نداء حضرموت-خاص
قالت 20 منظمة حقوقية وإنسانية في بيان مشترك صدر اليوم إن على الحكومات أن تدعم فورا عملية إنقاذ لمنع تسرّب مئات آلاف براميل النفط من ناقلة نفط عملاقة راسية قبالة الساحل اليمني في البحر الأحمر.
قد تنفجر الناقلة “صافر”، وهي سفينة مُعدّة لتخزين وتفريغ النفط راسية على بعد 32 ميلا بحريا من ميناء مدينة الحُديدة الرئيسية، في أي وقت، ما يهدد بكارثة بيئية وإنسانية وفقا لـ “الأمم المتحدة”. في 13 يونيو/حزيران، أعلنت الأمم المتحدة عدم إمكانية بدء عمليات الإنقاذ بسبب نقص التمويل وأطلقت حملة تمويل جماعي بقيمة 20 مليون دولار لسد فجوة التمويل.
وقال مايكل بَيج، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “غياب الاستعجال الس من جانب الحكومات قرّب اليمن بشكل خطير من كارثة إنسانية وبيئية جديدة. من غير المفهوم أن تضطر الأمم المتحدة الآن إلى جمع تمويل بقيمة 20 مليون دولار بينما قد تكون الأضرار المحتملة أكبر بألف مرة. ينبغي للمانحين أن يعملوا فورا بشكل حثيث لمعالجة هذا الخطر المحدق”.
وناقلة النفط صافر عالقة دون صيانة قبالة الساحل اليمني منذ 2015 وتحمل حوالي 1.14 مليون برميل من النفط الخام الخفيف – أربعة أضعاف كمية النفط التي تسربت من “إيكسون فالديز” في ألاسكا في 1989 وتكفي لجعل صافر خامس أكبر تسرّب نفطي في التاريخ. الناقلة العملاقة معرضة لخطر الانفجار الوشيك بسبب التآكل المتزايد نتيجة انعدام الصيانة – وصفها الرئيس السابق لشركة النفط اليمنية المالكة للناقلة لصحفي بأنها “قنبلة”– وأفادت الأمم المتحدة أنه مع التمويل اللازم، ستكون مستعدة لبدء عملية إنقاذ طارئة لنقل النفط إلى سفينة آمنة.
وتُقدّر الأمم المتحدة أن تكلفة تنظيف تسرب النفط من صافر ستكون 20 مليار دولار على الأقل، دون ذكر العواقب الاقتصادية الأوسع.
ووقّعت سلطات الحوثيين، التي تسيطر على الحُديدة، مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة في 5 مارس/آذار للموافقة على تسهيل خطة من مرحلتين تنسقها الأمم المتحدة لمنع وقوع كارثة. الخطوة الأولى هي نقل النفط من صافر إلى سفينة آمنة. تستغرق هذه العملية أربعة أشهر وستكلف 80 مليون دولار، ما يزال ربعها مطلوبا. تشمل المرحلة الثانية توفير سفينة بديلة خلال 18 شهرا. كلتا المرحلتين تحتاجان إلى ما مجموعه 144 مليون دولار.
واستخدام الوقود الأحفوري لا يُفاقم أزمة المناخ فحسب، بل يهدد استخراجه بسلسلة من الأضرار بالحقوق البيئية والإنسانية. قالت المنظمات إن هذه المخاطر أكبر في مناطق النزاع، مثل اليمن، بسبب تراجع الحوكمة البيئية والرقابة الحكومية نتيجة تقليص الميزانيات، أو تقييد الوصول أو غيرها من قضايا السلامة والأمن، إلى جانب احتمال وقوع هجمات متعمدة أو عَرَضية على مواقع الوقود الأحفوري.
وحذّرت الأمم المتحدة من أن عملية الإنقاذ الطارئة ستصبح أكثر خطورة بحلول أكتوبر/تشرين الأول مع زيادة الرياح العاتية والتيارات المتقلبة في البحر الأحمر.
وفي يوليو/تموز 2020، حذّر “برنامج الأمم المتحدة للبيئة” من أن تسرب النفط من السفينة قد يكون له “تأثير بيئي خطير وطويل الأمد” على أحد أهم مستودعات التنوع البيولوجي على الكوكب، وربما يدمر المستنقعات الساحلية، وأشجار المنغروف، والأعشاب البحرية، والشعاب المرجانية لأجيال.
وسيكون للدمار البيئي عواقب اقتصادية وخيمة طويلة الأمد على حوالي 28 مليون شخص في اليمن، والسعودية، وإريتريا، والسودان، ومصر، وجيبوتي، الذين يعتمدون على هذه المناطق في معيشتهم. نظرا إلى موقع صافر بالقرب من ممرات الشحن العالمية المهمة، فهناك العديد من العواقب الاقتصادية الضارة المحتملة الأخرى التي قد تنجم عن التسرّب.
وقد يؤدي تسرب النفط إلى إغلاق ميناء الحُديدة، ما يؤثر على ملايين اليمنيين المعتمدين على واردات الغذاء والسلع الأساسية الأخرى. يصل ما بين 80٪ و90٪ من الاحتياجات الأساسية لسكان اليمن عن طريق الواردات التجارية والمساعدات، والتي يدخل حوالي 70٪ منها عبر الحُديدة.
ولم تتمكن شركة “صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج” التي تديرها الدولة اليمنية، والتي تمتلك الناقلة صافر، من صيانة السفينة منذ 2015، ما تسبب بتآكلها. دخلت مياه البحر إلى حجرة محرك الناقلة العملاقة في مايو/أيار 2020، ما زاد المخاوف بشأن احتمال حدوث تسرب نفطي أو انفجار. قبل أن توقع سلطات الأمر الواقع التابعة للحوثيين مارس/آذار مع الأمم المتحدة للسماح بتنفيذ خطة إنقاذ، أعاقت وصول الأمم المتحدة إلى السفينة لسنوات.
وفي مايو/أيار، تعهد المانحون بتقديم 33 مليون دولار لدعم خطة الأمم المتحدة. شملت الجهات المانحة هولندا، وألمانيا، وبريطانيا، و”الاتحاد الأوروبي”، وقطر، والسويد، والنرويج، وفنلندا، وفرنسا، وسويسرا، ولوكسمبورغ. بحسب تقارير، التزمت الولايات المتحدة والسعودية أيضا بالتبرع لجهود الإنقاذ.
قال بَيْج: “التبرع بـ 20 مليون دولار اليوم لإنهاء خطر انفجار الناقلة صافر يعني تجنب كارثة ستكلف المليارات جراء التنظيف البيئي وحده، بينما ستكون التكاليف التي تمسّ حقوق الإنسان، والوضع الإنساني، والتكاليف البيئية الأخرى لا تُحصى”.