نداء حضرموت – متابعات
تواجه الجهود الأممية والدولية لحل الأزمة اليمنية، لا سيما التي تبذلها سلطنة عمان، تعقيدات كبيرة، في ظل استمرار التصعيد العسكري في عدد من جبهات القتال، وتشبث أطراف النزاع بمواقفها تجاه الحل السياسي.
ومنذ أشهر، كثفت مسقط جهودها لحل الأزمة اليمنية، في محاولة لإحداث خرق في جدارها، وجمع الأطراف على طاولة مشاورات واحدة بغية التوصل إلى حل سلمي.
إلى جانب علاقاتها الجيدة مع السعودية وجماعة الحوثي، استفادت عمان من “سمة الحياد والنأي بالنفس” التي تميز سياستها الخارجية، للدخول كوسيط فاعل في الملف اليمني.
وبإطلاق السعودية مبادرة سياسية للحل أواخر مارس الماضي، وجدت مسقط مساحة مناسبة لتكثيف جهودها الدبلوماسية في اليمن.
وتوجت هذه الجهود بزيارة قام بها وفد عماني رفيع المستوى إلى العاصمة اليمنية صنعاء، الخاضعة لسلطة ميليشيات الحوثي، في 6 يونيو الجاري.
وأجرى الوفد العماني خلال الزيارة، مباحثات مع زعيم الجماعة المتمردة عبدالملك الحوثي، ورئيس مجلسها السياسي الأعلى (بمثابة الرئاسة) مهدي المشاط.
ولا تزال نتائج الزيارة يكتنفها الغموض حتى الآن، في ظل إشارات متزايدة إلى تعثر هذه الجهود، واصطدامها بتعقيدات عدة، سياسية وميدانية.
وكشفت المباحثات ذات الصلة بالملف اليمني، إضافة إلى التصريحات السياسية لطرفي النزاع، عن نقطة خلاف رئيسية تحول دون تحقيق تقدم في مسار جهود حل الأزمة.
وتتركز هذه النقطة في تمسك كل طرف برؤيته للحل، وإغلاق الباب أمام أي مقترحات من شأنها حث الطرفين على تقديم تنازلات لدفع عملية السلام قدما، وأدى ذلك إلى تعقيد جهود الوساطة العمانية، التي تحظى بدعم أممي ودولي كبير.
ومنتصف يونيو الجاري، أبدى المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث، امتعاضه من تشدد الأطراف في التمسك بمواقفها، قائلا “إنها (الأطراف) غير قادرة على تجاوز خلافاتها”.
وأوضح غريفيث، خلال إفادة أخيرة أمام مجلس الأمن، أنه بينما تصر جماعة الحوثي على اتفاق منفصل بشأن الموانئ والمطارات شرطا مسبقا لوقف إطلاق النار وبدء العملية السياسية، تصر الحكومة على تطبيق كل الإجراءات حزمة واحدة، بما فيها بدء وقف إطلاق النار.
وقال نبيل البكيري الباحث والمحلل السياسي اليمني إن جهود الوساطة العمانية وصلت إلى طريق مسدود، شأنها شأن كل الجهود الأممية والدولية السابقة.
وأوضح البكيري، أن الوفد العماني المكلف من واشنطن بالتواصل مع الحوثيين غادر صنعاء دون أن يدلي بأي تصريحات حول نتائج مباحثاته مع زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، مضيفا أن ذلك “يشير إلى انسداد الأفق في مسار الجهود الهادفة لإقناع جماعة الحوثي بالسلام”.
وحول مستقبل الجهود العمانية لحل الأزمة، اعتبر البكيري أن نجاحها مرتبط بانطلاقها من مضامين القرار الأممي 2216 بشأن الأزمة اليمنية.
ويتضمن قرار مجلس الأمن رقم 2216 دعوة الحوثيين إلى الكف عن استخدام العنف وسحب قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها، بما في ذلك العاصمة صنعاء.
وينص أيضا على دعوتهم إلى “التخلي عن جميع الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية، والتوقف عن الأعمال التي تندرج ضمن نطاق صلاحيات الحكومة الشرعية، والامتناع عن أي تهديد أو استفزاز للدول المجاورة”.
ورأى البكيري أن القرار 2216 يعد “مقدمة مهمة وضعت من خلالها أساس الحل، وتجاوزه سيؤدي إلى إخفاق تام في فهم جذور الأزمة اليمنية”.
والجمعة، بحث مبعوث الولايات المتحدة إلى اليمن تيم ليندر كينغ، مع مسؤولين عمانيين جهود حل الأزمة في اليمن، وفق بيان لوزارة الخارجية الأميركية.
وناقش كينغ مع سفير مسقط في واشنطن حمدان الطائي، ووكيل وزارة الخارجية العمانية خليفة الحارثي الخطوات المقبلة لإنهاء الصراع قي اليمن.
ورحبت الوزارة، وفق البيان، “بالجهود العمانية، بما في ذلك الزيارة الأخيرة لوفدها إلى صنعاء، من أجل دفع الحوثيين للمشاركة في مشاورات متقدمة حول خطة أممية لوقف إطلاق النار وإحياء العملية السياسية”.
واعتبر الكاتب اليمني يعقوب العتواني، الدعم الأميركي لجهود مسقط “غير كاف لتحقيق وقف إطلاق نار شامل ودفع عملية السلام”.
وأوضح أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، “أظهرت نظرة قاصرة حيال تعقيدات الملف اليمني، إذ كانت تعتقد أن وقف بيع الأسلحة للسعودية، ورفع الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية، كاف لإغلاق ملف الحرب”.
ورأى العتواني، أن “نجاح جهود عمان، المدعومة أميركيا، مرتبطة بصدور إجراءات رادعة من واشنطن ضد الحوثيين لدفعهم نحو السلام”.
ويشهد اليمن حربا منذ نحو 7 سنوات، أودت بحياة أكثر من 233 ألف شخص، وبات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.
وللنزاع امتدادات إقليمية، فمنذ مارس2015، ينفذ تحالف بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية دعما للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على عدة محافظات، بينها العاصمة صنعاء.