بقدراتهم البدنية أو الذهنية.
ويواصل حديثه قائلاً إن الطفل الذي يصاب بسوء التغذية، يحمل جسماً ضعيفاً يكون عرضة للإصابة بالأمراض الأخرى، كما أنه يكون الأقل ذكاء مقارنة بأقرانه الأصحاء.
وتقول الدكتورة تقى الدميني، وهي طبيبة تعمل في مجال تقديم الرعاية الطبية للأطفال المصابين، إن ما يتراوح ما بين 50 إلى 60 طفلاً، يستقبلهم العاملون في قسم التغذية التابع لمستشفى المخا شهرياً.
وترى “الدميني”، التي كانت تتحدث وسط غرفة تم تزويدها بأجهزة تلطيف الهواء للأطفال المصابين، أن التعافي يظهر جلياً على الأطفال بعد خضوعهم للعلاج، لكن سرعان ما تظهر الأعراض على أطفال آخرين يأخذون أماكن أقرانهم المتعافين، في عملية دورية لا تنتهي.
وحسب تقارير الأمم المتحدة فإن حوالي 2.2 مليون طفل دون سن الخامسة، منهم 538,000 يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم، ومن المتوقع أن تعاني حوالي 1.3 مليون امرأة حامل ومرضعة من سوء التغذية الحاد خلال عام 2022.
وبفضل الدعم السخي المقدم من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية من خلال الصندوق الإغاثي للمجاعة، تمكنت يونيسف اليمن من دعم الخدمات المنقذة للحياة والتغذية الوقائية داخل أكثر من 2,500 عيادة للتغذية العلاجية، بالإضافة إلى دعم 170 فرقة متنقلة للوصول إلى ما يربو عن 90,000 طفل مصاب بسوء التغذية الحاد الوخيم حسب تقارير اليونيسف.
الوضع المعيشي المتفاقم الناتج عن حرب مليشيات الحوثي وما رافق ذلك من انهيار النظام الصحي في البلاد يعد سبباً رئيسياً في إصابة الأطفال بالمرض الذي يتسبب بالضرر في نمو الطفل البدني والعقلي، حيث تكون الأضرار مرافقة لحياة الطفل حتى الوفاة.