يتحاملون على قوات الحزام الأمني والنخب الأمنية في محافظات الجنوب بلا أي سبب سوى أن هذه القوات هزمت الجماعة الانقلابية، وطردت تنظيمي القاعدة وداعش من أراضي الجنوب.
أحد الزملاء المعتدلين جداً في أحد أكبر الأحزاب في تحالف الشرعية كان يشرح لزميله من أنصار الرئيس السابق صالح، إنه ما لم نكف عن المناكفات فسـ”يضيع وطن، وسنتحول جميعاً إلى عبيد رخاص للأحزمة والنخببة ومموليهم”.
لم يقل الزميل سنصبح عبيداً للحوثي وأتباعه وهم من يبحث عن عبيد، بل تفوه بما يخفيه قادته من الظنون بأن النخبة والحزام سيتخذون منهم عبيدا، وهو يعلم أن النخبة والحزام الأمني لم يسموا أنفسهم أسيادا حتى يبحثوا عن عبيد، بقدر ما يبحثون عن شركاء يحترمونهم ويبادلونهم الهم في بناء دولة المواطنة وفي مواجهة الإرهاب.
مازحت صديقي الذي تفلتت هذه العبارة من عقله الباطن مذكراً إياه بحديث دار بيني وبينه حول قضية الجنوب، وقلت له ” كيف ستكون عبداً لهم وأنت قد اقترحت إقامة جدار فولاذي بين الدولتين لا يسمح حتى بتسلل النمل؟؟”
زميلي المعتدل جداً لا يخفي أن القوات الجنوبية والقادمة من صفوف المقاومة الجنوبية التي حررت البلاد من الجماعات الحوثية وحلفائها في الانقلاب على الشرعية وأعادت الأرض لشرعية الرئيس هادي بعد أن تنكر له كل الذين يستثمرون اليوم باسمه، وهي نفسها التي دحرت قوات القاعدة وداعش من كل محافظات الجنوب، أقول لا يخفي زميلي أن هذه القوات هي الخصم الأول له وللحزب الذي يمثله، وأخشى فعلا أن تكون التسريبات التي تتحدث عن تصالح بين حزب الإصلاح والحركة الحوثية غير آتية من فراغ خصوصاً بعد أن صرّح بها الرجل الأول في السلطة الحوثية، وهو ما يفترض أن يجعل الرئيس هادي يعيد النظر في تحالفاته المفخخة التي قد تعيده إلا أجواء سبتمبر 2014م.
من المؤسف أن بعض القوى السياسية لا تكلف نفسها عناء السؤال: لماذا تتدهور سمعتها كل يوم؟ ولماذا تخسر المزيد من الأنصار وتكسب المزيد من الخصوم؟ وبشكل أدق لم تسأل نفسها : هل يمكن أن تخطئ؟ وأين أصابت وأين أخطأت؟ بل تؤمن بطهارتها وخلو سلوكها وسلوك قادتها من الخطأ ومن ثم تطلب من الناس أن يؤمنوا بما تقول به لمجرد أنها هي تؤمن به.
يا هؤلاء!!!
عصر الثورة الرقمية ليس عصر “الكُتّاب” و”سيدي الفقيه” والعالم اليوم يضع كل الحركات والسكنات تحت المجهر، ولم يعد أحد كائن من كان بقادر على غسيل الأدمغة وقولبة أفكار الناس حسب مشيئته، والكذب والتدليس والتضليل أصبح بضاعة كاسدة خسرت سوقها وانصرف عنها زبائنها، وإن صدقها البعض فلمرة أو مرتين.
النخب الأمنة والحزام الأمني بالنسبة للجنوبيين هي قوات مقاومة وطنية أثبتت قدرتها ووطنيتها على الأرض ولا تحتاج إلى من يقوم بالترويج لها فأفعالها ونجاحاتها كافية للشهادة لها، وهي تعبر عن إرادة شعب يمتد من صرفيت إلى باب المندب ، والذين يحلمون بمحوها إنما يحلمون بالعودة بالجنوب إلى 7/7/ 1994م، وهو حلم لا يشبهه إلا الرغبة في إعادة مياه النهر في الاتجاه المعاكس لجريانها.