نداء نيوز – منوعات
يعد مرض الإيدز من أكثر الأمراض الفيروسية خطورةً، حيث تكمن خطورته بعدم توافر علاج كامل له حتى الآن، إضافة إلى سهولة انتشاره.
خاصة في المجتمعات التي لا تملك الوعي الكافي بطريقة انتقال العدوى من الأشخاص المصابين إلى غير المصابين.
فالبعض يعتقدون أن العلاقات الجنسية هي الناقل الوحيد للإيدز، في هذه المادة؛ سنسلط الضوء على فيروس (HIV) المسبب لمرض الايدز، وطرق انتقال الفيروس، إضافة إلى طريقة تعامل المجتمع مع المصابين بمرض الإيدز.
ما هو مرض نقص المناعة المكتسبة، الإيدز؟
عرف الإنسان ما لا يعد، ولا يحصى، من الأمراض السارية والمُعدية، منها ما فتك بأعداد كبيرة من الناس، وأبرزها الطاعون، الكوليرا، إضافة إلى الملاريا والحصبة…إلخ.
لكنَّ الإنسان تمكن من السيطرة على معظم هذه الأمراض، عن طريق تفعيل أساليب الوقاية منها، وابتكار الأدوية الفعالة في مواجهتها.
إضافة إلى اللقاحات التي جعلت من الأمراض القاتلة، أمراضاً متوسطةَ الخطورة، لكنَّ مرضاً مستعصياً ما زال يهدد البشرية كلها، لم يتمكن الطب من الوصول إلى دواء له حتى الآن.
حيث يتصدر قائمة الأمراض القاتلة، التي تكون الوقاية منها هي الحل الوحيد، إنَّه الإيدز.
تعريف مرض الإيدز
ينتج مرض الإيدز عن الإصابة بفيروس (HIV)، والإيدز هو ما يطلق على المرحلة المتقدمة من تطور الفيروس، حيث يتسبب هذا الفيروس بما يطلق عليه (عوز المناعة المكتسب) أو (العوز المناعي البشري أو نقص المناعة المكتسبة).
فيصيب المرض خلايا الجهاز المناعي لدى الإنسان، ويدمر قدرة الجهاز المناعي بشكل تدريجي، حتى يصل المريض إلى مرحلة العوز المناعي، التي تتميز بانعدام قدرة المناعة على أداء وظيفتها.
فتصبح حياة المريض مهددة أمام أبسط الأمراض، وهذا ما يطلق عليه (العدوى الانتهازية) التي سنشرحها لاحقاً، ولتطور الفيروس مرحلتين أساسيتين، HIV1، وHIV2 وهي الأكثر خطورة، لكن كيف وصل فيروس الإيدز إلى الإنسان؟
أصل فيروس الإيدز وطريقة وصوله للإنسان
يعود اكتشاف فيروس الإيدز إلى الفترة بين عام 1952 وعام 1972، حيث تعرف الأطباء على عدة حالات مشتبه بها منذ مطلع القرن العشرين.
لكن أولى الحالات الموثقة تم اكتشافها عام 1960، حيث احتفظ الأطباء بعينة دم أُخذت من أحد الرجال الذين يسكنون في مستعمرة الكونغو البلجيكية (Léopoldville, Belgian Congo)، التي تقع غربي أفريقيا الوسطى، جنوب السودان.
ثم تم الحصول على عينة من امرأة مصابة بالفيروس تعيش في نفس المكان، كما أحصى الأطباء عدة حالات قضت نتيجة إصابتها بمرض الإيدز.
منها بحار نرويجي مع ابنته وزوجته، ماتوا جميعاً نتيجة إصابتهم بالفيروس عام 1975، وقد ظهرت أولى الأعراض على عائلة البحار عام 1969، علماً أنَّه قد قضى عدة سنوات في سواحل غرب أفريقيا الوسطى.
أصل فيروس الإيدز
يرجح العلماء والأطباء، أن فيروس (HIV) الذي أصاب الإنسان والمسبب لمرض الإيدز، هو انتقال لفيروس (الإيدز القردي) الذي يعرف أيضاً (عوز المناعة لدى القِردة)، ويشار إليه بالاختصار (SIV)، فهو من الفيروسات حيوانية المنشأ.
التي انتقلت من الحيوان إلى الإنسان، كما تعتبر القرود البرية والشمبانزي التي تعيش غرب أفريقيا الوسطى.
هي الناقل الرئيسي لفيروس الإيدز، والأرجح أنَّ هذا الانتقال حصل مع بداية القرن العشرين، من القردة في (الكونجو، والكاميرون) إلى الإنسان.
وما تزال الأبحاث قائمة في تحديد تاريخ انتشار الفيروس، وطريقة انتقاله من الحيوانات إلى البشر.
ما الذي يحصل بعد أنْ يدمِّر الإيدز مناعة المصاب؟
لا يكون الإيدز هو بحد ذاته القاتل، بل هو الوسيط لأمراض أخرى، فالإيدز كما ذكرنا يقوم بتدمير الجهاز المناعي للمصاب، بحيث يصبح عرضة للإصابة بمجموعة كبيرة من الأمراض.
التي يطلق عليها في هذه الحالة (العدوى الانتهازية)، لأن هذه الأمراض تستغل عوز المناعة البشري، حيث تصنف منظمة الصحة العالمية أكثر من عشرين عدوى تعتبرها من العدوى الانتهازية.
إضافة إلى السرطانات الناتجة عن الإصابة بالإيدز، كما تشير المنظمة إلى أنَّ السل يعتبر من أخطر أنواع العدوى الانتهازية، حيث يقضي على 390 ألف شخص من المتعايشين مع الإيدز سنوياً.
كيف ينتقل فيروس الإيدز من مصاب إلى سليم؟
ينتقل فيروس (HIV) المسبب لمرض الإيدز من الإنسان المصاب إلى الإنسان السليم عبر انتقال سوائل جسم المصاب التي تحمل الفيروس إلى جسم الشخص السليم، وهذه السوائل هي:الدم السائل المنويّ ومفرزات القضيب الذكري. السوائل المخاطية للشرج والمستقيم. السوائل المهبلية. حليب الثدي.
انتقال الإيدز عبر العلاقات الجنسية
هناك الكثير من الإشاعات حول كيفية انتقال الإيدز عبر العلاقات الجنسية، أو حول ممارسات جنسية معينة مسؤولة عن انتقال الفيروس، مقابل ممارسات آمنة.
لكن الثابت علمياً أنَّ جميع الممارسات الجنسية غير المحمية، تعتبر مجالاً حيوياً لانتقال فيروس الإيدز، ما دام هناك قابلية لانتقال السوائل المذكورة سابقاً، جميعها أو أحدها، فالإيدز ينتقل عبر:الممارسة الجنسية المهبلية. الممارسة الجنسية الشرجية. الممارسة الجنسية الفموية.
انتقال الإيدز عبر الدم وحليب الأمَّهات
كذلك يعتبر انتقال الإيدز عبر الدم أمراً مفروغاً منه، فإن أي عينة من دم المريض تمتزج بدم السليم، كفيلة بنقل العدوى إليه.
كما تعتبر أكثر الطرق شيوعاً لانتقال الفيروس عبر الدم، هي الاشتراك في الحقن الخاصة بتعاطي المخدرات، أو الإهمال في تعقيم الأدوات الجراحة، أو أدوات الحلاقة.
كما ترتفع نسبة نقل الفيروس من الأمّ الحامل إلى جنينها، إما أثناء الحمل، أو الوالدة، أو بالإرضاع، وسنأتي على ذكر أساليب الوقاية.
طرق الوقاية من العدوى بمرض الإيدز
إن تجنب أسباب الإصابة، هو الوقاية الوحيدة من الإيدز، حيث يجب على الإنسان أن يتبع بعض القواعد الأساسية في حياته اليومية، ليتجنب الإصابة بفيروس (HIV):الامتناع عن الممارسات الجنسية غير الآمنة، سواء كانت فموية، أم شرجية، أم مهبلية. واستخدام وسائل الوقاية المعروفة، علماً أنَّها تخفض نسبة انتقال العدوى بدرجة كبيرة، لكن لا يمكن الاعتماد عليها كلياً. يعتبر الإخلاص للشريك، وعدم الدخول بعلاقات جنسية غير مشروعة، من أهم طرق الوقاية من فيروس الإيدز. الابتعاد عن تعاطي المخدرات، والامتناع التام عن مشاركة الحقن لأي سبب كان، فالحقنة تستخدم من قبل شخص واحد فقط، ولمرةٍ واحدةٍ فقط، كما أنَّ 10% من المصابين بالإيدز، انتقل إليهم الفيروس عبر تعاطي المخدرات بالحقن المشتركة. يجب على الأطباء والعاملين في المستشفيات التأكد من تعقيم الأدوات الجراحية بشكل كامل؛ يكفل عدم انتقال أي فيروس أو جرثومة لأشخاص جدد، كما ستلاحظ أنَّ أطباء الأسنان يولون أهمية فائقة لتعقيم أدواتهم. إضافة إلى الحقن والأدوات الجراحية يجب أن تأخذوا حذركم من أي أدوات ثاقبة أخرى، مثل أدوات ثقب الأذن، والإبر، إضافة إلى شفرات الحلاقة، وماكينات الحلاقة الكهربائية، وتذكروا أنَّ فرشاة الأسنان للاستعمال الشخصي فقط. لا يوجد طريقة للتأكد من الإصابة بفيروس الإيدز إلا إجراء الفحص الخاص بالفيروس، حيث تختلط أعراض الفيروس مع عدة أعراض لأمراض أخرى، كما تختلف فترة حضانته من شخص لآخر، علماً أنَّ هناك أجهزة متوفرة للفحص المنزلي. تذكر دائماً، أنَّ جميع الأدوية المتوفرة لفيروس الإيدز هي من باب الوقاية من العدوى الانتهازية، ولا يوجد علاج كامل ونهائي لمرض الإيدز، كما يعتبر مرضاً قاتلاً وفتاكاً، إلا بحالات نادرة تخضع لمراقبة صحية شديدة، الهدف منها منع إصابة المريض بالعدوى الانتهازية. تشير منظمة الصحة العالمية في تقريرها حول برنامج ختان الذكور في كينيا، إلى أنَّ ختان الذكور يساهم في التقليل من فرص الإصابة بفيروس الإيدز، ما جعلها تقيم عدة برامج في الدول الإفريقية لختان الذكور.
كيف يجب أن يتعامل المجتمع مع مرضى الإيدز؟
39,8 مليون شخص يتعايشون مع فيروس الإيدز حول العالم حسب تقرير جمعية مكافحة الإيدز التابعة لمنظمة الأمم المتحدة عام 2016، منهم حوالي 1,2مليون شخص تعرضوا للإصابة حديثاً عام 2015.
كما أنَّ هناك العديد من المؤسسات والجمعيات الحكومية وغير الحكومية، التي تقوم برعايتهم وتقديم الأدوية اللازمة لحمايتهم من العدوى الانتهازية.
لكن هؤلاء المرضى يعانون من بعض المصاعب في الاندماج مع المجتمع، نتيجة النظرة السلبية تجاه المصاب بفيروس HIV.
وتسعى المنظمات والجمعيات المعنية بأمرهم إلى مساعدتهم على الاستمرار بعيش حياة طبيعية، من خلال برامج التوعية بطبيعة المرض، وسنذكر بعض أهم الأمور التي يحب أنَّ يعيها المجتمع بالتعامل مع مرضى الإيدز:كما ذكرنا؛ فإن العلاقات الجنسية (غير المشروعة) ليست السبب الوحيد لانتقال فيروس الإيدز. أيضاً؛ فإن الإنسان معرض للإصابة بالفيروس بإحدى الطرق المذكورة، ولا يوجد أي طفرة جينية مسجلة قد تحول دون ذلك. لا يمكن أن تنتقل العدوى إلى الشخص السليم إلا بالطرق المذكورة سابقاً، أي أن الاحتكاك المباشر مع المريض لا يمكن أن ينقل العدوى، إذا لم يحصل انتقال للسوائل الحاملة للفيروس؛ بإمكانك مصافحته. بإمكان المصاب بفيروس الإيدز أن يعيش سنوات طويلة، بمساعدة الأدوية المضادة للعدوى الانتهازية، يجب على المجتمع أن يساعده لتكون حياته طبيعية. يجب الاستفادة من تجربة مرضى الإيدز، لنشر الوعي بين الأطفال والمراهقين، بطرق تجنب الإصابة بالفيروس، والوقاية الكاملة من خطورته.
ختاماً… ما تزال محاولات الكشف عن علاج نهائي للإيدز جارية حتى الآن، ويعتبر الالتزام بالقواعد الأخلاقية للمجتمع، ومراعاة عامل الوقاية، من أبرز أساليب تجنب المرض، كما يعتبر الإخلاص بين الشريكين، تجنب لعقوبة الخيانة.