هناك العديد من التفاصيل الموجودة داخل الألبسة المصممة والتي لا ننتبه لها عادة لاعتقادنا بأنها للزينة فقط ولا وظيفة لها. واحدة من هذه الأشياء هي عروات وأزرار أكمام السترات الرجالية، والتي يشار إليها أيضاً باسم أصفاد الجراحين في اللغة الإنجليزية Surgeon’s cuffs.
وعلى الرغم من الاعتقاد السائد بأن الأزرار هي دائماً للزينة فقط ولا تستخدم، لكن في الحقيقة أزرار الأكمام تعمل بالفعل في أغلب البدلات ويمكنك فتحها وإغلاقها خاصة في البدلات المميزة والمصنوعة بدقة.
لقد تغيرت مادة ووظائف الأزرار على مر السنين، وحتى اليوم، من الممكن أن تكون زخرفية وعملية في نفس الوقت. لكن لماذا يُشار إلى إليها باسم أصفاد الجراح وما الهدف من وجودها إن كنا أساساً لا نقوم بفتحها إلا نادراً؟
رافقنا في رحلة تاريخية لنتعرف على بعض التفاسير لسبب اختراع أزرار البدلات والأهداف التي خدمتها على مر العصور.
الأزرار للحفاظ على نظافة الأكمام ومنع الجنود من مسح أنوفهم
يعتقد البعض أن أزرار الأكمام تمت إضافتها في الأصل إلى زي البحرية البريطانية من قبل اللورد نيلسون لمنع الأعضاء الأدنى في الرتب من مسح أنوفهم على أكمامهم.
وهناك قصة مماثلة لها علاقة بفريدريك العظيم بروسيا ، الذي قيل إنه أصيب بخيبة أمل عندما كان يتفقد رجاله الذين كانت أكمامهم قذرة.
وعندما قيل له إن رجاله كانوا يمسحون وجوههم المتعرقة على أكمامهم، أمر بإضافة أزرار معدنية إلى الأطراف والتي ستخدش وجوههم وبالتالي تردعهم عن ذلك.
الأزرار في المعاطف في القرن السابع عشر
في الستينيات من القرن 17 ظهرت المعاطف الواسعة ذات الأكمام الفضفاضة والتي لها أزرار كثيرة تبدأ من أعلى الكم بالقرب من الكتفين بحيث يمكن للذراع أن يتحرك بحرية عند فك الأزرار دون الحاجة لخلع المعطف أو يتم إغلاقها لمزيد من الدفء.
مع الوقت تم تقليص الشكل العام للمعطف والأكمام ليصبحا أكثر ملاءمة للجسم. وبدلاً من أن تكون الأكمام طويلة جداً ومتدلية، أصبح يمكن طيها أو ثنيها من خلال تثبيتها بأزرار في باقي الكم.
بحلول سبعينيات القرن السابع عشر، بدأت الأساور في الخياطة على الأكمام كقطع منفصلة بأزرار مزخرفة تماماً تعكس الأزياء في ذلك الوقت، وبدأ الزي العسكري في دمجها. وبما أن تاريخ الزي العسكري موثق جيداً، فمن الأسهل تتبع تطور الأساور والأزرار من هنا.
الأزرار في الزي العسكري البريطاني في القرن الـ18
تشتهر السترات في القرن الثامن عشر بأزرار متعددة مزخرفة بعناية مع أكمام أكثر ملاءمة لحجم الذراع. يتضح هذا بشكل خاص في الزي العسكري البريطاني، حيث تم الانتقال من الصفوف الأفقية من الأزرار الكثيرة على طول الذراع إلى أزرار تفتح أسفل المعصم بأزرار عمودية.
هذه الأنماط كانت عملية؛ مما يسمح بالضغط على الأزرار وفكها والمزيد من الحركة بشكل عام.
بحلول نهاية القرن الثامن عشر، استمرت البدلات الرسمية في وضع الأزرار الزخرفية وتم تقليص حجم أكمام السترات بشكل أكبر حول المعصم بحلول بداية القرن التاسع عشر وبدأت تتميز بعدد أقل من الأزرار بشكل عام.
لكن في أواخر القرن الثامن عشر، بدأ الخياطون المشهورون في التجمع في منطقة سافيل رو في لندن وسرعان ما بدأوا في صنع البدلات للأثرياء المحليين الذين كانوا يطلبون ملابس رسمية، وبالتالي، كان هناك المزيد من التركيز على الجوانب الزخرفية، مثل الأزرار.
القرن الـ19، تفسير منطقي لتسمية أزرار الأكمام بأصفاد الجراح
اشتهر شارع سافيل رو في لندن عالمياً بالخياطة، لكنه كان في الأصل مركزاً لمنازل وعمل الكثير من الجراحين. ومع خروج الجراحين وانتقال الخياطين للعمل فيه، بدأ الخياطون بصنع بدلات الأطباء- وكان العنصر الأساسي لسترة الجراح هو أزرار الأكمام.
في تلك الحقبة، لم يُرَ الرجال المحترمون أبدًا بدون سترة، بما في ذلك الجراحين، الذين كانوا يخرجون إلى الميدان حتى بملابسهم الكاملة. وبسبب هذا، كانت أكمامهم قذرة في كثير من الأحيان لعدم قدرتهم على رفع أكمام سترتهم لأعلى الذراع.
كانت أزرار الأكمام ضرورية لتساعد الطبيب للرفع عن سواعده والاهتمام بالمرضى. واليوم لا تزال التسمية المستوحاة موجودة وتعرف باسم Surgeon’s Cuffs. تشير الأزرار إلى أن السترة مميزة ومصنوعة حسب الطلب أو ذات جودة عالية، كما يشير موقع Oliver Brown المختص بتصميم الألبسة والخياطة.
ومع ارتباط أزرار الأكمام ارتباطاً وثيقاً بالجودة والثروة، بدأ العديد من الخياطين ومصنعي البدلات، حتى أولئك الذين ليسوا في لندن، في تضمين أزرار على أكمام ستراتهم.
مع تحسن التكنولوجيا بمرور الوقت، أصبحت آلات الخياطة قادرة على تنفيذ غرز العراوي وأصبح من السهل إضافة العراوي والأزرار.
وبالطبع لم يعد الجراحون يرتدون أنماط السترات التقليدية عند الجراحة على الإطلاق مما قلل الحاجة العملية لها إلى حد كبير. ولكن، مع زيادة الوعي بالعلاقة التاريخية بين أزرار الأكمام والجودة العالية، بدأت العديد من العلامات التجارية للبدلات الجاهزة في دمج العروات والأزرار في ستراتهم.