رغماً عن الحرب التي ابتدئت في اليمن بفعل انقلاب ميليشيا الحوثي منذ سبع سنوات، إلا أن الاقتصاد ظل موحداً في السنوات الأولى، فعلى سبيل المثال، ظلت أسعار القمح ذاتها في سائر أنحاء البلاد. لكن الوضع السابق تغير كثيراً منذ مطلع العام 2020. حيث بات اليمن مقسماً اليوم بشكل عام إلى منطقتين اقتصاديتين، واحدة يسيطر عليها الحوثيون، والثانية تمتد على جميع المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية.
إذاً لماذا انقسم الاقتصاد؟
إن الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي ليست حرباً عسكرية وسياسية وحسب بل إنها مثلت صراعاً اقتصادياً أيضاً. صراع قتل فيه من اليمنيين أكثر مما قتل على جبهات القتال.
لقد تطور الصراع الاقتصادي على عدة مراحل مختلفة. أولاً، في عام 2016 حيث نقلت الحكومة الشرعية مقر البنك المركزي اليمني من صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون إلى العاصمة عدن. رداً على ذلك، أقدم الحوثيون في نهاية عام 2019، على حظر تداول الريال اليمني الجديد الذي كانت الحكومة تطبعه منذ عام 2017 لدفع الرواتب وتكاليف أخرى.
وتقول دراسة لمجموعة الأزمات الدولية حول الصراع الاقتصادي في اليمن، إن الحوثيين أقدموا في العام 2017 على حظر أوراق العملة الجديدة، وأغرقوا المناطق ذات الكثافة السكانية الأقل فعلياً بأوراق العملة الجديدة التي كانت الحكومة قد طبعتها. وبدأ الريال بالانخفاض مقابل الدولار في المناطق الواقعة خارج سيطرة الحوثيين.
في حين أنه بحلول يونيو 2021 كان سعر دولار واحد في المناطق الخاضعة للحكومة يتجاوز بكثير سعره في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، حيث ظل سعر الصرف مستقراً نسبياً.
لقد تضافرت هذه الصراعات للسيطرة على الوقود والعملة لتعميق الكارثة الاقتصادية والإنسانية في اليمن وتعميق الانقسامات السياسية. كما أنها أحدثت آثاراً عكسية على الحكومة.
فيما تضاعفت أسعار الأغذية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة بوجه خاص، وارتفعت كلفة السلع الأساسية بشكل كبير جداً بحيث ارتفع سعر سلة الغذاء العادية التي تشتريها أسرة متوسطة إلى الضعف منذ يناير 2020 كما تضاعفت أسعار القمح أكثر في مناطق الحكومة منذ العام 2019. ورواتب معظم اليمنيين لم تعدَّل لتتناسب مع التضخم، وبالتالي فإن الأسعار تخفض القوة الشرائية للسكان إلى النصف.